الموقعتحقيقات وتقارير

الثراء السريع.. الصعود إلى هاوية الاحتيال.. كيف يقع المواطن فريسة للنصب الإلكتروني؟

بعد سقوط عصابة البلوجر سلمى الغزولي.. ما هي كروت الشحن الدولارية؟

خبير تكنولوجيا المعلومات: التكنولوجيا الرقمية سهلت عملية النصب.. و”الجهل الإلكتروني” السبب

قانوني: عقوبة النصب الإلكتروني 3 سنوات والشروع في النصب لا يتجاوز سنة

أستاذ علم اجتماع: السيطرة على المحتالين على السوشيال ميديا أمر صعب.. ويعتمدون على علامات تجارية مألوفة لزيادة المصداقية

تحقيق- دعاء رسلان

على الرغم من تكرار التحذير من مغبة الوقوع ضحية لبعض معدومي الضمير من الأفراد والشركات، الذين يستخدمون حيلا مختلفة، للاستيلاء على أموال المواطنين بزعم توظيفها، وجنى أرباح طائلة، إلا أنه لا تزال أجهزة الأمن تكشف عن وقائع نصب على المواطنين، والتي جاءت آخرها واقعة البلوجر سلمى الغزولي، التي استولت على ما يقرب من 100 مليون جنيه من خلال النصب الإلكتروني على رواد السوشيال ميديا.

في واحدة من أكبر عمليات النصب الإلكتروني التي وقعت خلال الآونة الأخيرة، تصدرت البلوجر الشهيرة سلمى الغزولي وشقيقيها و3 من أخوالها، الذين كونوا تشكيلا عصابيا ونصبوا على المواطنين في مبلغ 99 مليون جنيه، حسبما كشفت وزارة الداخلية في بيان لها.

  القصة الكاملة لواقعة نصب البلوجر سلمى الغزولي على المواطنين

بدأت قصة نصب البلوجر سلمى الغزولي وعصابتها على المواطنين، مع طمع البعض في تحقيق حلم الثراء السريع من جانب البعض، وحب امتلاك البعض الآخر ما يسمى “الجيفت كارد”، وهو يشبه كروت الشحن الخاصة بشركات المحمول ويكون فيها مبالغ مالية بالدولار.

استغلت البلوجر الشهيرة المقيمة في محافظة المنوفية حاجة البعض لشراء الملابس ومستحضرات التجميل، التي تنتجها شركات صينية، ولكنهم غير قادرين على التواصل بشكل مباشر مع الشركات، وأخبرتهم بأنها يمكنها التعامل كوسيط مع هذه الشركات وإحضار المنتجات ولكن حال دون ذلك منع الشراء “أون لاين” بالدولار.

وقع المئات من الضحايا الذين تنوعت مستوياتهم الاجتماعية بين مواطنين عاديين وتجار متخصصين في بيع الملابس والمكياج، في فخ البلوجر سلمى الغزولي وعصابتها، واستطاعت جمع 99 مليون جنيه في غضون شهرين، من خلال تطبيق “انستا باي” ثم اختفت، حسبما أجمعت آراء العديد من ضحايا البلوجر الشهيرة.

كان الموعد المحدد من البلوجر سلمى الغزولي تسليم ضحاياها البضائع وكروت الشحن الدولارية “الجيفت كارد”، في يوم 2 فبراير الجاري، وعقب مرور 3 أيام من الموعد، اكتشف أكثر من 2000 سيدة وشاب وقوعهم في فخ النصب عليهم، وتبادلوا فيما بينهم تسجيلًا صوتيًا منسوبا ل”الغزولي” تقول فيه: “اطمئنوا الفلوس موجودة معايا”

مع تكرار البلاغات والمحاضر التي حررها الضحايا في مراكز الشرطة ضد البلوجر سلمى الغزولي، نجحت الأجهزة الأمنية في القبض عليها و4 آخرين؛ لتكوينهم تشكيلًا عصابيًا في محافظة المنوفية تخصص في النصب والاحتيال على المواطنين، والاستيلاء على أموالهم بزعم استثمارها في تجارة الملابس، عبر منصات التواصل الاجتماعي.

وكشفت وزارة الداخلية أن التشكيل العصابي، الذي تتزعمه البلوجر الشهيرة استولى على 99 مليون جنيه من المواطنين في منطقة أشمون وحدها، إذ تلقى قسم شرطة أشمون التابع لمديرية أمن المنوفية بلاغات من عدد من المواطنين يعملون في التسويق، عبر منصات التواصل الاجتماعى، بتضررهم من 5 أشخاص، مقيمين بدائرة المركز؛ لقيامهم بالنصب عليهم والتحصل منهم على مبالغ مالية بلغت أكثر من 99 مليون جنيه مقابل شراء ملابس لتسويقها من خلال التواصل الاجتماعي “فيسبوك” دون الوفاء بذلك.

وأسفرت تحريات قطاع الأمن العام بمشاركة مديريتي أمن الجيزة والمنوفية عن تحديد أماكن تواجد المتهمين وجرى ضبطهم، وبمواجهتهم اعترفوا بارتكابهم الواقعة وتحصيل المبالغ المالية المشار إليها مقابل استيراد ملابس من الخارج لصالح القائمين بعمليات التسويق الإلكتروني، وأقر المتهمون بترويج نشاطهم من خلال موقع “فيسبوك”، وعدم وفائهم بالتزاماتهم وغلق حساباتهم المستخدمة في ذلك على منصات التواصل الاجتماعي.

نرشح لك : في اليوم العالمي للاستخدام الآمن للإنترنت.. «قوم اطمن على حسابك»

وبالتزامن مع وقوع أكثر من 2000 ضحية لنصب عصابة البلوجر سلمى الغزولي، تساءل الكثيرون عن ماهية كروت الشحن الدولارية أو ما يسمى ب “جيفت كارد”، وذلك بعد تهافت المواطنين عليها.

 ما هي كروت الشحن الدولارية؟

كروت الشحن الدولارية “الجيفت كارد”، هي دولارات مجمدة ويتم الاحتفاظ بها ثم بيعها فيما بعد بأسعار مرتفعة سواء لتجار يريدون الشراء من الشركة الصينية، وهو ما يعد شكلا من أشكال الاستغلال لارتفاع سعر العملة الأمريكية مقابل الجنيه المصري أو البيع لدى آخرين خارج البلاد.

 التكولوجيا في مواجهة خطر النصب الإلكتروني

في هذا الصدد، قال المهندس رامي عبد المنعم، خبير تكنولوجيا المعلومات، إن التكنولوجيا الرقمية تعد سلاحا ذو حدين، فهي كما سهلت العديد من الخدمات على المواطنين في مختلف المجالات، خصوصا فيما يتعلق بالأموال، إلا أنها سهلت عملية النصب، وذلك نتيجة قلة خبرة البعض أو جهلهم بأمور الحماية الإلكترونية.

وتابع خبير تكنولوجيا المعلومات لـ”الموقع” أن النصب الإلكتروني أضحى يستهدف مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك من خلال إرسال إعلانات له تشتمل على روابط مزيفة فتظهر كما لو كانت من بنك أو جهة رسمية، وقد تصل الرسالة عبر صورة تُرسل على أحد التطبيقات في هاتف الضحية، مؤكدا أن هذه الأساليب تعد قرصنة إلكترونية، وفي تلك الحالة يتم الوصول إلى البيانات الموجودة على الهاتف والكلمات السرية لفتح الحسابات البنكية عليه.

وكشف أن واحدا من أساليب النصب الإلكتروني يأتي من خلال المحتالين الذين يلجأون إلى بناء علاقة افتراضية مع الضحية عبر منصات التواصل الاجتماعي، ويجتذبونه من خلال إيهامه بأنهم سيوفرون له فرصة عمل بأجر كبير أو أنهم قادرون على شراء منتجات ستدر عليهم أرباحا طائلة أو أنهم يمكنهم الاستثمار في كروت الشحن الدولارية للتربح من أزمة ارتفاع الدولار المستمر أمام الجنيه، ثم يقومون بإرسال أمور تحظى على اهتماماتهم، حتى يقع الضحايا في فخ النصب وضياع أموالهم.

ونصح الخبير التكنولوجي المواطنين بضرورة عدم الانسياق وراء أي إغراءات أو وعود مادية من أي مواقع إلكترونية مشبوهة، أو إعطاء الثقة لأشخاص لصفتهم أو شهرتهم على السوشيال ميديا والتعامل الافتراضي.

 القانون ومكافحة النصب الإلكتروني

في السياق ذاته، قال محمد مختار، المحامي، إن الاستيلاء على أموال المواطنين عبر السوشيال ميديا، يعتبر فعلا إجراميا، ويطلق عليه النصب أو الاحتيال الإلكتروني على الإنترنت، موضحا أنه بالرغم من تعدد الأساليب ولكن الهدف من النصب الإلكتروني، هو الحصول على أموال الأشخاص الذين يقعون فريسة للمحتالين.

نرشح لك : «أوميجا برو» آخر تقاليع لعبة «البيضة والحجر».. 3 ملايين جنيه حصيلة عمليات النصب

وأوضح ل”الموقع” أن المادة 336 من قانون العقوبات، تضمنت تعداد صور النصب، ومنها الاستيلاء على النقود أو العروض أو سندات الدين أو سندات المخالصة أو أي متاع منقول، ونصت على وجوب أن يكون ذلك الاستيلاء بطريق الاحتيال لسلب كل ثروة الغير أو بعضها، وذلك باستعمال طرق احتيالية من شأنها إيهام الناس بوجود مشروع كاذب، أو الزعم بوجود واقعة مزورة أو إحداث الأمل بحصول ربح وهمي، أو تسديد المبلغ الذي أخذ بطريق الاحتيال أو إيهام المجني عليهم بوجود سند دين غير صحيح أو سند مخالصة مزور وقد يكون الاحتيال بقيام الجانى بالتصرف في مال ثابت أو منقول ليس ملكاً له ولا يحق له التصرف فيه وقد يكون فعل الجاني هو اتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة ليست له.

واستطرد أن القانون يُعاقب مرتكبي جريمة النصب الإلكتروني بالحبس الذي قد يصل إلى 3 سنوات، أما عقوبة الشروع في النصب فهي الحبس مدة لا تتجاوز سنة.

وتابع أن محكمة النقض استقرت على إدانة الوسيط في جريمة النصب يشترط فيها وقوع تواطؤ وتدبير سابق بين الوسيط وبين الفاعل.

وأشار إلى أنه يترتب على ثبوت جرائم النصب الإلكتروني على شبكة الإنترنت المسئولية الجنائية والمدنية للفاعل والمسئولية التأديبية له كذلك إذا كان موظفا عاما، ويتم التحقيق معه وإحالته إلى المحاكمة التأديبية بمعرفة النيابة الإدارية المختصة.

 علم الاجتماع والنصب الإلكتروني

من جانبها، قالت فريال محمود، أستاذ علم الاجتماع، إن السنوات القليلة الماضية شهدت حالات نصب واحتيال كثيرة، وأصبح هذا النشاط الإجرامي متفشيا على مستوى العالم، وذلك بسبب وجود التقنيات الحديثة التي قلصت تكلفة محاولات النصب، وبالتزامن مع جعل الوصول إلى ملايين الضحايا بشكلٍ فوري أمراً أسهل من أي وقتٍ مضى.

وكشفت أن التطور التكنولوجي الهائل في الوقت الحالي جعل السيطرة على المحتالين أمرا صعبا، وذلك نتيجة الإغراءات التي يقدمها المحتالون للوقوع بالمواطنين في فخ الوهم، خصوصا المتمثلة في وعدٍ زائفٍ بالحصول على أموال أو جوائز.

وأوضحت أن العديد من المحتالين باتوا يستغلون شهرتهم على السوشيال ميديا والاعتماد في عمليات النصب على استخدام علامات تجارية مألوفة، لتعزيز فعالية هذه العمليات وتأثيرها، وزيادة مصداقية القائمين بها.

واستطردت أن المحتالين يلجأون في كثيرٍ من الأحيان إلى أساليب إقناعٍ للتظاهر بأنهم يمثلون شركةً تعمل بشكلٍ قانوني، واستخدام أرقامٍ هاتفيةٍ تخص المنطقة التي يقطن فيها ضحاياهم المستهدفون، وذلك لكي يعززوا الشعور بالألفة بينهم وبين هؤلاء.

وأكدت أن الحل لعدم الوقوع ضحية لعمليات النصب الإلكتروني هو التخلص من حلم الثراء السريع، الذي يدفع الشخص للسقوط في هاوية المحتالين، مع الاعتماد على التعامل الملموس دون الانجراف لعامل الشهرة لدى مشاهير السوشيال ميديا، والحرص على وجود سند رسمي يضمن للشخص حقه قبل تقديم أي أموال لأي شخص.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى