اقتصاد

النشاط الاقتصادي العالمي يشهد مرونة مدهشة

كتبت – آية محمد

كان النشاط الاقتصادي مرنًا بشكل مدهش خلال فترة الانكماش العالمي 2022-2023.

ومع انخفاض التضخم العالمي عن ذروته منتصف 2022، نما النشاط الاقتصادي بشكل مطرد، متحديًا التحذيرات من الانكماش الضخمي والركود العالمي.

وأوضح تقرير صندوق النقد الدولى، أن الوظائف والدخل واصلا النمو بثبات، مما يعكس التطورات الداعمة للطلب، بما فيها الإنفاق الحكومي واستهلاك الأسر بشكل أكبر من المتوقع، والتوسع في جانب العرض وسط زيادة غير متوقعة في المشاركة في القوى العاملة.

وتعكس المرونة الاقتصادية غير المتوقعة، رغم رفع البنوك المركزية لأسعار الفائدة بشكل كبير بهدف استعادة استقرار الأسعار، قدرة الأسر في الاقتصادات المتقدمة الكبرى على الاستفادة من المدخرات الكبيرة التي تراكمت خلال الجائحة.

إضافة إلى ذلك، أدت التغيرات في أسواق الرهن العقاري والإسكان خلال العقد السابق للجائحة، الذي يتسم بانخفاض أسعار الفائدة، إلى تخفيف تأثير ارتفاع أسعار الفائدة على المدى القريب.

ومع اقتراب التضخم من المستويات المستهدفة وتحول البنوك المركزية نحو تخفيف السياسات في كثير من الاقتصادات، من المتوقع أن يؤثر تشديد السياسات المالية الرامية للحد من ارتفاع الديون الحكومية، مع زيادة الضرائب وانخفاض الإنفاق الحكومي، على النمو.

ونقح الصندوق توقعاته لعام 2024 بزيادة قدرها 0.1 نقطة مئوية عما كانت عليه في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر في يناير 2024، وبـ0.3 نقطة مئوية عن تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر في أكتوبر 2023.

رفع صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو العالمي بشكل طفيف لعام 2024 إلى 3.2%، وفقًا لأحدث تقرير لآفاق الاقتصاد العالمي نُشر الثلاثاء.

ولا شك أن وتيرة التوسع منخفضة بالمعايير التاريخية، وذلك بسبب عوامل مثل تكاليف الاقتراض التي لاتزال مرتفعة وسحب الدعم المالي، والتأثيرات الأطول أمداً الناجمة عن الجائحة والحرب الروسية الأوكرانية، وضعف النمو في الإنتاجية، وزيادة التجزئة الجيواقتصادية.

ومن المتوقع أن ينخفض التضخم الإجمالي العالمي من متوسط سنوي قدره 6.8% في 2023 إلى 5.9% في 2024 و4.5% في 2025، مع عودة الاقتصادات المتقدمة إلى أهداف التضخم في وقت أقرب من اقتصادات الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية.

 

وتعكس التوقعات الاقتصادية الضعيفة نسبيًا على المدى المتوسط انخفاض النمو في الناتج المحلي الإجمالي لكل شخص، وهو ما يرجع بشكل خاص إلى الاحتكاكات الهيكلية المستمرة التي تمنع رأس المال والعمالة من الانتقال إلى الشركات المنتجة.

أصبحت المخاطر التي تهدد الآفاق العالمية الآن متوازنة على نطاق واسع، وعلى الجانب السلبي، فإن الارتفاعات الجديدة في الأسعار الناجمة عن التوترات الجيوسياسية، بما فيها تلك الناجمة عن الحرب في أوكرانيا والصراع في غزة وإسرائيل، يمكن أن تؤدي، بجانب التضخم الأساسي المستمر، حيث لاتزال أسواق العمل متشددة، إلى رفع توقعات أسعار الفائدة وخفض أسعار الأصول.

ومن الممكن أن تكون لأسعار الفائدة المرتفعة تأثيرات أعظم مما هو متصور مع إعادة ضبط القروض العقارية ذات الفائدة الثابتة ومواجهة الأسر للديون المرتفعة، مما يؤدي إلى ضغوط مالية.

وفي الصين، ربما يتعثر النمو دون استجابة شاملة لقطاع العقارات المضطرب، وهذا أمر من شأنه أن يلحق الضرر بالشركاء التجاريين.

وعلى الجانب الإيجابي، فإن السياسة المالية الأكثر مرونة من اللازم والمفترضة في التوقعات يمكن أن تؤدي إلى زيادة النشاط الاقتصادي في المدى القصير، رغم المخاطرة بتعديل السياسات بشكل أكثر تكلفة في وقت لاحق.

وربما ينخفض التضخم بشكل أسرع من المتوقع وسط مزيد من المكاسب في المشاركة في القوى العاملة، مما يسمح للبنوك المركزية بتقديم خطط التيسير النقدي، ومن الممكن أيضًا أن يؤدي الذكاء الاصطناعي والإصلاحات الهيكلية الأقوى من المتوقع إلى تحفيز الإنتاجية.

ومع اقتراب الاقتصاد العالمي من الهبوط السلس، فإن الأولوية في الأمد القريب بالنسبة للبنوك المركزية تتلخص في ضمان تراجع التضخم بسلاسة، من خلال عدم تخفيف السياسات قبل الأوان أو تأخيرها لفترة أطول مما ينبغي والتسبب في عدم تحقيق الأهداف المستهدفة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى