الموقعخارجي

سياسي تونسي لـ “الموقع”: قوائم عزل جديدة ليتعافي الجسم القضائي من سيطرة حركة النهضة الإخوانية

كتب- أحمد إسماعيل علي:

قال أنس الشابي الباحث التونسي المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية، إن إصدار رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد أمرًا بإعفاء 57 قاضيًا، خطوة جاءت بعد التلميح والتصريح من طرفه بأن قصر العدالة تغيب عنه العدالة.

وشرع قضاة تونسيون في إضراب عام عن العمل يستمر لأسبوع تعبيرًا عن رفضهم قرارات الرئيس قيس سعيّد إعفاء نحو ستين منهم.

وتعطلت الجلسات في محاكم تونس، بسبب إضراب نفذه القضاة ردا على قرار الرئيس قيس سعيدعزل 57  قاضيًا لاتهامهم بالفساد. وألغيت الجلسات على نطاق واسع في أغلب محاكم البلاد فيما أعلن أعضاء في “جمعية القضاة التونسيين”، التي دعت إلى  الإضراب، نجاحه بنسبة عالية.

وجرى استثناء قضايا الإرهاب المتأكدة والإجراءات المتعلقة بإصدار تراخيص الدفن، من الإضراب المستمر على مدى أسبوع. ويدخل القضاة طيلة الإضراب في اعتصام بالمقرات القضائية، بهدف الضغط على الرئيس سعيد لسحب قرار العزل.

وقال “الشابي” في تصريحات خاصة لموقع “الموقع”، أن هذه الخطوة من الرئيس جاءت نتيجة لتراكمات حكم حركة النهضة (الفرع التونسي للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين) التي سعت منذ أن وصلت إلى الحكم سنة 2011 إلى الإمساك بمفاصل الدولة جميعها.

ولفت أنس الشابي، إلى أنه كان ضمن هذه الخطة قيام نور الدين البحيري القيادي الإخواني ووزير العدل أيامها بارتكاب مجزرة قضائية أولى من نوعها في تاريخ البلاد؛ حيث عزل 82 قاضيًا مرة واحدة بتهم من نوع شرب الخمر أو الذهاب إلى مطعم أو يشاع بأن له علاقة بزيد أو بعمرو.

وأوضح أن هؤلاء القضاة جميعهم  توجهوا إلى القضاء الإداري الذي أنصفهم في درجاته الثلاثة “الابتدائي والاستئنافي والتعقيبي” وآخر حكم صدر في شهر مارس الماضي، أي بعد ما يفوق العشر سنوات، وقد عاد أغلبهم إلى المحاكم باستثناء من وصل سن التقاعد أو توفي.

وقال إن هذه المجزرة مكنت حركة النهضة من وضع يدها على مفاصل القضاء جميعها وهو ما تكفلت هيئة الدفاع عن الشهيدين “بلعيد” و”البراهمي” بكشفه مستندة إلى الوثائق في ندوات صحفية كثيرة أعلنت فيها عن وجود تنظيم سري للجماعة، وحمّلت حركة النهضة المسؤولية في الاغتيالات وفي الانحراف بالقضاء عن مهمته في كشف الحقيقة بالتستر عليها.

وأضاف “الشابي”: “بعد قرارات 25 يوليو التي أنهت حكم حركة النهضة حاول رئيس الدولة الدفع إلى إصلاح القضاء والتخلص من تبعية بعض مفاصله للإخوان المسلمين”.

وتابع: في 13 فبراير  2022 أصدر الرئيس قيس سعيد المرسوم الرئاسي عدد 11 لسنة 2022 مؤرخ في 12 فبراير 2022 يقضي بحل المجلس الأعلى للقضاء واستبداله بمجلس جديد يدعى “المجلس الأعلى المؤقت للقضاء”، ولكنه فشل في ذلك وبقي الحال على ما هو عليه، لذا لم يكن أمام الرئيس سوى التدخل بنفسه بمقتضى الصلاحيات الممنوحة له فأصدر أمرًا رئاسيًا بعزل 57 قاضيا.

وقال إنس الشابي المحلل السياسي التونسي: من الجدير بالملاحظة أن الرئيس في خطابه بالمجلس الوزاري الذي أعلن فيه أمره هذا ذكر بالتحديد وبالنص الجرائم التالية: “تغيير مسار قضايا فساد مالي، ارتشاء، ثراء فاحش، مخالفة واجب النزاهة وتورط في الفساد، تعطيل تتبع في ملفات إرهابية وعدد هذه الملفات 6268، عدم الحياد وتجاوز الصلاحيات وتوجيه الأبحاث وخرق الإجراءات وتهديد القضاة وإخلالات في أداء الوظيف، تعطيل مرفق العدالة وحسن سير القضاء، تعطيل تتبع ذوي الشبهة في ملفات إرهابية والتصدي لتطبيق الفصل 23 من مجلة الإجراءات الجزائية في ملف الجهاز السري، الامتناع عن فتح أبحاث جزائية في قضايا لها علاقة بالأمن العام وذات صبغة إرهابية، التهاون في التنسيق مع القضاء في قضايا ذات صبغة إرهابية والسعي إلى حماية ذوي الشبهة في قضايا إرهابية من المساءلة أو التتبع الجدي مستغلا صفته، التدخل لحماية أطراف سياسية وأصحاب نفوذ موضوع تتبعات جزائية وفساد مالي، التدخل في القضايا الهامة انطلاقا من موقعه كمستشار في رئاسة الحكومة، التورط مع أحد أصهاره في التهريب من الحجم الكبير، حماية القضاة المورطين بتعطيل أعمال التفقد وخرق واجب الحياد، مساعدة مشبوه فيهما بالإرهاب على الحصول على وثائق إدارية ومنها منحه الجنسية التونسية، التواطؤ فيما يعرف بملف الجهاز السري الارتباط بأحزاب سياسية، عدم السعي إلى تنفيذ قرار بالتحجير بالسفر مما ساعد المضنون فيه على مغادرة البلاد، إبقاء ذوي شبهة إرهابية بحالة سراح، تغيير المسار القضائي لملفات فساد مالي، التستر على تدليس وثائق لها علاقة بأحد أفراد عائلة أحد قادة الأحزاب، تعطيل عمليات المداهمة والتفتيش، عدم تمكين الشرطة العدلية من القيام بتفتيش مقرات سكنى عناصر إرهابية”.

ولفت إلى أن جملة هذه الجرائم تنحل إلى شعبتين الإرهاب والتهريب بما يمسّ أمن الدولة الاقتصادي والاجتماعي، وبما يضع الدولة في حالة عجز عن مواجهة الأخطار المحدقة بها.

وأوضح أنه لأن الضربة كانت مفاجئة وغير متوقعة تنادى القضاة من ذوي التوجهات الإرهابية إلى مساندة زملائهم، عن طريق الإضراب التام عن العمل وهم فيما صنعوا يضعون كامل الجسم القضائي موضع المساءلة كما يلي:

1) هل دور القاضي يتمثل في إعلاء كلمة القانون أو الاصطفاف مع زملائه ولو كان ذلك على حساب ما اؤتمن عليه أي تحقيق العدالة؟

2) القضاء في كل بلاد الدنيا سلطة والسلطة لا تُضرب لأن القصد من الإضراب هو تحقيق مطالب هي محل مفاوضة فهل يعتبر القضاة المضربون أنفسهم في وضع مفاوض حول تطبيق القانون؟

3) الجرائم التي أعلن عنها رئيس الدولة كان من المفروض أن يتمّ البت فيها منذ مدّة ولكن تدخل حركة النهضة شلّ القضاء عن أداء دوره، فملف التنظيم السري أصبح معلوما لدى الناس جميعا ولكنه لم يتحرك قيد أنملة وكذا باقي الملفات المتعلقة بالإرهاب والتهريب وتبييض الأموال.

وختامًا توقع أنس الشابي، نشر قوائم أخرى – قضاة معزولون – حتى يتعافى الجسم القضائي من سيطرة حركة النهضة على مفاصله ممّا شلّ حركته عن تحقيق الأمن والأمان في البلاد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى