أراء ومقالات

محمود مناع يكتب لـ”الموقع” كوامي نكروما “أفريقيا مازالت مستعمرة”

كان حديث الزعيم والمفكر الغاني الراحل كوامي نكروما في كتابه الاستعمار الجديد بمثابة النبوءة التي تحققت عقب سنوات طويلة من رحيلة وكأنه الآن يعيش بيننا يصرخ لقد قلت لكم وتحدثت إليكم بأن جوهر الاستعمار الجديد هو الاستقلال النظري مع تحقيق السيادة الدولية على دول القارة الأفريقية والتبعية الثقافية والاقتصادية أيضا

تلك التبعية إجبارية في شكل فرض نظام اقتصادي معين وتواجد موظفين لفرض ذلك على هيئة اشراف مالي وهذا الاستعمار الجديد يمارس السلطة دون تحمل أي مسؤلية ويمكن شرح ذلك من خلال اسس الاستعمار التقليدي الذي يعتمد بالأساس على اجتياح الدول اعتمادا على القوة البشرية وفوهة المدافع، أما الاستعمار الجديد فيعني تفتيت الدول إلى دويلات صغيرة لا تستطيع الاعتماد على نفسها بحيث تعتمد على الدولة المُستعمِرة مع الاستغناء عن ممارسة العمل السياسي والسلطة نظريا والاعتماد على الوكلاء والعملاء في الداخل مع تقديم كافة أنواع المساعدات والمعونات التي تساهم في عدم الاستقرار ومنها المعونات العسكرية والثقافية.

إن المتأمل في القارة الأفريقية يرى أنها قارة المتناقضات فهي قارة غنية على أرضها كنوز وموارد عديدة، ولكن تلك الموارد يتم استخدامها ليس لمصالح الأفارقة ولكن لمصالح دول أخرى. يطرح نكروما أطروحته لما يشبه الثورة الاقتصادية على نمط الاقتصاد الاستعماري الذي يراه المعوق الاساسي للتنمية والنهوض ويكون ذلك من خلال تخصص كل دولة بما يميزها من ثروات وصولا للوحدة الاقتصادية وبداية لثورة صناعية لتمكن الدول من تصنيع آلات الزراعة وغيرها لتحقيق التنمية الصناعية بحيث يمكن الانطلاق بعد ذلك نحو تحقيق الوحدة السياسية والعسكرية للحفاظ على الأرض الأفريقية، تلك الوحدة هي الأساس للمستقبل مع الأخذ في الاعتبار البعد عن الشعارات وأهمها شعار “مناهضة الاستعمار”. فهي جملة رددها الأتباع في الداخل للإمبريالية الاستعمارية، ويؤكد نكروما على تبنية الاشتراكية لأنها السبيل لتحقيق الوحدة للقارة.

قد حدد نكروما دول الاستعمارر الجديد التي يأتي على رأسها دولة الولايات المتحدة الأمريكية، مع ذكر بعض الطرق التي استخدمها الاستعمار الجديد لتحقيق السيطرة والاستنزاف. منها إقامة قواعد عسكرية، والسماح بوجود مستعمرات أجنبية في القواعد السابقة، واتباع سياسة “فرق تَسُد”.

وفي نهاية الكتاب يشرح نكرونا ويؤكد على ضرورة مواجهة الاستعمار الجديد من خلال رفع مستوى معيشة الطبقة العاملة، مع ملكية تراثنا وثقافتنا والوقوف في مواجهة الشركات الأجنبية التي تمثل أحد أوجة هذا الاستعمار مع تبني فكرة الحكومة الاتحادية فهي الفكرة الوحيدة والثابتة لتحطيم الاستعمار الجديد.

أخيرا لقد كان كتاب نكروما عن الاستعمار الجديد يمثل أخر مراحل الامبريالية من وجهة نظره، كاشفا لنا عن مآلات عدم الوحدة، كما أنه يشرح لنا موارد القارة الافريقية والعقبات التي تقف أمام عدم تحقيق التنمية الاقتصادية، كما أفاض الكتاب وكشف بوضوح مظاهر وأساليب الاستعمار الجديد، وخاصة الاستثمارات الأجنبية بالقارة، ومحاولة الحفاظ على تبعية القارة لتلك الدول الكبرى من خلال شركاتها التي تسنفذ القارة. تلك كانت صرخة نكروما منذ أواسط ستينيات القرن الماضي ونبؤته فهل آن الآوان لتحقيق الوحدة الأفريقية الفاعلة .. وللحديث بقية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى