حوادث

«خروج بلا عودة».. مأساة الطفل أدهم ضحية لقمة العيش

كتب – احمد عمر

منذ نعومة أظافره لم يهنأ الطفل أدهم بحياة أسرية سعيدة، فقد انفصلا والداه وهو طفل صغير يخطو خطواته الأولى تجاه الحياة، ليجد نفسه مطالبا بمواجهة أعباء الحياة وتوفير نفقاته.

ترك الطفل صاحب الـ14 عاما مسقط رأسه في محافظة الفيوم وانتقل للعيش مع والدته التي تزوجت من شخص أخر غير والده، ورافقها للعيش في منطقة بشتيل بالجيزة، لم يترك الطفل الصغير والدته بعد أن تخلى عنهما الأب ورفض أن يكمل الإنفاق عليه ويكمل دراسته كباقي أقرانه.

عاش الطفل رفقة والدته في شقة صغيرة بمنطقة بشتيل الشعبية، لكن ظروف زوج والدته لم تكن جيدة، فقد كان يعمل بائع مناديل على الأرصفة وبالكاد يقدر على مواجهة الظروف الصعبة لتلك الحياة، فقرر “أدهم” النزول للعمل والتخلي عن طفولته.

لم يجد أدهم غير التوك توك ليكون مصدر رزق له، ولم يكن يعلم بأنه أيضا سيكون سبب نهايته، اعتاد صاحب الـ 14 عاما على العمل على التوك توك، وبدأ يعطي والدته الإيراد اليومي الذي يكسبه من جهده وعرقه لتنفق على صغيريها التى أنجبتهما من زوجها “شقيقاها من الأب”، بعد أن وجد أدهم في زوج والدته ما لم يجده في والده، ونجح في تعويضه عن الحب والحب والحنان الذي يحتاج إليهما.

كان أدهم يعامل زوج والدته يعامله وكأنه والده، خاصة أن الأخير لم يقسو عليه يوما ويعامله كإبن له، ويجتهد “أدهم” في مساعدته في توفير نفقات المنزل وتدبير أموره، بدأت الأحوال تسير بشكل جيد داخل منزل الأسرة البسيط مع نزول “أدهم” للعمل وجلب متطلبات المنزل، حتى أن شقيقيه الصغار الذي لم يتجاوز عمر أكبرهما 3 سنوات كانا ينتظران عودته يوميا ليعطيهما الحلوى والفاكهة التي اشتراها لهما.

قبل عدة أيام جمع أدهم ووالدته وشقيقيه الصغار وصلة مزاح في الساعات الاولى من الصباح، انتهت بدعوة من الأم لابنها الذي أصبح سندها في تلك الحياة، وخرج الابن مصطحبا زوج والدته لمكان عمله، وراح يبحث عن مصدر رزقه في شوارع منطقة بشتيل.

بينما يجول الطفل الصغير بمركبته يبحث عن زبون، استوقفه شاب عشريني طلب منه أن يوصله إلى منطقة الكوم الأحمر في بشتيل، ظن الطفل أنها توصيلة سريعة وسيعود بعدها ليعيد زوج والدته إلى المنزل ليتناولوا الغذاء سةيا كعادتهم.

لم يكن يعلم الصغير بأن ذئبا بشريا يحيك له المكائد ويخطط لسرقته وإنهاء حياته، طوال الطريق يبحث المتهم عن مكان ناءٍ لينفذ مهمته، وراح ينسج الأكاذيب ويطلب من الضحية أن يغير خط السير في الطريق حتى وصلا ألى منطقة زراعية، وطلب منه أن يتوقف “فيه واحد صاحبي هيجيبلي شاحن”، وتظاهر المتهم بأنه يتحدث في الهاتف المحمول، وبعدها انقض على الطفل الصغير كالوحش المفترس وأنهى حياته مستغلا صغر سنه.

لحظات وفارق معها الطفل الحياة، ووألقاه المتهم على الكرسي الخلفي للتوك توك وسار به حتى وصل إلى ترعة الكوم الأحمر وربط بجسده حجرين طوب وألقاه في المياه، وعاد إلى منزله يحاول تغيير معالم التوك توك ليعمل عليه.

في منزل الضحية كانت والدته تنتظره على أحر من الجمر تترقب وصوله بفارغ الصبر، لكنه تأخر عن المعتاد فخرجت تبحث عنه في كل الشوارع وتسأل قائدي مركبات التوك توك لكنها عادت دون إجابة على السؤال التي خرجت من أجله “أدهم فين؟”.

في صباح اليوم التالي توجهت إلى قسم شرطة أوسيم وحررت محضرا بتغيب ابنها عن المنزل، وبعد 4 أيام من البحث والتحري ورد بلاغ لرجال المباحث بالعثور على جثة طافية بترعة الكوم الأحمر ويشتبه في وفاة الضحية جنائيا، وبمراجعة بلاغ الأم تبين تطابق الأوصاف فتم استدعائها والتعرف على جثمان ابنها.

انهارت الأم في البكاء والصريخ حزنا على ابنها الصغير الذي كان عائلها في تلك الحياة، وراحت تندب حظها بسبب مصيبتها، تبكي الام بحرقة على فقدان ابنها “دا معندوش رحمة اللي عمل فيك كدا.. كان أخد التوك توك وسابك تعيش”.

وقالت الأم إن ابنها كان يخطط لتكون له حياة مستقله، كان طموحا محبا للحياة وأسرته الصغيرة، واستأجر شقة مجاورة للأم وكان ينوي أن يتزوج فيها، لكن شيطان الإنس حرمه من تحقيق حلمه الصغير بحجة أنه يمر بضائقة مالية.

واختتمت حديثها قائلة “حرام اللي حصل في ابني ده كان عيل شقيان علينا، نفسي أعرف عمل فيه كده ليه وحرمني منه، حسبنا الله ونعم الوكيل فيه، مطالبة بالإعدام شنقا للمتهم”.

ومن خلال تحريات رجال الأمن تم التوصل إلى قاتل الطفل أدهم وتبين أنه يدعى “محمد” سمكري سيارات 22 عاما، تبين أنه خرج لارتكاب جريمته دون تخطيط، ووقع اختياره على المجنى عليه بسبب صغر سنه، وبالقبض عليه اعترف بأنه أنهى حياة الطفل «عشان خدنى من عند بيتى، وعِرفنى فقررت أخلص عليه، خنقته بإيدى وخدت التوك توك وألقيت جثته في الترعة، ووضعت عليها قالبين طوب للتأكد من مقتله».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى