الموقعتحقيقات وتقارير

«أنت الآن على نظام بعد العيد».. الحبس ينتظر الموظفين المُتكاسلين في رمضان «خاص»

كتب: إسلام أبوخطوة

حالة من الغضب سادت بين كثير من المواطنين بسبب سلوكيات الكثير غيرهم الذين يتخذون من الصيام حجة في تعطيل مصالح المواطنين وغيرها من المشاجرات التي تنشب يوميًا خاصة على مواقف الميكروباصات وبين السائقين والركاب.
«أنت الأن على خدمة كله بعد رمضان باذن الله».. قالها بسخرية أحمد سالم، موظف، مشيرا إلى أنه يعمل في إحدى الشركات الخاصة منتقدًا سلوكيات غيره مما يعرقلون مصالح المواطنين سواء في المصالح الحكومية أو المؤسسات الخاصة.

يشير الرجل الخمسيني إلى أنه كثيرًا ما يشاهد المشاجرات بين المواطنين الذين يأتون إلى المصالح الحكومية لقضاء حوائجهم والموظفين ويحاول يتدخل لفض الشجار حتى دخل هو في إحدى المرات في مشاجرة مع أحد الموظفين وقال له: «أنا موظف زيك وصايم اهو وبجري علشان اخلص مصالح غيري راعوا ربنا في الناس».

«أنا فيه مرة من المرات روحت قسم شرطة علشان موظف مش بلاقيه على مكتب لاكثر من مرة».. بهذه الجملة استهل وليد علي، والذي سرد سيناريو مشاجرة بينه وبين أحد الموظفين المتكاسلين في شهر رمضان ولن يجده لعدة مرات وبعدما توصل له ويعاتبه رد الموظف عليه ردًا أثار غضبة حينما قال: «الدنيا صيام ومش ناقصين صُداع».

«فيه ناس معدومين الضمير وللاسف دول كتير أوي وميعرفوش إن العمل عبادة وأن التكاسل في رمضان حرام».. قالتها بغضب شديد فوزية محفوظ حينما تذكرت موقف لها داخل إحدى المصالح الحكومية مع أحد الموظفين الذي تشاجر مع جميع المواطنين المقبلين عليه لقضاء حوائجهم.

تصمت السيدة الأربعينية قليلاً وتقول إن شهر رمضان المفترض أن يكون شهر الرحمة بين المواطنين إلا أن نادرًا ما يكون ذلك سواء في الشوارع أو في المصالح وتابعت:«الخناقات أصلا مش بتزيد الا في رمضان وبنشوف ده كتير في المواصلات ده غير الشتائم».

«كله بعد العيد».. قالها صبري خلف، موظف، بسخرية شديدة، مشيرا إلى أن المواطنين كثيرًا ما يدخلون في مشاجرات دائمة مع الموظفين وغيرهم من السائقين.

نرشح لك : مصر الرائدة.. ذكرى تأسيس أول جهاز لمكافحة المخدرات في العالم

وتابع: «تقريبا الناس فاهمة غلط.. رمضان بيجي علشان تتوب مش علشان يبقوا شياطين.. السواق من دول بتلكك علشان يتخانق مع الركاب والموظفين بيقضوا حوائج الناس بالغصب».

الإفتاء: حرام شرعًا

في بيان لدار الافتاء، أكدت أن ما يفعله الكثير من الموظفين من تعطيلٍ لمصالح غيرهم أو من يتقاضى أموالاً بغير وجه حقّ ليقضوا لهم مصالحهم محرمٌ شرعًا.

كما أوضحت الإفتاء أن تلك السلوكيات مُجَرَّمٌ في قانون العقوبات، والواجب الضرب على أيدي هؤلاء المرتشين العابثين الفاسدين، ما لم يتوبوا إلى الله مما يفعلون، كما أنَّ على ولي الأمر أن يُغيث كل من طلب منه الغوث للقضاء على مثل هذا الفساد العريض.

حبس سنة وغرامة 100 جنيه للمتخازلين في رمضان

الأمر لن يتوقف على ذلك فحسب بل هناك عقوبة قانونية على تعطيل مصالح المواطنين حسبما قال عصام محمود، الخبير القانوني.

وأشار «عصام» خلال حديثه لـ«الموقع» إلى أنّ قانون العقوبات يواجه ممارسات الموظفين الذين يعتمدون عرقلة مصالح المواطنين وهذا يعد مخالفات امتناع الموظف عن عمله بقصد حيث تنص المادة 124 من هذا القانون، على أنه إذا ترك ثلاثة على الأقل من الموظفين أو المستخدمين العموميين عملهم ولو فى صورة الاستقالة أو امتنعوا عمداً عن تأدية واجب من واجبات وظيفتهم متفقين على ذلك أو مبتغين منه تحقيق غرض مشترك عوقب كل منهم بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تجاوز سنة وبغرامة لا تزيد على مائة جنيه.

ويضاعف الحد الأقصى لهذه العقوبة إذا كان الترك أو الامتناع من شأنه أن يجعل حياة الناس أو صحتهم أو أمنهم فى خطر، أو كان من شأنه أن يحدث اضطراباً أو فتنة بين الناس أو إذا أضر بمصلحة عامة.

ووفقا للمادة، كل موظف أو مستخدم عمومى ترك عمله أو امتنع عن عمل من أعمال وظيفته بقصد عرقلة سير العمل أو الإخلال بانتظامه يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ستة أشهر أو بغرامة لا تجاوز خمسمائة جنيه.

ويضاعف الحد الأقصى لهذه العقوبة إذا كان الترك أو الامتناع من شأنه أن يجعل حياة الناس أو صحتهم أو أمنهم في خطر أو كان من شأنه أن يحدث اضطراباً أو فتنة بين الناس أو إذا أضر بمصلحة عامة.

واختتم حديثه بالتنويه إلى المادة 124 (أ)، والذي ينص على أن يعاقب بضعف العقوبات المقررة بالمادة 124 كل من اشترك بطريق التحريض في ارتكاب جريمة من الجرائم المبينة بها، ويعاقب بالعقوبات المقررة بالفقرة الأولى من المادة المذكورة كل من حرض أو شجع موظفاً أو مستخدماً عمومياً أو موظفين أو مستخدمين عموميين بأية طريقة كانت على ترك العمل أو الامتناع عن تأدية واجب من واجبات الوظيفة إذا لم يترتب على تحريضه أو تشجيعه أية نتيجة، وفضلاً عن العقوبات المتقدم ذكرها يحكم بالعزل إذا كان مرتكب الجريمة من الموظفين أو المستخدمين العموميين”.

استشاري علم النفس: انعدام الثقة وراء تكاسل الكثير في رمضان

قالت الدكتورة منى حمدي، استشاري علم النفس، إن التكاسل بالعمل يصنف فى علم النفس عادة وسمة شخصية وليس اضطراب نفسى تتسم به بعض الشخصيات كنتيجة لعدة عوامل منفردة أو مجتمعة منها عدم الثقة بالنفس وانخفاض تقدير الذات وفقد الاهتمام بالعمل.

وأشارت الدكتورة منى خلال حديثها لـ«الموقع» إلى أن مصادر التشتت متعددة ونقص فى مستوى التحفيز والذي يزيد من إطلاق الدوبامين هرمون سعادة الانجاز في الجهاز العصبي، وهي المادة المسؤولة عن الإحساس بالسرور والتى كلما زاد إفرازها زاد الإحساس بالرضا، وزيادة القبول والاقبال على العمل كما تتميز شخصيات المقصرون والمتكاسلون فى رمضان بالتململ السريع والتسويف والمماطلة وانخفاض الارادة فى حين يرتفع لديهم التبرير للذات والاتجاه المادى فى تناول الامور وقصور النظرة الدينية والاخلاقية .

وأضافت: يعمد بعض البشر فى رمضان إلى إتخاذ الصيام رخصة وذريعة نفسية للتهرب من بذل الجهد فى العمل والتعامل ويتبنون متلازمة الصيام العصبى ويغفلون عن الجانب الأهم والأعمق فى رمضان وهو صوم النفس عن كل ما يغضب الله وتهذيب النفس والارتقاء بها ، فيستخدمون أحد أخطر ميكانزمات الدفاع النفسى وهو التبرير ، ليبررون لأنفسهم التقصير ف العمل والعصبية والانفعال والمزاج السىء بسبب الصيام.

ونوهت استشاري علم النفس إلى أن هؤلاء المتكاسلين والذين يعرقلون مصالح غيرهم في رمضان يقبع وراء متلازمة الصيام العصبى وصيام توفير الطاقة إنخفاض الوازع الدينى حيث أثبتت الدراسات والابحاث النفسية علاقة وطيدة قوية بين التدين وما يصاحبه من وازع دينى وضمير يقظ بعملية ضبط النفس والسلوك وهو جوهر الصيام الحقيقى والهدف الاسمى والاعمق وليس كما يشاع ويطفو على السطح صيام الجسد .

واستكملت: الشعور بالرضا له عامل قوى ومؤثر فى ميل الكثيرين لأداء وظائفهم على أكمل وجه رغم صعوبتها ومشقتها بينما يقصر البعض رغم سهولة مهنتهم ومهامها ، فمتلازمة الصيام العصبى التى تتضمن ترك العنان للانفعال والعصبية والغضب وسوء المزاج ، ومتلازمة توفير الطاقة بتأجيل المهام أو التقصير فيها هم فئة الصائمون الاقل تدين وانخفاض للضمير والوازع الدينى كما يسيطر عليهم باللاوعى وسيلة التبرير للذات وينساقون لمبدأ العقل المتكاسل الموفر للطاقة، ويركزون على أداء الصيام بمفهومه المادى الذى لا يعرفون غيره بالامتناع عن الطعام والشراب وشهوة الجسد بينما يتركون العنان لشهوات النفس الغضب والكلام.

وأشارت إلى أن هناك العديد من الدراسات أثبتت أن نسبة البسطاء الذين يتسمون بالرضا والتدين أكبر منها عند ذوى مستويات الرفاهية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى