الموقعتحقيقات وتقارير

في ظل ارتفاع الأسعار.. أزمة مصنع سكر أبو قرقاص قصة فشل أم إهمال؟

«البديوي»: أصحاب عصارات العسل الأسود بالمنيا يشترون فدان القصب بـ100ألف جنيه

«نقيب الفلاحين»: وزارة الزراعة سبب انهيار قصب السكر

«مزارعون»: تكلفة إنتاج طن القصب تبلغ حوالي25000 جنيه وسعر توريد الطن للمصانع لا يكفي حتى لتغطية التكاليف

تقرير: محمود السوهاجي

أثار قرار مصنع سكر أبو قرقاص بالتوقف عن إنتاج السكر من قصب السكر جدلًا واسعًا، خاصة مع زيادة الطلب على السكر في السوق المحلي.

ويعد مصنع سكر أبو قرقاص هو الأقدم في تاريخ مصر، حيث تم إنشاؤه عام 1869، وأصبح علامة مميزة في محافظة المنيا.
وقررت الشركة المسؤولة عن المصنع توريد محصول القصب المتعاقد عليه هذا العام مع مزارعي المنيا إلى مصنع سكر جرجا بمحافظة سوهاج، بعد توقفها عن تصنيع القصب.

ويقع داخل أسوار المصنع سكن للمهندسين واستراحات للعاملين، وخط سكك حديدية، وقطارات لنقل القصب من وسط الزراعات، نظرا لمساحته الكبيرة.

وحول حقيقة إغلاق مصنع سكرأبو قرقاص وفق اللواء عصام البديوي، رئيس مجلس إدارة شركات ومصانع السكر والصناعات المتكاملة، فأن المصنع لايغلق نهائيا، لكن ما حدث أن هذا العام كان التوريد ضعيف من قبل المزارعين بسبب شراء أصحاب عصارات العسل الأسود بالمنيا فدان القصب بـ100ألف جنيه وهو ما يزيد عن الأسعار المتفق عليها مع المصنع، لذلك يتعمد المزارعين ونتيجة الرغبة في تحقيق هامش ربح كبير إلي بيع القصب لأصحاب العصارات.

وأشار المهندس خالد البديوي، رئيس مجلس إدارة جمعية مصنع سكر أبو قرقاص، إلى أن قلة توريد القصب من الفلاحين للمصنع هو السبب الرئيسي في توقفه عن الإنتاج بعد 155 عامًا.

وأوضح البديوي أن إجمالي إنتاج قصب السكر في محافظة المنيا يبلغ 950 ألف طن، يتم توريد 940 ألف طن منها للعصارات العشوائية وغير المرخصة ومحالّ العصير بالقاهرة والجيزة، حيث تم توريد 10 آلاف طن فقط إلى مصنع أبو قرقاص.

وأضاف البديوي أن هذه الكميات القليلة من القصب غير كافية لتشغيل المصنع، مما أدى إلى نقلها إلى مصنع سكر جرجا بمحافظة سوهاج لتصنيعها هناك.

وشدد البديوي على ضرورة دعم مزارعي قصب السكر، وتوفير حوافز لهم لزيادة توريد القصب إلى مصانع السكر، وذلك للحفاظ على صناعة السكر في مصر.

لانية لنقل المصنع:

ورد اللواء عصام البديوي، على ما تردد عن نية نقل المصنع إلى صحراء تونة الجبل، قائلًا: “هذا الكلام لن نفكر فيه أبدًا، لأن المصنع يتوافق مع البيئة تمامًا”، موضحا أن المصنع تم إنشاءه بالتنسيق مع وزارة البيئة لتجفيف مخلفات المصنع وإعادة تصنيعها للاستفادة منها، وذلك بكلفة 90 مليون جنيه.

وأشار إلى أن المصنع يمتلك نظامًا متكاملًا لمعالجة مياه الصرف الصناعي، وإعادة استخدامها في الزراعة، مما يحافظ على البيئة المحيطة بالمصنع، مشددا على أهمية الحفاظ على مصنع سكر أبو قرقاص، باعتباره أحد أقدم المصانع في مصر، ورمزًا من رموز محافظة المنيا.

أوضح البديوي، أن المنافسة غير العادلة بين الشركة وعصارات العسل الأسود هي السبب الرئيسي في توقف المصنع عن الإنتاج، لافتا إلى أن عصارات العسل الأسود تستحوذ على 90% من إنتاج قصب السكر في محافظة المنيا، على الرغم من أنها غير مرخصة وتعمل بوسائل بدائية، ولا تسدد الضرائب للدولة ولا التأمينات للعاملين بها.

وأضاف البديوي أن هذه العصارات لا تخضع لأي قيود لسعر العسل الأسود، مما يتسبب في انخفاض أسعار العسل الأسود، وبالتالي انخفاض أسعار قصب السكر، مشيرا إلى أن مصنع سكر أبو قرقاص يخضع لمجموعة من القيود، منها الالتزام بأسعار قصب السكر التي تحددها الدولة، ودفع الضرائب للدولة، وتوفير التأمينات للعاملين.

زيادة الانتاج من القصب:

يأتي ذلك في وقت، أكد الدكتور علي المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، أن إنتاج السكر من قصب السكر ارتفع بنسبة 100%، وذلك منذ بداية موسم حصاد قصب السكر في يناير 2024.

وأوضح الوزير أن إجمالي توريد قصب السكر من المزارعين بلغ 928 ألف طن، مقابل 464 ألف طن في نفس الفترة من العام الماضي، ومن المتوقع أن تستقبل المصانع السبع ما يصل إلى 7 ملايين طن لإنتاج 700 ألف طن قصب سكر.

وأشار الوزير إلى أن طن قصب السكر الواحد ينتج ما يصل إلى 100 كيلوجرام من السكر، وأن ما يتم إتاحته من السكر يتم ضخه بالأسواق ليباع بسعر 27 جنيها للكيلو، أو لمنافذ التموين لصرفه للمواطن على بطاقة الدعم بسعر 12.60 جنيه للكيلو.
وشدد الوزير على متابعة عمليات توريد قصب السكر وإنتاج السكر، وسرعة سداد مستحقات المزارعين إلكترونيًا.
عدم اهتمام الدولة بتطوير زراعة قصب السكر:

جمع عدد من المزارعين على أن عدم اهتمام الدولة بتطوير زراعة قصب السكر، وضعف الدعم المقدم للمزارعين، وارتفاع تكاليف الإنتاج، هي الأسباب الرئيسية التي أدت إلى الأزمة التي تواجه صناعة السكر في مصر، وتوقف مصنع سكر أبوقرقاص عن الإنتاج.

ومن جانبه، قال إبراهيم ربيع جاد، نقيب الفلاحين بالمنيا، إن عدم اهتمام قسم السلالات وإنتاج قصب السكر بوزارة الزراعة أدى إلى هبوط إنتاج القصب من 60 طنا إلى 35 طنا، مما أدى إلى قيام المزارعين باللجوء إلى عصارات القصب والبيع لمحالّ العصير.

وأضاف جاد أن عملية انخفاض سعر الطن مع قلة إنتاجية المحصول مع زيادة تكاليف زراعة القصب أدى إلى قيام المزارعين والمستأجرين بتغيير نشاطات زراعتهم من القصب إلى زراعات أخرى تتماشى مع ارتفاع أسعار أجور العمالة والتكاليف.
وأشار إلى أن خطوط السكة الحديدية الخاصة تمت سرقتها أيام الثورة حتى الآن مما أدى إلى عزوف المزارعين على نقل المحصول وتوريده للمصنع.

وفي سياق متصل، أكد محمد حسين، منسق عام اتحاد الفلاحين الأسبق بالمنيا، أن السبب الرئيسي للقضاء على زراعة السكر هي عدم تحديث سلالات القصب، فمنذ عام 1978 لم يتم استحداثها لعمل توازن بين وزن القصب ونسبة السكر.
وأوضح حسين أن الجينات الوراثية لمحصول القصب س9 ضعفت بشكل كبير، وأصبح الفدان الآن ينتج 35 طنا تقريبا بدلا من 65 طنا، والمزارع الآن يطمع في الربح وسعر توريد القصب 1500 جنيه لا تكفي التكاليف.

وأشار إلى أن هناك محاصيل أخرى تنتج أرباح أكبر من ذلك مع ارتفاع أسعار العمالة والمواد الكيماوية والإنتاجية، لذلك يتجه المزارع إلى عصارات القصب من أجل الربح والعسل الأسود الذي يتم تصديره إلى الخارج.

أوضح أن مصنع سكر أبوقرقاص ينتج سنويًا ما يقرب من 38 ألف طن من السكر من قصب السكر، و78 ألف طن من السكر من البنجر، و30 مليون لتر من الكحول، و165 طنًا من الخميرة الجافة. كما حصل المصنع على ثلاث شهادات جودة، وهي ISO 9001 وISO 14001 وOHSAS 18001.

نرشح لك : خطايا حكومة مدبولي.. انفجار أسعار يضرب كل السلع والخدمات.. «ملف الموقع»

سعر توريد القصب غير عادل:
ويتحدث مزارعون القصب عن ضعف سعر توريد طن القصب لمصانع السكر وهو 1500جنيه للطن، حيث يرون أنه لا يتناسب مع تكاليف الإنتاج، والتي ارتفعت بشكل كبير في السنوات الأخيرة.

ويقدر مزارعون أن تكلفة إنتاج طن القصب تبلغ حوالي25000 جنيه، مما يعني أن سعر توريد الطن للمصانع لا يكفي حتى لتغطية التكاليف، ناهيك عن تحقيق ربح.

ويشير المزارعون إلى أن هذا الوضع دفعهم إلى التوجه إلى زراعة محاصيل أخرى أكثر ربحية، مثل الموز والبطاطس والأرز، مما أدى إلى انخفاض المساحات المزروعة بقصب السكر.

ويرى المزارعون أن رفع سعر توريد طن القصب إلى 2500 جنيه هو الخطوة الأولى لمعالجة هذه الأزمة، وضمان استمرار زراعة قصب السكر في مصر.

ويقول أحمد عبد المجيد، مزارع قصب من محافظة المنيا: «سعر توريد طن القصب لا يكفي حتى لتغطية تكاليف الإنتاج، ناهيك عن تحقيق ربح، أنا أعمل في زراعة قصب السكر منذ أكثر من 20 عامًا، ولكن في السنوات الأخيرة أصبح الوضع صعبًا للغاية، وبدأت أفكر في التوجه إلى زراعة محاصيل أخرى أكثر ربحية».

والتقط طرف الحديث محمد إبراهيم، مزارع قصب من محافظة سوهاج: «سعر توريد طن القصب يجب أن يكون عادلًا، بحيث يحقق للمزارع ربحًا مناسبًا، ويضمن استمرار زراعة قصب السكر في مصر، أنا أطالب برفع سعر توريد طن القصب إلى 2500 جنيه».

واختتم، عبد الرحمن محمد، مزارع قصب من محافظة قنا: «الحكومة يجب أن تدعم مزارعي قصب السكر، من خلال رفع سعر توريد الطن، وتوفير الدعم الفني والمادي لهم. قصب السكر محصول مهم لمصر، ويجب أن نحافظ عليه».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى