تحقيقات وتقاريرالموقع

في رمضان.. المشردون داخل جنة «البيت والأسرة».. «خاص الحلقة الأولى»

تحقيق: إسلام أبوخطوة

كلما ترجلت في الشوارع تجدهم يفترشون الجوانب والأرصفة، وبعضهم أسفل الكباري، جمعتهم كلمة واحدة «غياب الأسرة» وتفرقهم الظروف، البعض منهم بسبب جفاء الأبناء وغيرهم من غدر الزمان، وبعد شهور عدة تبدلت معالم حياتهم 180 درجة، من نار الشوارع إلى جنة اللمة والأسرة في رمضان.

«محمد».. والدته تنبأت له بالنعيم

كانت حياته هادئة وسط أبنائه وزوجته.. يعود من عمله الشاق ليجد ابتسامتهم فور دخوله الباب لتعود له الحياة من جديد.. مع مرور الشهور تبدلّت معالم حياته وكثرت المشاجرات بينه وبين زوجته سبب ضغوط الحياة ومطالبها فكان يقف أمامها عاجزًا.
«مراتي طردتني من الشقة».. قالها محمد عمر سليمان، الشاب الثلاثيني، بحسرة شديدة.. يصمت قليلاً ويتذكر سيناريو طرده للشارع وقال، إنّه حاول الاستنجاد بأخوته من بطش زوجته ومعاونة عائلتها لها.. كانت الصدمة كبيرة في ردهم عليه «ملناش دعوه حل مشاكلك مع نفسك» وأغلقت الأبواب في وجهه.

تقف والدته معه في حربه ضد عائلة زوجته بعد تخلي أخوته عنه ولكن فشلت وقررت الهرب مع ابنها المسكين خاصة بعد تعرضهما للضرب من قبل عائلة زوجته.

لم تستحمل الأم كثيرًا ما حدث لها وابنها فتصاب بشلل تام فيقف ابنها الشاب عاجزًا أمامها «امي.. مالك يامي أنا مليش غيرك دهر.. متسبنيش».. ظل الشاب يرددها كثيرًا وتجمع أهالي منطقته في الإسكندرية وحاولوا مساعدته بتوصيله لوزيرة التضامن ومنها تم تحويلهم لدار معنا لإنقاذ إنسان في القاهرة.

سيارة خاصة جاءت لهم لنقلهم إلى الدار.. يحمل الإبن المسكين والدته على قدميه داخل السيارة، فإذ تمسك الإم بيده وقالت له: «متخفش يابني.. أنا لو موت ربنا معاك ودعيالك».

ما إن تصل السيارة إلى مكان الدار الكائن في الدقي حتى قالت له الأم «كده أنا اطمنت عليك يابني.. استودعك الله».
تتوفى الأم وسط ضرخات الأبن عليها «امي.. امي أنا لوحدي يا أمي»، فإذ يجد بيد المهندس محمود وحيد مؤسس الدار يمسكه ويقول له «فعلاً امك دعيالك والله وهي اللي وصلتك للجنة وهى اللي انقذتك مش انت اللي كنت بتنقذها».
جملة المهندس محمود له كانت رنانة فلم يصدق الشاب كلماته حتى بعد مرور شهور طويلة فشعر الشاب بعائلة جديدة له وحب ودفء ولعب.

«تخيل يجي عليك وقت كل أحلامك شوية مية ينزلوا عليك علشان يشيلوا التراب.. وهدمة نضيفة تلاقي نفسك صاحب بيت».. يستكمل الشاب الثلاثيني حديثه وقال إنه قضى عامًا كامل في الشارع يحاول بين الحين والاخر التوسل لاقاربه ضمه لهم ولكن بدون جدوى، كل هذا مع والدته المسكينة التي كانت تحاول جاهده استعطاف قلوب اخوته من والده عليه.
سقف طموحات الشاب ارتفعت وسط عائلته الجديدة داخل دار معانا لانقاذ إنسان، ويكتشف إن قلبه مازال حيًا.. ذات يوم قرر الذهاب إلى مدير الدار وطرق الباب ودخل وقال: «أنا عايز أتجوز».

لم يتردد صاحب الدار في الوقوف بجانبة ورشح له إحدى نزيلات الدار وتقابل معها وقال: «حسيت انها حنينة والمهندس محمود عرف يختار ليا».

سؤالاً وجهناه للشاب «مقولتش لنفسك أنا عايز أخد واحدة ليها أصل وعائلة.. أضمن منين سلوكياتها؟».. رد علينا الشاب قائلاً: «هو أنا أصلا كنت بحلم البس هدوم نضيفة علشان اتشرط.. ثم انا واخدها على ضمانة مدير الدار اللي ضمن حياتي واحياها من جديد».

يصمت الشاب قليلاً وعنياه تدمع ولم يتمالك أعصابه في البكاء وقال: «يوم فرحي افتكرت أمي لما قالت ليا أنا كده اطمنت عليك وصلتك لبر الأمان».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى