الموقعخارجي

كييف: التهديد العسكري الروسي خارج أوكرانيا «لم يعد خيالًا»

كتبت – منال عبدالفتاح

مع يوم جديد آخر يقع هجوم آخر بالصواريخ الروسية والقنابل الموجهة والطائرات بدون طيار على الأراضي الأوكرانية، بحيث أصبحت كل من خاركوف وسومي وزابوريجيا وخيرسون وميكولايف وأوديسا حديث العالم، إذ يحاول بوتين محو الأراضي الأوكرانية من على وجه الأرض وقتل المدنيين وجلب المآسي والمعاناة.

كان الرئيس الروسي وممثلو الحكومة الروسية يصرحون، ولا يزالون إلى الآن، بأن الشعب الأوكراني هو أمة أنشئت بشكل مصطنع وإن أولئك الذين لا يشاطرون هذا الرأي ذلك “يجب قتلهم”. وفي رأيهم لا ينبغي أن يكون لأوكرانيا والشعب الأوكراني وجود في المستقبل. ويردد هذه الأقوال صحفيو الكرملين والشخصيات العامة ومروجو الدعاية الروسية الذين يدعون إلى إغراق الأطفال الأوكرانيين وحرق الأوكرانيين في منازلهم واغتصاب النساء الأوكرانيات من جميع الأعمار. يبث التلفزيون الحكومي الروسي تصريحات المسؤولين الرسميين بأن الأوكران إما يجب إدماجهم مع الروس وإما نزع هويتهم وجعلهم روسًا، وأولئك الذين لم ينجح الأمر عليهم يجب ببساطة قتلهم، فضلًا الدعوات إلى قتل ملايين المدنيين وإلقاء القنابل على المدن الأوكرانية. هكذا، وأمام أعين العالم أجمع، روسيا وبوتين يتجهان أكثر فأكثر نحو الفاشية.

وتزايدت الضربات المكثفة على أوكرانيا بشكل ملحوظ منذ مارس/آذار بحيث تعمل روسيا على تغيير تكتيكاتها وتعديلها دائمًا مستهدفة في الوقت الراهن مرافق البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا. ونتيجة للضربات الروسية الأخيرة، تكبد نظام الطاقة الأوكراني خسائر لا تقل عن 100 مليون يورو، وعمومًا، بلغ إجمالي الأضرار التي لحقت بنظام الطاقة الأوكراني بسبب القصف الروسي أكثر من 11 مليار يورو اعتبارًا من شهر مارس/آذار من هذا العام. ولا تسعى روسيا إلى قطع الكهرباء فحسب، بل ترغب أيضاً في تدمير منشآت التوليد الحراري من أجل تعقيد موسم التدفئة القادم بشكل كبير في أوكرانيا. واليوم، فقد قطاع الكهرباء الأوكراني 50% من قدرة التوليد و20% من قدرة التوزيع على الأقل، ومنها بعض المرافق، وهي محطات توليد الطاقة والمحولات، التي يمكن إصلاحها في غضون ستة أشهر والبعض الآخر يمكن إصلاحها في غضون عدة سنوات. وفي أي حال من الأحوال، سيواجه السكان والاقتصاد فترة الخريف والشتاء المقبلة 2024-2025 نقصًا حادًا في قدرات الطاقة، وهو ما قد يؤدي بدوره إلى كارثة إنسانية عشية الشتاء.

وعلى مرور عامين من الغزو الروسي الشامل، يحتاج 14.6 مليون شخص في أوكرانيا إلى المساعدة الإنسانية، بحسب الأمم المتحدة، ما يعادل 40% من سكان أوكرانيا، ومن بينهم 45% نساء و23% أطفال و15% ذوو احتياجات خاصة، الأمر الذي يدل على أن تصرفات الكرملين الإجرامية تؤدي إلى أزمات إنسانية. وفي هذا الصدد، يخطر على البال تدمير الروس لمحطة كاخوفكا الكهرومائية الذي تسبب في مشاكل تتعلق بتوفير المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية بالنسبة إلى نحو 11 مليون أوكراني. وتحت هذه الظروف يطرح السؤال: هل ينبغي أن يواجه الناس مثل هذه المشاكل في القرن الحادي والعشرين؟

لا شك في أن بوتين يريد تدمير قطاع الطاقة واندلاع أزمة إنسانية لاحقة في أوكرانيا، وهو ما سيؤدي إلى أكبر موجة من اللاجئين منذ نهاية الحرب العالمية الثانية إلى الخارج، في المقام الأول إلى دول الاتحاد الأوروبي بحيث يمكن أن يتراوح عدد اللاجئين من 5 إلى 10 ملايين شخص. ولذا، هل كل أعضاء الاتحاد الأوروبي سيكونون قادرين على هضم هذا العدد الكبير من المهاجرين الجدد؟

إن أوكرانيا مجرد هدف ثانوي للكرملين. وقد بدأ الغرب يدرك ذلك إلى درجة أن رئيس الدبلوماسية الأوروبية جوزيب بوريل حذر من أن أوروبا يجب أن تستعد لحرب محتملة قائلًا إن صراعًا واسع النطاق في القارة خارج أوكرانيا “لم يعد ضربًا من الخيال” وأن روسيا تهدد أوروبا”.

يسعى الكرملين إلى إلحاق هزيمة حضارية بالغرب الموحد. أما أوروبا فمن وجه نظر بوتين لابد من هزيمتها وإذلالها وتحويلها إلى تابعة لروسيا.

لذلك، فإن إعادة النظر في التهديد الروسي إلى جانب زيادة المساعدة العسكرية والإنسانية والمالية لأوكرانيا هي، في المقام الأول، مسألة تتعلق ببقاء الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي ورفاهية الجميع في العالم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى