الموقعمنوعات

هدم مقابر الرموز.. عصمة الموت لاتكفي

الحكومة ترفع شعار الحي أبقى من الميت لعمل المحاور المرورية وجدل حول هدم مقابر شاعر النيل

البرلمان يدخل على خط الأزمة.. وأسرته حافظ إبراهيم: متبقى له 9 سنوات فقط حتى يصبح أثرا

كتب – أسامة محمود

حالة من الجدل أثارها منشور تداوله عدد من المتابعين عبر منصات التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية يزعم قيام محافظة القاهرة بإزالة وهدم مقبرة الشاعر حافظ إبراهيم نتيجة لتجديد وتوسعة بعض الطرق والمناطق الحيوية بالمنطقة، وهو ما أثار حالة من القلق والاستياء بين الكثير ممن يرون أن هذه المقبرة تعد تراثا ثقافيا لمصر ولا يجب هدمها او إزالتها”.

وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الآونة الأخيرة، تخوفات من عائلات ومشايخ أعلام مصر، والشعراء وقراء الإذاعة المصرية، بشأن هدم مقابر هؤلاء النماذج المشرفة الذين يمثلون جيلا كبيرا من الرواد في كل مجالاتهم الأدبية والفكرية، ومن أبرز هؤلاء الأعلام “الشيخ محمد رفعت، والأديب طه حسين، وشاعر النيل حافظ إبراهيم ،حديث الساعة “.

وتأتي هذه الخطوة من قبل محافظة القاهرة في إطار خطة تطوير العاصمة، التي يتضمنها تجديد وتطوير بعض الطرق والمناطق الحيوية، ولكن هذا الأمر يثير قلق الكثير من الأشخاص الذين يرون أن هذه المقبرة تمثل تراثاً ثقافياً مهماً لمصر.

وحسب تصريحات الدكتورة شيرين شلبي، من عائلة شاعر النيل، حافظ إبراهيم، والتى قالت فى تصريحات تليفزيونية خلال الساعات الماضية إن بداية الأمر، عندما سألت إحدى قريباتها من عائلة الشاعر حافظ إبراهيم، حول حقيقة هدم الضريح، مشيرة إلى أن عمر الضريح 91 عاما، ومتبقى له 9 سنوات فقط حتى يصبح آثارا، وبالتالي يجب المحافظة عليه، لأن الشاعر حافظ إبراهيم دفن في 21 يونيو 1932.

وأضافت أن قريبتها تواصلت مع إحدى الجهات الرسمية، والتي أكدت أنه لا مساس بمقابر أعلام ومفكرين وأدباء وقراء وشعراء مصر، لأن هذه الشخصيات التاريخية وليس فقط حافظ إبراهيم، هم إرث لمصر، مثل الشيخ محمد رفعت والكاتب يحيى حقي، وأمير الشعراء أحمد شوقي، وكلهم في مدافن السيدة نفسية.

كانت عائلة حافظ إبراهيم قد أطلقت استغاثات عاجلة تطالب بإيقاف عملية هدم المقبرة، وتشير إلى أن هذا الأمر يعد انتهاكاً للتراث الثقافي المصري، ويجب الحفاظ عليها كجزء من التاريخ الحضاري لمصر.

من ناحيتها تقدمت الدكتورة مها عبد الناصر، عضو مجلس النواب، بطلب إحاطة في البرلمان، وذلك بشأن إقدام محافظة القاهرة على هدم وإزالة مقبرة شاعر النيل حافظ إبراهيم، متابعة في مداخلة هاتفية مع أحد البرامج التليفزيونية” أن الإجابة على طلب إحاطتها من المفترض أن يأتي من محافظ القاهرة، بغض النظر عن الوزارة التي طلبت هدم المقبرة.

ورجحت “عبد الناصر” أن تكون وزارة النقل والمواصلات الجهة التي طلبت هدم المقبرة، لو الأمر مرتبط بإنشاء طريق جديد، مؤكدة في الوقت نفسه أنها، مسئولية تضامنية بين المحافظة والنقل ووزارة الثقافة.

وأشارت عضو مجلس النواب، إلى أن هناك حلولًا أخرى للتعامل مع منطقة القاهرة الإسلامية بالكامل، منوهة أن ما وصفته بـ”الاستسهال والهدم لعمل كوبري أو طريق” أمر لا تجده صحيحًا، مشيرة إلى أن هناك العديد من الحلول، لدينا أساتذة تخطيط عمراني مصريون في كل منطقة بالعالم ومهتمون بتلك المنطقة التاريخية ومنطقة القاهرة الإسلامية، ويرون أنه لابد من وجود حلول بديلة وشرايين مختلفة عن هدم تلك المناطق ونعمل مكانها طرق وكباري”.

وتقدمت عضو مجلس النواب عن الحزب المصري الديمُقراطي، بطلب إحاطة موجه إلى كل من رئيس مجلس الوزراء، ووزيرة الثقافة، ووزير النقل والمواصلات، ووزير التنمية المحلية، وذلك بشأن إقدام محافظة القاهرة على هدم وإزالة مقبرة شاعر النيل حافظ إبراهيم.

وعن شاعر النيل ..

وُلِد حافظ إبراهيم سنة 1872 من أب مصري وأم من أسرة تركية، كان أبوه إبراهيم أفندي فهمي مهندسًا يُشرِف على قناطر ديروط حيث وُلِد حافظ، وتُوفِّي وحافظ في الرابعة من عمره، فكفله خاله محمد أفندي نيازي، وعاش في كنفه عيشة الطبقات المتوسطة التي كانت أقرب إلى الضيق منها إلى اليسار، فأحس حافظ منذ صباه بما تُعانيه الطبقات الشعبية من جهد ورقة حال، ولما ظهرت مواهبه الشعرية كان الترجمان الصادق الأمين لهذه الطبقات.

تلقَّى التعليم الابتدائي وجزءًا من التعليم الثانوي، ولكنه لم يُتِمه، وانتقل مع خاله إلى طنطا، وكان مهندس تنظيم بها، وانقطع حافظ وقتًا عن متابعة التعليم، واتجهت نفسه إلى الأدب والشعر، وعاصر أمير الشعراء أحمد شوقي ولقب بشاعر النيل وكان له أسلوبه الخاص الذى يمتاز بجزالة الجمل وحسن الصياغة.

وقد تناول شعره أشكالاً مختلفة بين الإخوانيات والوطنيات والرثاء والعروبيات والإنسانيات ولأنه مولود على مركب في النيل أو ربما لأن النيل ذاته ورد في الكثير من قصائده الوطنية، وربما أيضا لشدة حبه وتعاطفه مع مصر والمصريين، وللنزعة الوطنية الحاضرة في كل نصوصه، فقد اكتسب لقب شاعر النيل.

واشتغل وقتًا وجيزًا بالمحاماة بطنطا، ولكنه لم يستمر فيها؛ إذ لم يجد من نفسه ميلًا إليها لما كانت تقتضيه من دأب على العمل المتواصل وهو لم يكن يميل إلى التقيد بمثل هذا الدأب بل كان كالطير ينطلق مُغرِّدًا بين مختلف الأشجار والأغصان.

ولقد فكَّر في أن يكون ضابطًا بالجيش؛ إذ كانت الحياة العسكرية مما يستثير في نفسه روح الشعر والخيال، أو لعله أراد أن يُقلِّد البارودي في نشأته العسكرية، فالتحق بالمدرسة الحربية بالقاهرة، وتخرَّج منها سنة ١٨٩١ ضابطًا برتبة ملازم ثانٍ، وكان إذ ذاك في سن العشرين تقريبًا، وانتظم في حملة السودان بقيادة اللورد كتشنر سردار الجيش المصري وقتئذٍ، ولما انتهت الحملة بانفراد الإنجليز بحكم السودان عافت نفسه البقاء في ربوعه، فالتمس إحالته إلى المعاش، وأُجيبَ طلبه وعاد إلى مصر،

و”داوم” على مجالس الشعراء والأدباء والعلماء، وأفاض فيها من شعره وأدبه، فتألَّقَت شاعريته، وعرف له معاصروه فضله ومكانته في عالم الأدب والشعر، وإذ كان الشعر لا يُدِر عليه ما يحفظ مكانته من الوجهة المادية فقد عيَّنه أحمد حشمت وزير المعارف في سنة 1911 رئيسًا للقسم الأدبي في دار الكتب المصرية، وظل بها إلى فبراير سنة 1932 إذ أُحيلَ إلى المعاش لبلوغه السن القانونية، وتُوفِّي يوم 21 يوليو سنة 1932.

كان حافظ شاعرًا بطبعه، ظهرت مواهبه الشعرية وهو في السادسة عشرة من عمره، لم يتلقَّها عن مُعلِّم أو أديب، ولا تعلَّمها في المدارس التي انتظم بها، بل كانت وحي الإلهام والسليقة، فكان يقول الشعر وهو في هذه السن المُبكِّرة، ويأخذ نفسه بالمطالعات الشعرية ويحفظ قصائد فحول الشعراء المُتقدِّمين، واشتدت به الرغبة إلى محاكاتهم في جيد الشعر، فواتته سليقته الشعرية وساعدته على تحقيق رغبته، وبذَّ مع الزمن أولئك الشعراء، وبلغ الذروة في عالم الشعر والأدب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى