أراء ومقالاتالموقع

هاني عسل يكتب لـ الموقع .. إثيوبيا في حالة “خرس” الآن

قرار الإدارة الأمريكية باقتطاع 130 مليون دولار من مساعداتها لأديس أبابا، أصاب آبي أحمد بصدمة.

القرار معناه أن حكومة إثيوبيا لا تتمتع بأي مصداقية في تصرفاتها وتعاملاتها، وآبي أحمد لا يساوي ثمن “الكرسي” الذي يجلس عليه!

معناه أيضا أن حكومة أديس أبابا تنتهك القانون الدولي، وتحاول “اختراع” قوانين من عندها، ولا تحترم لا المجتمع الدولي، ولا واشنطن، ولا البنك الدولي، ولا حتى الاتحاد الإفريقي الذي تصر على التفاوض في إطاره.

فعلتها أمريكا معنا من قبل، بعد ثورة 30 يونيو، ولم نرد، ولم نهتم، فلم يكن لأي دولة أن تتدخل في قرارنا الوطني الذي لم يمس أي طرف آخر بسوء، إلى أن عادت واشنطن في قرارها من تلقاء نفسها.

فعلتها معنا قطر أيضا، وحاولت ابتزازنا، والضغط علينا بعد الإطاحة بـ”المعزول” مرسي، ولكننا أعدنا لها ملياراتها “الحرام” فورا، وبكل شموخ، و“على الـ…..”!

أما في حالة أمريكا وإثيوبيا، فالوضع يختلف.

فالقرار الأمريكي قرصة أذن مؤلمة، وصادر عن ترامب شخصيا، وستتبعه قرصات أخرى، بل ضربات، لن تقدر عليها دولة هشة سياسيا واقتصاديا ومجتمعيا مثل إثيوبيا.

حتى اللحظة، آبي أحمد لا يستطيع أن يعلق بكلمة على القرار الأمريكي.

كل ما استطاع فعله التغريد على تويتر بالأمهريةعن الازدهار” و”المسئولية الاجتماعية” .. يعني أي كلام في أي كلام!

لم يستطع رئيس الوزراء الإثيوبي أيضا أن يستغل القرار لصالحه ويتقمص دور “الواد” المضطهد الذي تتكالب عليه القوى الكبرى والاستعمارية، ليس لأنه لا يتحلى بالذكاء الكافي لفعل ذلك، ولكن لأنه يعرف تماما أن خطوته الصبيانية المغرورة ببدء ملء السد المشئوم هي السبب، ولم يكن ينبغي أن تمر مرور الكرام، لأنها تنافي ما تم التوافق عليه في إعلان مباديء 2015، وفي مفاوضات واشنطن، التي هربت منها إثيوبيا أمام أعين أمريكا والبنك الدولي، كما أن القرار الأمريكي ضربة لأحلامه الشخصية، ولن يمس المشروعات المرتبطة بمحاربة الإيدز، أو مساعدة اللاجئين، أو برنامج الغذاء مقابل السلام.

حتى فيتسوم أريجا سفير أديس أبابا لدى واشنطن، والذي سبق له أن طلب توضيحا من وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو على أنباء صحفية تواترت قبل أسبوعين عن قرار استقطاع المساعدات الأمريكية لإثيوبيا، وأعرب عن أمله في تراجع واشنطن عن هذا الاتجاه، أصابه الخرس هو الآخر، ولم ينطق بكلمة، بعد أن تبين له أن القرار صار أمرا واقعا، وليس مجرد تسريبات صحفية.

الجهة الوحيدة التي علقت في إثيوبيا على القرار كانت وكالة الأنباء الإثيوبية، التي يتسم أداؤها عادة بالفقر الإعلامي، حيث اكتفت بترديد تهديد أجوف بأن القرار من شأنه تعريض العلاقات الأمريكية الإثيوبية للخطر، وسيتسبب في “غضب” إثيوبيا .. وهذه “نكتة” الموسم!

ستتوالى الضربات على إثيوبيا، فاليوم أمريكا، وغدا مجلس الأمن، وربما تقول مصر كلمتها هي الأخرى قريبا، بعد أن فاض بها الكيل، واستنفدت ما لديها من “ذوق”.

وأبدا، لن يكون الكذب أو التدليس أو المراوغة وسيلة لشرعنة سد أو نهضة أو تنمية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى