الموقعتحقيقات وتقارير

هجرة فوق المتوسط.. 202% من الأطباء المصريين يسافرون لبريطانيا

نقص حاد في أعداد أصحاب البالطو الأبيض يهدد المنظومة الصحية

طبيب لكل 10 آلاف نسمة في مصر.. والنسبة العالمية 23 طبيب لكل 10 آلاف

كتب- أسامة محمود

تُعد هجرة الأطباء المصريين إلى الخارج من أخطر التحديات التى تواجه تطوير وتحسين الخدمة الصحية فى مصر، خاصة وأن هناك عجزا فى الطوقم الطبية سواء “أطباء، أو تمريض” وتعود الظاهرة لأسباب عديدة منها عوامل طرد داخلية أبرزها عدم تلقى الطبيب التقدير المعنوى من جانب المجتمع أو الحكومة ، ولا التقدير المادى نظير عمله بالمستشفيات الجامعة والحكومية التابعة لوزارة الصحة والسكان، بالإضافة إلى تكاليف الدراسات العليا المطلوبة من الطبيب بعد التخرج.

كما أن هناك عوامل جذب خارجية، تتمثل فى ارتفاع الأجور والمرتبات فى دول أوروبا والخليج، إلى جانب ما تعانيه تلك الدول من عجز فى أعداد الأطباء نتيجة إحجام الشباب هناك عن دراسة الطب، وتفضيل الطبيب المصرى نظرا للكفاءة والمهارة العلمية.

وخلال الساعات الماضية كشف تقرير رسمي لوزارة القوى العاملة في بريطانيا، عن زيادة 202% في أعداد الأطباء المصريين المهاجرين لبريطانيا منذ 2017.

وأوضح التقرير الصادر خلال الشهر الجاري أن 435 طبيبًا مصريًا هاجروا إلى بريطانيا في 2017، زادوا في العام التالي إلى 756 طبيبًا، ثم ارتفع العدد إلى 1301 طبيب في 2019، وفي 2020 انخفض إلى 1220 طبيبًا، ثم عاود الارتفاع إلى 1312 طبيبًا في 2021.

ووفقًا للتقرير، تأتي مصر بعد الأردن والسودان في دول الشرق الأوسط في هجرة الأطباء إلى بريطانيا.

كما أظهر التقرير ارتفاع عدد اﻷطباء العاملين في المجال الصحي في بريطانيا بين عامي 2017 و2021 بنسبة 17%، بواقع 283 ألفًا و663 طبيبًا حاصلين على رخصة مزاولة المهنة في بريطانيا.

كان تقرير رسمي أعدته نقابة الأطباء المصرية، في أبريل الماضي، حذر من تزايد معدلات استقالة الأطباء من العمل الحكومي.

وكشفت دراسة حول مدى احتياجات مصر للأطباء البشريين والمقارنة بالمعدلات العالمية”، أصدرتها وزارة التعليم العالي بالتعاون مع وزارة الصحة، في مارس 2019، أن أعداد الأطباء البشريين المرخص لهم بمزاولة مهنة الطب حتى آخر 2018 تقدر بـ 212 ألفًا و835 طبيبًا، يعمل منهم في مصر 82 ألف طبيب فقط.

وأضافت الدراسة أنه طبقًا لهذا العدد يكون معدل الأطباء في مصر 8.6% طبيب لكل عشرة آلاف مواطن فيما المعدل العالمي 23 طبيبًا لكل عشرة آلاف مواطن.

من ناحيته يقول الدكتور إيهاب الطاهر عضو مجلس النقابة العامة للأطباء سابقا ، إنه تلاحظ فى السنوات الأخيرة تزايد معدل هجرة الأطباء من مصر، وعلى الرغم من عدم وجود إحصائيات دقيقة لعدد الأطباء الذين هاجروا للخارج، إلا أن التوقعات تشير إلى أن حوالى 60% من الأطباء قد تركوا العمل وتوجهوا للعمل بالخارج سواء بالدول العربية أو الأجنبية، مما نتج عنه عجز فى أعداد مقدمى الخدمة الصحية بمصر خاصة ببعض التخصصات التى تحتاج جهدا أكبر وخطورة أعلى فى ممارستها، مطالبا بدراسة أسباب هذه الظاهرة، قبل الشروع فى وضع حلول قد تكون عشوائية.

وأضاف الطاهر فى بيان له ،: “رأينا البعض يبادر باقتراح منع الأطباء من السفر والبعض الآخر يقترح زيادة أعداد المقبولين بكليات الطب وغيرها من الحلول التى وضعت على عجل دون دراسة أسباب هذه الظاهرة الخطيرة، فإذا أردنا وضع أيدينا على الأسباب الحقيقة لابد من النظر إلى عوامل طرد عوامل جذب من الدول الأخرى، حيث أن تدنى الأجور يعتبر على رأس عوامل الطرد، خاصة أن الطبيب الشاب لا يستطيع أن يوفر متطلباته إلا إذا عمل فى عدة جهات خاصة فى نفس الوقت بجانب عمله الحكومي، مما يجد معه صعوبة فى التوفيق بين جهات العمل وبعضها من ناحية، وبين عمله ودراسته العليا وتدريبه فى الوقت ذاته”.

وأشار إلى أن إجمالى مرتب الطبيب الشاب لا يصل إلى 3 آلاف جنيه، وأن قيمة النوبتجية لمدة 12 ساعة متواصلة هى 45 جنيهًا أى ثلاثة جنيهات وبضعة قروش فى الساعة، وخلال ساعات عمله الشاقة يواجه بالعديد من الأخطار مثل التعرض المباشر للعدوى ناهيك عن الاعتداءات المتكررة وتحميله عبء نقص أى مستلزمات، فضلا عن سوء أماكن إقامة الأطباء بالمستشفيات.

وتابع: وبالطبع ليس التقدير المادي فقط ما يعانيه الطبيب، بل أيضا الحملات المتكررة واتهامهم بالإهمال واستعداء المواطنين لهم، دون وجود قوانين رادعة لحمايتهم أثناء عملهم، وعلى الرغم من قيام نقابة الأطباء بتقديم مشروع قانون للبرلمان بتشديد عقوبة الاعتداء على المنشآت الطبية والعاملين بها إلا أن هذا المشروع حبيس أدراج البرلمان منذ سنوات، كما يتم محاسبة الأطباء فى قضايا أخطاء المهنة بموجب قانون العقوبات على عكس كل دول العالم حيث يوجد قوانين خاصة للمحاسبة الطبية للتفريق بين المضاعفات والخطأ الطبى وبين الإهمال الجسيم، وقدمت نقابة الاطباء مشروع قانون للمسئولية الطبية يحفظ حق الطبيب والمواطن بطريقة علمية.

وأشار إلى صعوبة الالتحاق بالدراسات العليا وارتفاع تكاليفها، موضحا أن قانون رقم 14 لسنة 2014 الذى صدر منذ أكثر من 7 سنوات ينص على تحمل وزارة الصحة لتكاليف الدراسات العليا، إلا أن وزارة الصحة لم تدفع المصاريف لأى طبيب، قائلا: “فى المقابل نجد أن الدول الأخرى تعرف قدر الطبيب المصرى وأمانته وجديته فتضع له المحفزات وعوامل الجذب، من تسهيلات فى السفر إلى أجر وبيئة عمل لائقة ونظام محاسبة علمية ولوائح عمل دقيقة تحفظ الحقوق والواجبات، مما جعل وتيرة هجرة الأطباء للخارج تتزايد”.

من ناحيته يقول الدكتور أحمد حسين عضو مجلس نقابة الأطباء ومقرر لجنة الإعلام بالنقابة، أن وضع الأطباء فى مصر سيىء و”مزرى” ولا يوجد إرادة للنهوض بالطبيب المصرى والمنظومة الصحية فى مصر ليست على جدول أولويات الحكومة، مشيرا إلى أن النقابة تحدثت كثيرًا عن الأطباء وتحسين أوضاعهم للقيام بواجباتهم وتقديم خدمة صحية جيدة للمواطن.

وتابع “حسن” فى تصريحات لـ”الموقع” أن الأطباء نتيجة للأوضاع غير جيدة فى مصر من تدنى فى الأجور وارتفاع تكاليف الدراسات العليا، وعدم توفير مناخ مناسب للطبيب للقيام بعمله فى المستشفيات، فيلجأ للهجرة خارج البلاد، لافتا إلى أن الدول الأوروبية والأجنبية والخليجية أيضا توفر للطبيب المصرى كل مايحتاج لقيام بعمله من دخل مادى مناسب، بيئة لائقة، حقوق وواجبات”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى