أراء ومقالاتالموقع

عمر النجار يكتب لـ«الموقع»: الحكومة تحصل على مليارات من ضرائب السجائر.. وتخسرها على مرضى التدخين

من الخسارة الحديث طوالَ الوقت عن المُتسبب في أزمة ارتفاع أسعار السجائر وتوزيع الاتهامات للحكومة منْ جهة وشركات التدخين وتجار التجزئة من جهة أخرى في كونهما أحد الأطراف المُتسببة في الأزمة..

لأن الواقع يُؤكد أن منْ مصلحة الحكومة الكف عن تفاصيل الأزمة، وضرورة الانتقال إلى إطلاق مُبادرات جادة للحد من التدخين في كل محافظات الجمهورية وتحديدًا في المدارس والجامعات وإطلاق تحفيزات لمن يُقلع عن التدخين.. لِكونها لو عَلمت أن ما تُنفقه على مرضى سرطان الرئة والقلب والأوعية الدموية والأمراض التنفسية والسكري الناتجة عن آثار التدخين.. لِما تَسارعا البرلمان والحكومة في مناقشة مشروع قانون خاص بفرض ضرائب جديدة على السجائر مع بداية دور الانعقاد الرابع لمجلس النواب.

كُنا نتمنى من هذه الحكومة التفكير خارج الصندوق ولو مرة واحدة في أنْ تستغل فترة مرض كورونا وما بعدها في تحفيز المُدخنين بالإقلاع عن التدخين لما له من آثار سلبية حتى على من تعافوا من مرض كورونا وذلك من خلال المؤسسات الإعلامية..

بدلاً من الحديث عن استهداف الحكومة لجمع 83.5 مليار جنيه من الضرائب على السجائر خلال العام المالي الحالي بزيادة نحو ملياري جنيه عن العام المالي الماضي.

في الواقع أنَّ ما تستهدفه الحكومة من فرض ضرائب على السجائر رُبما ما تنفقه من جهة أخرى على مرضى سرطان الرئة والقلب والأوعية الدموية والتنفسية، فضلاً عن الأضرار السلبية التي يُسببها التدخين على المجتمع ككل من خسارة أرواح بشرية وتحديدًا للكفاءات في مجالهم وأيضًا على المجتمع ككل.

ليست المُشكلة في ضبط أسعار السجائر وخلافه وإنما في إنفاق المصريين على تدخين السجائر التي قدرت بـ 17 مليار جنيه، خلال العام المالي الماضي 2021 – 2022، حسبما كشفت الشركة الشرقية للدخان، وهو رقم يزيد بنسبة 7 في المئة عن العام الذي سبقه.

ودائرة الحزن تتسع عندما يَعرف المواطنون أن سوق المدخنين يزداد عن العام الماضي عندما فسّر رئيس شعبة الدخان والمعسل بغرفة الصناعات الغذائية زيادة مبيعات الشركة لهذا السبب، الذي جاء في المرتبة الأولى.

ما نشهده حاليًا أن الغيمة السوداء تُخيم على البرلمان والحكومة، وتحديدًا عندما طلَ علينا برلماني من لجنة الخطة والموازنة من خلال مداخلة هاتفية، عندما قال إن «البرلمان لم يَصل إليه قوانين بشأن ضرائب السجائر.. ولو كانت الحكومة بحاجة إلى قوانين لقدمتها للمجلس قبل نهاية الانعقاد».

بدلاً من الحديث عن أن المجلس سيناقش تشريعات جديدة تحد من إقلاع التدخين، بجانب إطلاق مبادرات من جانب الحكومة تُسهم في توعية المواطن بمخاطر التدخين.

وليس سرًا في أن الحكومة والمواطن يَعرفان جيدًا بأن هناك أزمة تتعلق بنقص المستلزمات الطبية في المستشفيات وتحديدًا في الدعامات والمستلزمات الخاصة بالقلب الناتجة في المعظم عن التدخين، وأن عدم توافرها يعود إلى النقص الحاد في الدولار..

ولذلك يجب على الحكومة أنْ تَعرف جيدًا أن ما تحصل عليه من ضرائب على السجائر بعملة الجنيه تُنفقه من جهة أخرى على قطاع الصحة ولكن بالدولار في شكل مُستلزمات طبية.

وفي الوقت نفسه يجب أن تعلم الحكومة أن ارتفاع الأسعار لا يحد من التدخين لأن البعض من المدخنين لجأ إلى شراء أكياس التبغ بدلاً من شراء السجائر الجاهزة.

والمزعج في هذا الأمر هو زيادة حالات أورام الرئة بشكل غير مسبوق لكونها أصبحت ثالث أكثر الأورام شيوعا في مصر، ومن المتوقع خلال الأعوام المقبلة أن يحدث تتضاعف لأرقام المصابين بهذا المرض لأن أكثر من 80% من الحالات يتم اكتشافها في مراحل متأخرة أي مراحل يصعب الوصول فيها للشفاء..

ويصعب الأمر تعقيدًا عندما تزداد نسب إصابة السيدات والفتيات بأورام الرئة بسبب اللاتي انتشر بينهن تدخين الشيشة الأكثر ضررا من السجائر.

ومن المفيد للحكومة المصرية ضرورة الاطلاع على تجربة نيوزيلندا التي ساهمت التشريعات من التقليل في كمية النيكوتين المسموح به في السجائر وكذلك خفض عدد تجار التجزئة الذين يُمكنهم بيع التبغ بنسبة 90% وغيرها، وبهذا لم تُنفق الحكومة في نيوزيلندا أي أموال على الأمراض التي يُسببها التدخين من سرطان الرئة والنوبات القلبية والسكتات الدماغية وبتر الأطراف.

الحكمة هنا ليس في ضبط سوق السجائر أو تحصيل ضرائب منها بل في إطلاق مبادرات مستمرة وجادة تشمل المدارس والجامعات على مستوى الجمهورية للتوعية بمخاطر التدخين، وكذلك الدعوة إلى اعتماد سياسات جريئة تحد من التدخين ورفع الوعي بمخاطره، فضلاً عن إطلاق سياسات تحفيزية للتخلص من هذه العادة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية ومؤسسات المجتمع المدني حتى يَعيش المجتمع في بيئة صحية مواتية للإقلاع عن تعاطي التبغ.

حفظَ الله مِصرَ وشعبها من أي أمراض.

اقرأ ايضا للكاتب

عمر النجار يكتب لـ«الموقع»: وعن شد «فيشة» التلفزيون وأخواتها قبل النوم.. هروب أم تسكين وزيرة البيئة لأزمة المناخ؟

عمر النجار يكتب لـ«الموقع»: الصراع بين محافظ الغربية ونائبه.. لمصلحة من؟

عمر النجار يكتب لـ«الموقع»: إن صدق مؤتمر وزارة الهجرة.. من يَضمن تنفيذ بنوده وحل مشكلات المغتربين؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى