أراء ومقالاتالموقع

أيمن حمزة يكتب لـ«الموقع» قلوب العارفين عامرة بذكر الله

لا شك في أن ذكر الله باللسان هو الباب الرئيسي لذكر الله بالقلب، فذكر القلب في الحقيقة أهم من ذكر اللسان، وإن كان لذكر اللسان ثواباً عظيم، لقوله صلى الله عليه، وسلم «لا يزال لسانك رطبا بذكر الله» في معرض إجابته عن سؤال دلني على عمل يقربني من الجنة.

وذكر القلب هو أن يستحضر الإنسان في عقله، وفي نفسه معاني ما يذكر، هذه المعاني تجدها متجسدة في قوله “سبحان الله وبحمده، وسبحان الله العظيم، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، ولا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير”، وتجدها في أسماء الله الحسنى في جمالها وجلالها وكمالها، وتجدها في المعاني الطيبة التي تستقر في القلب عند تلاوة القرآن الكريم، قال تعالى {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ} فأمرنا أن نتدبر كلامه، وأن نستمع إليها بوعي، وأن نتلوه بخشوع، ليتحول الوعي إلى سعي في الحياة، فتتحول الآيات إلى سلوك، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم، لقول عائشة -رضي الله عنها- في وصف النبي «قرآن يمشي على الأرض».

وحلاوة الذكر بالقلب، أن القلب مرآة الحواس، فحين يشع نور الذكر في القلب، ينعكس نوره على الحواس، وحيث ما شعرت الحواس بالأنوار التي تتلألأ في القلب، خشعت لله رب العالمين، وعند هذا لا يمل الذاكر أبداً من الذكر، وإنما يزداد شراهة ليقتبس نورا من نور الله «نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ ۗ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ».

ونحن نتنفس نسمات فجر اليوم الثاني من شهر شوال، ينبغي لنا أن نزيل الأقفال التي على القلوب بكثرة الذكر، وأن نسمع القرآن، وأن نسعى لفهمه، والتفكر فيه، والعمل بما أنزل على رسول الرحمة {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ، وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ، وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} فذكر الله بالقلب يؤثر تأثيراً واضحاً ومباشراً في سلوك الإنسان، وسلوك الجماعة والمجتمع.

والعلاقة بين الفكر والذكر في تربية المؤمن نفسه هي علاقة تبادلية، وليست صراعاً كما يعتقد البعض، أو صور لنا حين قال «ما لا يدرك بالفكر يدرك بالذكر» فالتفكر في خلق السموات والأرض يؤدي إلى ذكر الله، والذاكر لربه لابد أن يستحضر المعاني المذكورة، والتي يقولها بلسانه، وأن يعيشها بكيانه ووجدانه من الداخل، حتى تنعكس عليه آثاراً، وهو يتحرك بين الناس وبين أصدقائه وزملائه ومجتمعه.

وكان من بين مشايخنا في كلية أصول الدين بجامعة الأزهر، مولانا الدكتور محمد ربيع الجوهري، يعلمنا الذكر بالقلب، حيث ألف كتاب بعنوان «السير والسلوك إلى ملك الملوك» وفيه يشرح منهج الذكر بالقلب، وكيف تصل إلى هذه المرحلة، وصف وتدريب ومجاهدة وهو كتاب قيم لمن أراد الرجوع إليه.
وختاما تحيا مصر تحيا مصر تحيا مصر.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى