أراء ومقالاتالموقع

حسن القباني يكتب لـ«الموقع» المسامح.. كريم أم مستباح؟

أتلقى أسئلة متكررة على بريدي ، حول كتاباتي الأسرية حول التسامح ، خاصة ممن أتعبتهم الجراح في بعض علاقاتهم ومعاملاتهم، في البيوت ودوائر المجتمع ، وأكثرها حيرة للبعض سؤال : هل المسامح .. كريم أم مستباح؟”.

في البداية يجب أن نعي أن “التسامح مبدأ عظيم بعد أن يعي الجميع حقوقهم وواجباتهم”، وليس قبل ذلك، كما قال البعض، ولذلك فالتسامح لا يرتبط بالأساس بالانتقاص من الحقوق المستقرة أو المساس بالواجبات المقررة، ولكنه خلق سامي، يخلق مساحات تجاوز ايجابي، كي يصون العائلات والمجتمعات من دوامات الشقاق والتنافر، ويعزز مناخ السلام والتعايش، ويجدد مساحات الحكمة والاتزان، ويقوي الصحة النفسية والعافية المجتمعية.

يقول الدكتور الراحل مصطفى محمود :” اليأس يؤدي إلى انخفاض الكورتيزون في الدم، والغضب يؤدي إلى ارتفاع الأدرينالين والثيروكسين في الدم بنسب كبيرة، وإذا استسلم الإنسان لزوابع الغضب والقلق والأرق واليأس أصبح فريسة سهلة لقرحة المعدة والسكر وتقلص القولون وأمراض الغدة الدرقية والذبحة، وهي أمراض لا علاج لها إلا المحبة والتفاؤل والتسامح وطيبة القلب”.

وللأسف، يربط البعض بين التسامح والضعف، وهذا خطأ كبير شائع، وهو ما نفاه أديبنا العالمي نجيب محفوظ قائلا :” التسامح هو أكبر مراتب القوة ، وحب الانتقام هو أول مظاهر الضعف”، كما قال الأديب الكبير باولو كويلو في السياق ذاته :” التسامح والرحمة من صفات الواثقين بأنفسهم ولا يعرفون الخوف”.

وليس معنى أن تسامح شخصا في علاقة باتت سامة أو مؤذية أن تواصل التواجد معه، وهو ما نبه إليه الأديب الراحل أحمد خالد توفيق بقوله الحكيم :” لا بأس أن تسامح شخصا وترفض أن يسير معك باقي الطريق، فنحن لا نسامح الآخرين لنصلح علاقاتنا بهم، بل قد نسامح لأننا نرغب بالمضي في حياتنا بدونهم”.

إذا حضرت المعرفة والمعروف من البدء في العلاقات والمعاملات، فإن فرص التسامح أعلى ، وصدق الكاتب الراحل عبد الوهاب مطاوع عندما قال :” من يعرف أكثر يكون غالبا أكثر استعدادا لالتماس الأعذار للآخرين و أكثر استعدادا للتسامح معهم، وأكثر احتراما لآراء غيره ، وأكثر استعدادا للتنازل عن رأيه إذا تبينت له أوجه الخطأ فيه”.

وبناء على ما سبق، أقول بيقين لكل بيت وسائل : المسامح كريم، والصلح خير، ومن تسامح علا ونجا ، لأن التفاهم خير من المناكفة، والتسامح خير من التناطح، والتسامي خير من سيء التمادي، والوفاق خير من الشقاق.

اقرأ ايضا للكاتب..

حسن القباني يكتب لـ«الموقع» تحدي بين الأربعين والستين

حسن القباني يكتب لـ«الموقع» علاقات بلا أنانية

حسن القباني يكتب لـ«الموقع» التفاهم أجدى لا التشابه!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى