خارجي

الإخوان في جلباب الظواهري.. علاقة «الجهادي العالمي» بالجماعة المحظورة

كتب – أحمد عبد العليم

أنهت ضربة أمريكية دقيقة في وقت متأخر من مساء الإثنين 1 أغسطس 2022، في أفغانستان، حياة زعيم القاعدة أيمن الظواهري، الذي خلف أسامة بن لادن على التنظيم

وقبل مقتل سلفه بن لادن كان أيمن الظواهري في زعامة تنظيم القاعدة لسنوات، وعقل التنظيم المدبر وواضع استراتيجياته، لكن افتقاره إلى الشخصية المؤثرة ومنافسة داعش أعاقا قدرته على شن هجمات كبيرة على الغرب.

لا يمكن الحديث عن الرؤى والأهداف المشتركة لتنظيمي الإخوان والقاعدة، دون التطرق لظروف نشأة تنظيم القاعدة، والذي يُعد جزءا لا يتجزأ من تنظيم الإخوان، بل هو أحد إفرازاته.

فزعيمه السابق أسامة بن لادن كان منتميا لتنظيم الإخوان باعتراف زعيمه الحالي أيمن الظواهري، والذي اعترف هو الآخر بأنه سافر إلى أفغانستان بدعم من تنظيم الإخوان، الذي كان يعمل معه في القاهرة.

في سبتمبر 2012، أطل أيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة، عبر مقطع مصور بثَّته مؤسسة السحاب الإعلامية التابعة لتنظيم القاعدة، في مقطع مصور يتحدث فيه عن ذكرياته في برنامج «أيام مع الإمام»، واستهل حلقته بالإشارة إلى محطات في حياة أسامة بن لادن، مؤسس تنظيم القاعدة (قُتل في مايو 2011)، فيرمي إلى علاقة «بن لادن» بجماعة الإخوان التي كان أحد أبنائها، قبل أن تتجلى له بعض الأمور التي حالت دون استمراره في الجماعة؛ إذ اصطدم بحسابات مصلحية لم تنسجم مع فكره الجهادي خلال حرب السوفييت على أفغانستان (1979-1989).

يقول الظواهري: «كان الشيخ يقول أنا مطرود من تنظيمي، كنت في الإخوان ومطرود.. كان في الجماعة في جزيرة العرب، ولما بدأ الغزو الروسي نفر بن لادن إلى أفغانستان للتعرف على المجاهدين، وكانت توجيهات التنظيم (الإخوان) ألا يتخطى لاهور (ثاني أكبر مدينة في أفغانستان)، وأن يترك المعونات والإعانات ويرجع هو، لكنه وجد الطريق إلى بيشاور ثم دخل إلى أفغانستان».

كان دخول «بن لادن» إلى أفغانستان، فراقًا بينه وبين الجماعة وقتذاك؛ لا سيما أن التيار الأكبر في الجماعة كان لا يميل لفكرة الجهاد في أفغانستان بمعنى القتال، بل رأوا أن دورهم يقتصر على إرسال المال والأعمال الإغاثية فقط؛ ولهذا حذّرت الجماعة «بن لادن» من الانخراط في القتال، فأوضح «الظواهري»: «التنظيم حذّر بن لادن، وقالوا له لو أُسرت في أفغانستان وأنت سعودي، الروس سيعملون أزمة دبلوماسية كبيرة مع السعودية.. جهادك يقتصر على المال فقط، ولما اعترض، فصلته الجماعة، فقال: خيرًا، وبعد أن كان مفصولًا أصبح ملتقى التنظيمات الإسلامية.

العلاقة التي طالما ينفيها الإخوان، منذ كشفها «الظواهري»، بزعم أن شهادته تلك لم يملك عليها دليلًا، فضحها مجددًا زعيم التنظيم في مقطع مصور بثته قناة العربية السعودية، بتاريخ 30 يناير 2015، لفت فيه «الظواهري» إلى لقاء جمع بن لادن ومصطفى مشهور المرشد الخامس لجماعة الإخوان (1996-2002) وقت أن كان نائبًا لمحمد حامد أبو النصر، المرشد الرابع (1986-1996).

وقال: «جاء الشيخ مصطفى مشهور إلى بيشاور في زيارة، فقابل الشيخ أسامة، وحكى لنا بن لادن أن مشهور قال له: يا أسامة تركت إخوانك، وتعود إلى إخوانك وهم أولى بك».

اعترف “الظواهري” بأنه ما كان له أن يسافر إلى أفغانستان إلا من خلال الإخوان، وتحديدا من خلال الجمعية الطبية الإسلامية التي كان يديرها الإخوان، خاصة نائب المرشد آنذاك، الدكتور أحمد الملط، وبالفعل تمت المهمة حسب تعبير “الظواهري” بترشيح أو تكليف من الإخوان.

عرضت جماعة الإخوان من خلال إحدى الجمعيات الطبية المملوكة لهم، على زعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، السفر إلى باكستان.

ويقول زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في ذلك: “بدأت صلتي بأفغانستان في صيف 1980، بترتيب قدري حينما كنت أعمل بصفة مؤقتة مكان أحد زملائي في مستوصف بالسيدة زينب، تابع للجمعية الطبيّة الإسلامية، بأحد أحياء القاهرة، وهي أحد أنشطة الإخوان المسلمين، ففي إحدى الليالي كلمني مدير المستوصف، وهو من الإخوان المسلمين، عن رأيي في السفر إلى باكستان للعمل في المساعدة الجراحية للمهاجرين الأفغان، فوافقت على الفور، إذ وجدت في هذا العرض فرصة ذهبية للتعرف على ميادين يمكن أن تكون رافدا وقاعدة لهم في مصر والعالم العربي، قلب العالم الإسلامي، حيث تدور معركة الإسلام السياسي بين المسلمين ورؤوس الحملة الصليبية الجديدة، أمريكا واليهود والمنفذين لسياساتهما”.

هنا يمكن القول إن الإخوان كانوا بمثابة القاطرة التي دفعت بزعيم القاعدة للسفر إلى أفغانستان، حتى بات زعيما للتنظيم بعد “بن لادن”، والذي تربى في أحضانهم وترجم هذه الأفكار في مشروعه، الذي أفرز “داعش” فيما بعد، رغم أن “أبو بكر البغدادي”، كان له نسب سابق بالإخوان المسلمين، أكده يوسف القرضاوي في تسجيل صوتي على موقع “يوتيوب”، كان يتفاخر من خلاله بالرحم التي أنجبت “داعش”.

لم ينشأ الظواهري في الأحياء الفقيرة بالقاهرة، مثل آخرين انجذبوا إلى جماعات متشددة وعدت بالدفاع عن “قضايا نبيلة”؛ فقد ولد عام 1951 لعائلة بارزة في العاصمة المصرية، وكان حفيدا لشيخ الأزهر.

ونشأ الظواهري في ضاحية المعادي الراقية بالقاهرة، وهو مكان يفضله الرعايا من الدول الغربية التي ينتقدها، واعتنق -وهو نجل أستاذ لعلم العقاقير- الفكر الأصولي الإسلامي لأول مرة في سن الخامسة عشرة.

واستوحى الفكر المتشدد، من الأفكار الثورية للكاتب المصري سيد قطب، وهو زعيم إخواني متشدد أُعدم عام 1966 بتهمة محاولة قلب نظام الحكم.

ووصفه الأشخاص الذين درسوا معه في كلية الطب جامعة القاهرة في السبعينيات بأنه كان شابا مفعما بالحيوية يذهب إلى السينما ويستمع إلى الموسيقى ويمزح مع الأصدقاء.

وقال طبيب درس مع الظواهري ورفض الكشف عن اسمه “عندما خرج من السجن كان شخصا مختلفا تماما”.

وقال زملاؤه السجناء إن هذه الظروف زادت من تطرف الظواهري ووضعته على طريق “الجهاد العالمي”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى