أراء ومقالاتالموقع

عمر النجار يكتب لـ«الموقع»: الأحزاب أقل مِما تدفع بمرشحين لانتخابات المحليات.. لا الرئاسة

ليسَ في الأجواء ما يُوحي بأن مُرشحي الأحزاب لانتخابات الرئاسة المقبلة على قدر مسئولية المنصب، لأنَّ الشارع بشكل عام يَرى الأحزاب وليدة النشأة- إذا كان يَعرفها أو يسمع عنها- بمثابة صورة شكلية لها مبنى فخم وأشخاص يَجتمعون لمُخاطبة أنفسهم في غرف مُكيفة بعيدًا عن مُشكلات الشارع، التي هيَّ في الأساس مَوطن عملهم..

الأمر نفسُه لا يَختلف كثيرًا عن الأحزاب التي تتحلى بتاريخ الأقدمية السياسية والشعارات لمؤسسي هذه الأحزاب.

وبغض النظر عنْ الخطأ الذي وقع فيه رئيس حزب الوفد الدكتور، عبدالسند يمامة، عندما قالَ إنه يُؤيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، في الانتخابات المقبلة رُغم ترشحه هو نفسه لهذا المنصب، فإنَّ قدومه على مثل هذه الخُطوة في الأساس كان غير مُوفق، لاعتباراتٍ كثيرة ستأتي لاحقاً.

مرشحو الأحزاب الحاليين لديهم اعتقاد خاطئ بأنهم سوف يقبضون الثمن المُتمثل في تسكينهم في مجلس النواب القادم من خلال توليهم مناصب مرموقة داخل المجلس، بعد خوضهم مُنافسة انتخابات الرئاسة..

لكن العكس هو الصحيح تمامًا، لأن الدولة المصرية لنْ تسمح لهم في مُقايضتها على الإطلاق.. هم لديهم التباس في فهم أن الدولة المصرية دولة مُؤسسات.

هكذا يَتضح أنَّ البُعد في مناورة المُرشحين للرئاسة من الأحزاب تحديدًا سواءً التي وُلدت حديثُا أم قديمًا أنها مكشوفة للجميع وتفتقرُ إلى الحِنكة السياسية وفهم تركيبة الدولة المِصرية.. لأنَّ الاعتقاد في ترشحهم لمنصب الرئاسة هو الفوز بغنيمة المناصب الكبيرة داخل البرلمان وليس الترشح بشكل حقيقي.

تَسّرعت الأحزاب مثل حزب الشعب الجمهوري- سَمعت عنه عندما ترشح رئيسه لانتخابات الرئاسة المُقبلة- عندما دفع برئيسه للترشح لانتخابات الرئاسة، لأنَّ أقل ما يُمكن وصف هذه الخطوة إلا تصدير صورة بأننا لدينا حزب ترافق مُحاولة تثبيت أمر واقع في خريطة الأحزاب الكرتونية وتخصيص حصة كبيرة لهذا الحزب في البرلمان القادم، اعتقادًا من هذا الحزب.

يَعكسُ هذا التسّرع غير المُبرر بأنَّ هناك سباقاً بين الأحزاب وليدة النشأة تحديدًا في السيطرة على حصص كبيرة في البرلمان القادم بعكس رؤساء الأحزاب القديمة الذين يَتسارعون فيما بينهم ليفوز كل منهم بـ«التورتة» بِمفرده بعيدًا عن أعضاء حزبه.. هذا ما تُفكر فيه الأحزاب الحالية.

هذه نبذة مُختصرة عنْ ما تُفكر فيه الأحزاب التي تفتقر إلى المطابخ السياسية الحقيقية عندما اكتفت على أموال رجال الأعمال لأخذ مقرّات «فخمة» في المدن الجديدة وتنظيم مُؤتمرات تعتمد على الصورة و«اللقطة» لمُخاطبة أنفسهم وعرض إنجازات أنفسهم.. تشكيل الهيئات العليا لهذه الأحزاب قائم على من يَدفع أكثر للحزب وليسَ على من يُقدم رؤية وروشتة حقيقية تُسهم في بناء الدولة المصرية.

وإذا تطرّقنا للمُرشح الثوري الآخر، أحمد الطنطاوي، الذي يُناور في الاتجاه المُعاكس لهذه الأحزاب حين لَوح في اعتقاده أنه قادر على حل مشكلات الدولة بين عشية وضحاها، لأنَّ البعض إذا سمع حديثه على قناة «بي بي سي» فيتأكد أنه لا يُريد خوض المنافسة بقدر ما يُريد الحصول على شهرة مزعومة ولفت الانتباه وتسوية بشأن منصب في الخريطة المُستقبلية..

مِسكين هذا الشخص عندما يَتوهم أنه مُرشح حقيقي لمنصب بحجم رئاسة مصر.. مِسكين هذا الشخص عندما يَتوهم أنَّ الشارع غير قادر على فرز دور «المُؤدي من المُغني»، بدون تفسيرات وشرح أكثر من ذلك.. المعنى واضح وضوح الشمس.

هؤلاء المرشحون عليهم أنْ يدركوا أنَّ الدولة المِصرية أكبرَ من قطارات التسوية معها أو مُقايضتها في يومٍ من الأيام.. لأنَّ قطار الدولة المصرية سيتجاوزهم وسيبقوا في سلسلة ذكرى طلب المناصب أي الثمن.

وأخيرًا وليس آخرًا، أنَّ مصر أكبر من مَضمون ترشحهم لهذا المنصب لأن ما يَتعين على هذه الأحزاب أولاً هو أن تكون لديها كوادر سياسية حقيقية واستعادة نفوذها من أرض الشارع وليس المَباني الفخمة المُكيفة، دون ذلك ستبقى هذه الأحزاب كفيلة على تقديم مُرشح لرئاسة وحدة قروية إذا استطاعت.

حفظ الله مِصرَ الدولة القائمة على المُؤسسات الراسخة.

اقرأ ايضا للكاتب

عمر النجار يكتب لـ«الموقع»: الحكومة تحصل على مليارات من ضرائب السجائر.. وتخسرها على مرضى التدخين

عمر النجار يكتب لـ«الموقع»: وعن شد «فيشة» التلفزيون وأخواتها قبل النوم.. هروب أم تسكين وزيرة البيئة لأزمة المناخ؟

عمر النجار يكتب لـ«الموقع»: الصراع بين محافظ الغربية ونائبه.. لمصلحة من؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى