أراء ومقالاتالموقع

رشا سلامة تكتب لـ«الموقع» رجال من دهب

كل عام نقف فخورين بصدور نسخة جديدة من منتدى شباب العالم نرى فيه الشباب يرتدون أجمل الأزياء، ليطلوا بأبهى الحلى علي العالم يقدمون بلادهم ويتعارفون ويتبادلون الخبرات، لكن في التوقيت نفسه للمنتدى وعلي بعد عشرات الكيلو مترات منه هناك شبابا اخر تفخر بهم مصر كنت علي موعد معهم غير مرتب في قطعة اخرى غالية علينا من سيناء الحبيبة هي مدينة دهب.

قررت أن أقضي إجازة استرخاء استمتع فيها بالشتاء في سيناء العزيزة علي قلبي، وقررت أن تكون مدينة دهب هي الاختيار هذه المرة، ومن وقتها وبدأت في التجهيز للرحلة، الذي لم يستغرق يوما.

منذ ذلك الوقت وكان برفقتي شبابا من الفتيات والفتيان بل الأجدر أن نقول من النساء والرجال متزوجين وغير متزوجين. كانوا يتابعون معي إجراءات الحجز، وهم يراجعون موادهم الدراسية نظرا لاقتراب موعد امتحانات نصف العام، وفي الطريق كان هناك من ينتظرنا من الشباب الذين رافقونا كمشرفين علي الرحلة في الذهاب والعودة وبرغم صغر سنهم اللا انهم كانوا يقدرون اننا امانة لديهم.

ووسط برد الشتاء استقبلنا اخرون علي طول الطريق من القاهرة لدهب شبابا ورجالا يقفون وسط الصحراء في الليل في الاستراحات يؤدون عملهم دون تأفف، يظل المشهد هكذا حتي تصل الي مدينة السحر والجمال “دهب” لتنتقل الي مستوي آخر من العمل والاحترافية.

يستقبلك شباب علي دراجاتهم الهوائية التي هي واحدة من اهم وسائل التنقل بدهب، مرتدين ملابس واحذية رياضية. قد تري في عملهم رفاهية للوهلة الاولي ولكن الامر ليس كما يبدو، هم يقدمون لك اسلوب حياة مختلف عن روتينية حياتك هذا من صميم عملهم، اجسادهم لا تعرف الراحة من اجل ان ياخذون بيدك الي راحتك انت سواء بين الجبال او علي الشواطئ او الكافيهات او المطاعم والاسواق، ينامون بعد ان تغفو ويستيقظون مبكرا لتجد كل شيء علي ما يرام وفي انتظارك، ابتسامتهم تشبه البحر الاحمر في صفائه والجبال تعرف اصوات خطواتهم بينها، تعلموا من الطبيعة اللا يبخلوا عنك بشيء، يقدمون لك المساعدة اذا كان في امكانهم، فهم رجال أفعال لا يعدون اذا لم يكن في امكانهم الايفاء بوعودهم.

يعرفون جيدا كيف تدار الأعمال، العبث لا يعرف لعملهم طريق، فكل منهم ترك الرفاهية خلفه وسط عائلته وتجمعوا من المدن والقرى والقبائل، ليحققوا احلامهم كرجال يعتمد عليهم، ليس من اسرهم فقط بل من البلد باكملها، لن تسمع لهم صوت فهم لا يعرفون سوى العمل والثرثرة ليست في قاموسهم.

هم سفراء لنا بجدهم واجتهادهم واخلاقهم أمام زوارنا من كل بلاد العالم، يدركون جيدا قيمة دهب وسيناء كلها، وبانها ثروة يجب الحفاظ عليها، لذلك تجد فيها الامان والراحة في اي وقت حتي في ساعات الليل المتأخرة.

كل منهم يدير نفسه كرجل أعمال ناجح لديه خطط أساسية وبديلة، وجوههم المبتسمة تخفي ذهنا لا يتوقف عن التفكير من أجل تنمية تلك الأعمال، يقدمون معزوفة دون أي نشاز، يؤدونها في تناغم تحت سطح البحر ومن أعلي قمم الجبال، لا تراها بل تجدها في كل لحظة تشعر فيها بالسعادة والمتعة بالأجواء من حولك، حتى آخر لحظة قبل رحيلك عن دهب التي من زارها عقله ذهب، ويودعونك مبتسمين “بشرفتنا وهنستناك تكررها تاني”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى