الموقعهلال وصليب

«سُلطان الأقباط».. قصة كفاح أول رئيس وزراء «مسيحي» تعرف عليها

إبراهيم الجوهري، أول ما يُعرف بسلطان الأقباط، هو أول رئيس وزراءقبطي بمصر، نبغ منذ نعومة أظافرة بخطه المتميز في نسخ الكتب، عاش في إحدى المناطق ذات الطابع الريفي، ربياه والديه التربية الدينية المسيحية داخل كتاب بلدتهم.
تنقل الجوهري منذ صغره بين الكتاتيب في القرن  ١٨ميلاديا ،وتميز في تدبنسخ الكتب الدينية وتقديمها إلى الكنائس على نفقته الخاصة، ويقطع مسافة بعيدة حيث يقوم بتسليم مانسخه إلى البابا يوحنا ١٨ البطريرك ١٠٧على الكرسى المرقسى مجانا دون أي مقابل .
ولقبه الشعب بسلطان الأقباط، وذلك دلالة على نقش قديم بحجاب أحد هياكل كنائس دير الأنبا بولا بالجبل الشرقي والكتابة المدونة على القطمارس المحفوظ في هذا الدير ، التحق في بدء عمله بوظيفة كاتب لأحد أمراء المماليك ثم توسط البابا لدى المُعلم رزق رئيس الكتاب ،فأتخذه كاتبا خاصا له واستمر في هذه الوظيفة إلى أخر أيام علي بك الكبير الذي ألحقه بخدمته.
وفور تولي محمد بك أبو الذهب مشيخة البلاد اعتزل المُعلم رزق رئاسة الديوان وحل محله المُعلم إبراهيم ،ولما مات أبو الذهب وخلفه في مشيخة البلاد إبراهيم بك تقلد الجوهري رئاسة كتاب القطر المصري والتي تعد من اسمى الوظائف الحكومية في ذلك العصر وتعادل رتبة رئاسة الوزارة.
تحمل الجوهري الكثير من التجارب السيئة في حياته ولكنها كانت تزيده صبرا وإيمانا ،تزوج من سيدة فاضلة عاونته في أعمال البر، ولكن شاءت إرادة الله أن ينتقل ابنه فحزن عليه والداه حزنا شديدا ولكنه ازدادا رغبة في عمل الخير فأدهش جميع عارفيه بصبره وقد توفيت كريمته دميانة بعده بزمن قليل.
استمر إبراهيم في رئاسة الديوان حتى وقع انقلاب في هيئة الحكام وحضر لمصر حسن باشا قبطان موفدا من الباب العالي فقاتل إبراهيم بك شيخ البلد ومراد بك أمير الحج واضطرهما للهرب إلى أعالي الصعيد ومعهما إبراهيم الجوهري وبعض الأمراء وكتابهم ودخل قبطان باشا القاهرة وبعد فترة عاد إبراهيم بك ومراد بك إلى منصبيهما وعاد المعلم إبراهيم الجوهرى واستأنف عمله.
ساهم في الكثير من الأعمال حيث تمكن من استصدار الفتاوى الشرعية بالسماح للأقباط بإعادة ما تهدم من الكنائس والأديرة،واوقف الأملاك الكثيرة والأراضي والأموال ، يعد أول من سعى في إقامة الكنيسة الكبرى بالأزبكية حيث اتفق أن إحدى الأميرات قدمت من الأستانة إلى مصر لقضاء مناسك الحج فباشر المعلم إبراهيم بنفسه أداء الخدمات اللائقة بمقام هذه الأميرة وأدي لها الواجبات اللازمة لراحتها وقدم لها هدايا نفيسة فأرادت مكافأته وإظهار اسمه لدي السلطان فالتمس منها السعي لإصدار فرمان سلطاني بالترخيص له ببناء كنيسة بالأزبكية.
وفي عام 1783ميلاديا قام ببناء السور البحري جميعه وحفر ساقيه لدير كوكب البرية القديس أنطونيوس بعد أن أهتم ببناء هذا السور من القبلي والغربي في سنة ،ويعرف إلى الآن باسم سور الجوهري.
كما قام المعلم إبراهيم الجوهرى بتجديد مباني كنيسة العذراء المغيثة بحارة الروم وقصر السيدةالعذراء بالبراموس وقصر السيدةالعذراء بالسريان، واهتم بتوزيع الصدقات علي جميع الفقراء والمساكين في كل موضع واهتم لهم بالطعام والكسوة وكذا الأرامل واليتامى الذين ليس لهم من يهتم بهم ورتب لهم في كل شهر ما يقوم بكفايتهم،وظل على هذه الحال إلى أن أنتقل إلى السماء يوم الاثنين٣١مايو عام ١٧٩٥ ميلاديا ،وحزن عليه الجميع كما أسف على وفاته أمير البلاد وقام البابا يوأنس برثأه ،ودفن في المقبرة الخاصة التي قام بتشيدها لنفسه بجوار دير مار جرجس للراهبات بمصر القديمة فى منطقة مجمع الأديان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى