اقتصادالموقع

علاء الجرايحي في حوار لـ”الموقع”: هيئة الشراء الموحد أنقذت المواطن.. والتسعيرة الجبرية تضر الشركات الصغيرة

هيئة الشراء الموحد نظمت أسعار الدواء في مصر وتنتصر للمواطن

التسعيرة الجبرية تؤثر سلبا على شركات الأدوية الصغيرة

تطبيقات الدواء غير قانونية ولا تخضع للرقابة

الإعلان عن المكملات الغذائية والفيتامينات غير قانوني وذريعة لتحقيق مكاسب مادية

مدينة الدواء تحقق التوازن في السوق بما يتناسب مع القدرة الشرائية للمواطن

الدولة المصرية تعاملت مع أزمة كورونا بذكاء أظهر سيادتها في المنطقة العربية

تناول المسكنات دون إشراف طبي أو محاذير تتسبب في تدمير المعدة والجهاز الهضمي والمناعي

تناول المضادات الحيوية دون روشتة كارثة من نوع خطير

غياب الصيادلة عن الصيدليات قد يودي بحياة المرضى لضرورة إشرافهم على الوصفات

تمكنت مصر من تحقيق إنجازات عديدة في الملف الدواء بما يساهم في تطوير ذلك القطاع وتوفير احتياجات المرضى دون نقص يذكر في الأدوية بالبلاد، كما أن البلاد تتجه إلى تشغيل مدينة الدواء للقضاء على استغلال المرضى عن طريق بعض الشركات بما يناسب الجمهورية الجديدة تحت قيادة الرئيس السيسي، لذلك حاور “موقع الموقع” الخبير الدوائي، علاء الجرايحي، رئيس مجلس إدارة شركة ماجيك فارما، للوقوف على آخر مستجدات ذلك الملف في مصر، والحديث عن بعض الأزمات التي يجب حلها على مدار الفترة القادمة لتحقيق الازدهار في والاستقرار للإنتاج الدوائي في البلاد.

“الجرايحي” أكد خلال حواره على أهمية مدينة الدواء في توحيد الأسعار ومواجهة جشع بعض المتحكمين في سوق الدواء، وتطرق إلى التسعيرة الجبرية وكيف تؤثر على الشركات الصغيرة، كما أشار إلى عدم قانونية تطبيقات الدواء المنتشرة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، والإعلان عن أدوية على شاشات التلفزيون بما يخالف قوانين وزارة الصحة المصرية.

_بصفتك خبير دوائي، كيف احتوت هيئة الشراء الموحد سوق الدواء في مصر؟

تمكنت هيئة الشراء الموحد في مصر من عرض أسعار المواد الخام على شركات الدواء بمقارنتها في مختلف الدول بدءا من الأكثر سعرا مرورا بالمتوسط وانتهاء بالأقل مع التأكيد على جودة كل منهم، لذا فإن دورها في عملية تنظيم أسعار الدواء في مصر إيجابي للغاية.

نظرا لأن الهيئة العامة للشراء الموحد من شأنها أن تمارس دورها في الحد من تفاوت الأسعار، وتوفير أرقام صحيحة عن المواد الخام وأسعارها، بما يوحد سعر السوق، بالإضافة إلى أنها لا تسمح بدخول أدوية من الخارج دون فحص لها، بالإضافة إلى دورهم الرقابي الهام على الأجهزة الطبية.

ففي أزمة كورونا تمكنت الهيئة من توفير مسحات كورونا للمعامل بأسعار مخفضة، ما ساهم في تقليل سعر النسخة التي يجريها المواطن للاطمئنان على نفسه، وأصبحت لا تتعدى 400 جنيه تقريبا.

_هل تؤثر التسعيرة الجبرية على شركات الأدوية ومكاسبها المحققة من الدواء؟

تنقسم شركات الأدوية إلى أنواع، هناك شركات كبيرة وتلك التي تتوافر لديها مصانع وعمالة وتصنع لنفسها الدواء، بالإضافة إلى شركات أدوية متوسطة تقوم بنفس الدور، وتلك الشركات لا تتأثر بالتسعيرة الجبرية نظرا لأنها تنتج كميات كبيرة من الدواء ما يعمل على تقليل تكلفته، وتحقيق أرباح جيدة.

إنما هناك نوع ثالث من الشركات وهي الشركات الصغيرة، التي ليس لديها مصانع للإنتاج وتصنع الأدوية لدى الغير، تعاني من زيادة تكلفة الإنتاج عليها، نظرا لضعف رأس المال الخاص بها، فما الذي سيعوض دورة رأس المال، لذا تعتبر تلك الشركات الأكثر تأثيرا بالتسعيرة الخبرية للدواء، ولا تستطيع مواصلة المسيرة.

_ما رأيك في تطبيقات الدواء المنتشر إعلاناتها على مواقع التواصل الاجتماعي؟

تطبيقات مخالفة للقانون، لأن الدواء يجب أن يباع من خلال الصيدلية لابد من الخضوع لرقابة الصيدلي، بالإضافة إلى أن المستهلك لا يعرف من يتعامل معه، وعند التسبب في أي مشكلة لا يمكن لمن وقع عليه الضرر أن يأتي بالمتسبب فيه، نظرا لأن هذه الكيانات غير مسجلة ولا يعرف من مالكها.

لذا بيع الدواء يجب أن يتم عن طريق الصيدليات بما يساعد في أن يتم مساءلة المخطئ والخضوع أيضا لرقابة صيدلي، وعلى تلك التطبيقات والصفحات أن تدفع ضرائب لأنها بذلك تؤثر سلبا على الصيدليات، لأن الصيدلية تبيع الدواء ولها سجل ضريبي بينما تلك الصفحات فلا، لذا تبيع المنتج بسعر أقل بما يضر بالصيدلي.

_انتقدت قبل ذلك الإعلان عن المكملات الغذائية والفيتامينات على شاشات التلفزيون، فلماذا؟

بالطبع انتقدت ذلك التصرف، فعند متابعتي لبعض القنوات أجد فقرات إعلانية كاملة لدواء بما يخالف قوانين وزارة الصحة الخاصة بعدم الإعلان عن الدواء، ويتم الترويج لبعض أنواع الأدوية بشكل خاطئ على أنها تعالج كل الأمراض في شكل خاطئ للغاية.

هناك إعلانات لبعض الكبسولات تتحدث عن أن تلك الأدوية تساعد على تحسين أداء وظائف الكلى ومييزات أخرى لها علاقة بعلاج معظم الأمراض التي تواجه الشعب المصري وذلك منافي الحقيقة تمام ومجرد “وهم”، ويتهافت المتابعون عليه دون استشارة طبيب متخصص.

بالإضافة إلى أن الإعلان عن بيع المكملات والأدوية والفيتامينات دون معرفة الحالة الصحية قد يودي بحياة المريض لتعارض بعض المواد مع الأمراض أو الأدوية الأخرى التي يتلقاها الشخص المريض بما يتسبب في أزمات صحية عديدة قد تواجهه، وظهور الأطباء على الشاشات ومحاولتهم الترويج لبعض أنواع الأدوية مخالف تمام لما يمليه القانون والضمير على الطبيب أو الصيدلي.

_لدينا أزمة في إدارة الصيدليات وهي غياب الصيدلي عنها بما قد يساهم في صرف علاج غير صحيح للمريض.. فكيف نتغلب عليها؟

تلك أزمة حقيقية خاصة في ظل إتاحة أكثر من صيدلية للطبيب، بالطبع لن يكون قادرا على أن يتابع كل تلك الصيدليات في وقت واحد، لكن باعتبار أن ذلك مصدر دخله فعلى الطبيب أن يقسم اليوم إلى فترتين، فترة صباحية وفترة مسائية، كل منهما يساءل عنها مدير او خريج من كلية الصيدلة.

‏لذا يجب أن يكون داخل الصيدليات مديرين واحد للفترة الصباحية، وآخر للفترة المسائية، شريطة أن يكون هناك نظام تسجيل خاص بهم، وأن لا يكون ذلك المدير مسجل على قوة صيدلية أو مكان آخر في نفس توقيت عمله بتلك الصيدلية، وذلك نظرا لأن الصيدلي له قدرة على أن يفتح أكثر من صيدلية عن طريق الشراكة.

فمن الضروري أن يتواجد شخص متخصص ومسجل على نظام حديث خاضع لإدارة عامة، وهناك مراقبة، لأنه ليس من المنطقي أن أعمل في أكثر من مكان في وقت واحد.

ومن الممكن أن نربط كل الصيدليات بنظام عام ونراقبها على “سيستم” واحد، وأن يكون مدير الشئون موجود والزيارة والتفتيش يكونوا بشكل دوري للتأكد فقط، لكن الأزمة في محاولة بعض الصيادلة أن يوفروا تلك النفقات.

_وقعت عدة حالات وفاة لأطفال بسبب إعطاء “الحقن” في الصيدليات.. هل يمكننا مواجهة تلك الظاهرة؟

الأزمة لم تكن في إعطاء حقنة للطفل في الصيدلية، الأزمة كانت أن الشخص الموجود لم يكن صيدلي، بل شخص امتهن الصيدلة عن طريق العمل في الصيدليات لوقت طويل، لذا تمكن من الاستمرار في ذلك المجال كما نرى في العديد من الأماكن خاصة الريف والصعيد.

كما أنه يجب أن يكون هناك نظام مسجل عليه الحالة الصحية للمريض، فلو دخلت إلى صيدلية لشراء حقنة ما وكان هناك صيدلي متخصص سوف يسألك عن حالتك المرضية وإذا كنت تعاني من أي أزمات صحية أم لا، لعدم تعارض المادة الفعالة مع دواء ما تتناوله أو مع عرض صحي ما تمر به.

الخطأ الطبي وارد الحدوث في أي مكان، لكن لا يجب أن يكون هناك صيدلي لوصف الحقنة أو إعطاؤها للمريض، بالإضافة إلى تخصيص كود لكل منا فيه حالة المريض الطبية أو عن طريق رقم تأميني يتيح الصيدلي معرفة خالتي المرضية وما إذا كنت أعاني من أي أمراض مزمنة أم لا.

_اعتبر الخبراء مدينة الدواء أمل لحل أزمة ارتفاع أسعار الدواء، فما السبب؟

دائما ما أقول إن من لا يقبل التطور يسقط سريعا، والرئيس عبد الفتاح السيسي أحكم قبضة الدولة على الملف الدوائي، عن طريق نشر الرقابة، ففي بداية أزمة كورونا ارتفعت أسعار مستلزمات التعقيم والكمامات وغيرها بشكل جنوني، تسبب في حالة من الذعر لدى المواطنين، بالإضافة إلى شح الكمامات والكحل بشكل كبير.

لكن تدخل الدولة عن طريق صناعة الكمامات وزجاجات الكحل تسبب في حالة من التوازن في السوق، وواجه ارتفاع الأسعار والسوق السوداء التي حاولت استغلال الأزمة ضد المواطن وهم يعرفون باسم “أغنياء الحرب”، أي من يستغلون الحرب لتحقيق مكاسب مادية وأطماع.

لذا مدينة الدواء أمل لكل المصريين، نظرا لأنه من شأنها أن تعيد التوازن للسوق، وتنتج الدواء بسعر قليل يتناسب مع قدرة المواطن الشرائية، بالإضافة إلى أن التطور التكنولوجي الحادث بها من شأنه أن يقلل تكلفة الإنتاج للاعتماد بشكل كبير على الآلات في صناعة الدواء.

لذلك مدينة الدواء تعد إحدى سبل مواجهة خلل ارتفاع الأسعار ومراقبتها في السوق بما ويخدم المواطن، ضد جشع بعض رجال الأعمال.

_ما رأيك في تعامل القيادة المصرية مع أزمة الدواء أزمة في ظل انتشار فيروس كورونا؟

الدولة المصرية ممثلة في القيادة لم تستعد لازمة كورونا فقط بتوفير الأدوية، لكننا تمكنا من أن تظهر مدى سيطرة القيادة على زمام الأمور في البلاد، فكل الدول تعرضت لأزمات نقص في الكمامات والأدوية، ومساعدتها مصر بتوفير تلك المنتجات، بما أظهر سيادة دولتنا على مستوى الوطن العربي.

الصين باعتبارها واحدة من أهم الدول المصنعة للدواء في العالم عند بداية أزمة كورونا عانت من نقص حاد في المستلزمات الطبية، على الفور أرسلت مصر مساعدات طبية لها، هكذا كان تعامل مصر مع إيطاليا عندما واجه عدد كبير من مواطنيها شبح الموت نتيجة غياب الكمامات والأدوية.

_ارتفعت الأصوات خلال الفترة الماضية مطالبة بمنع تداول “الجاباتنين” نظرا لأنه يسبب اكتئاب وانتحار.. اشرح لما الأمر؟

كل الأدوية بوجه عام لها أثار جانبية، لا يوجد دواء ليس لها تلك الأثار، لذا يجب أن يكون الدواء الذي يتناوله المريض تحت إشراف طبيب في المقام الأول، بمراجعة صيدلي، نظرا لأنهم أكثر دراية بالتأثير السلبي للدواء، بالإضافة إلى أنه هناك كارثة حقيقية في مصر وهي الاستمرار في تناول الدواء أو صرفه بشكل دائم كلما شعر الشخص بنفس الأعراض التي انتابته قبل ذلك.

تلك الممارسات مميتة، بالإضافة إلى أنه هناك تناول دواء بالتبعية، أي أن الشخص يشعر بأعراض معينة فيصفها لصديقه الذي يعرض عليه بدوره أدوية كتبها طبيبه له عندما شعر بنفس تلك الأعراض غير آبهين باختلاف الحالة الطبية والجسدية لكل منهما ما ينتج عنها كوارث عديدة منها الإدمان.

كما أنني احذر من تناول الأدوية بشكل عبثي لأنه هناك بعض أنواع الأدوية التي تسبب الاكتئاب إذا تم تناولها على المدى الطويل وتتسبب في ميول انتحارية تنتاب من يتناولها.

_تلك الأزمة تجعلنا نسأل عن الأثار الجانبية السلبية لتناول المسكنات دون وصفة طبية؟

يتعامل البعض في مصر مع المسكنات الخاصة بالآلام على أنها نوعا من أنواع الحلوى، يلتهمونها ليلا ونهارا دون إشراف طبي أو محاذير، وتلك الممارسات تتسبب في تدمير المعدة والجهاز الهضمي المرضى على المدى البعيد، وكذلك الجهاز المناعي، ويصبح الشخص الذي يتناولها عرضة للإصابة بأمراض من شأنها أن تفتك به، “الاستسهال” في أي استخدامات دوائية مميت.

_ماذا عن استخدام المضادات الحيوية دون وصفات؟

تلك كارثة من نوعا أخطر، فتناول المضادات الحيوية يجب أن يكون بكميات محددة من قبل طبيب فيما يعرف باسم كورس دوائي، بمعرفة نوع البكتريا التي تسبب آلام المريض، لكن في مصر يتم تناول المضادات الحيوية بشكل غير مدروس، ويتوقف البعض عنها ولا يكملون العلاج بما يساعد في تحور تلك البكتيريا لنوع أقوى، نتيجة تمكنها من التغلب على المضاد الحيوي الذي لم يقتلها جميعا.

لذا يجب أن يتم تناول المضادات الحيوية بتروي وفقا لارشادات طبيب، بما يساعد في القضاء على الأمراض التي تهاجم جسم الإنسان، وإلا سنجد أنفسنا أمام كارثة تعرف باسم البكتريا المضادة للمضادات الحيوية، لذا أحب أن يغير المرضى ثقافتهم الدوائية، وتوعية الجميع بتلك المخاطر.

اعتبر المرض والبكتيريا مثل الجيوش عندما تهاجمها بشكل مدروس وسريع تقضي عليها، بينما التمهيد للهجمات يقفدك سيطرتك على المعركة بل ويجعلك تخسرها في كثيرا من الأحيان كما أن الطبيب هو الشخص المنوط بمعرفة البكتيريا والأمراض المنتشرة وأنسب المضادات لعلاجها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى