اقتصادالموقع

«بلد القصب لا تجده».. نقص السكر يضرب المحافظة الأعلى إنتاجا في زراعته

كتب- محمود السوهاجي:

في المجتمعات الريفية والمحلية لا يُنظر إلى السكر على أنه سلعة استهلاكية يمكن الاستغناء عنها، بل هو جزء أصيل من الغذاء اليومي للأسر، ففي الصباح الباكر تنشط ربات البيوت في إعداد وجبة الإفطار، والتي قد لا تتجاوز الشاي وحبات الخبز المنزلي المُجفف “العيش الشمسي”، ويستخدم السكر بكميات كبيرة في تحلية المشروب، مما يوفر مصدرًا للطاقة بسعراته العالية، والتي يحتاجها رب الأسرة وأولاده في عملهم اليومي الشاق في الزراعة أو غيرها من المهن التي تحتاج إلى قوة البدن.

منذ قرون مضت، استقرت هذه السلعة في وجدان سكان المجتمعات المُستزرعة لقصب السكر، بوصفه مكونًا رئيسيًا ليس فقط في الغذاء، بل أيضًا في ضبط الأمزجة المُعتلة وإكرام الضيوف في دواوين القرى، كما أنه الهدية الكلاسيكية المُتبادلة في حفلات الزفاف والمأتم بين أسر هذه المجتمعات. وقديمًا كان التهادي بالسكر يُقدر بشكل المنتج، واعتبرت الذهنية الشعبية السكر المصنوع بشكل الأقماع، أو المُعلب في عبوات بشكل المكعبات أعلى قيمة.

ويرتبط ثبات ضرورة هذه السلعة في الذهنية الشعبية بقدم زراعة المادة الخام ونشوء المعامل المحلية الصغيرة، التي أقيمت في محيط القرى المستزرعة لمحصول القصب لتكرير السكر وبيعه محليًا وتصديره. فقد بدأت زراعة القصب وتكرير السكر في مصر سنة 710 ميلادية، وقد كان مناخ أقاليم جنوب الصعيد ملائمًا لذلك النوع من المحاصيل، وكانت محافظات الصعيد أو “ولاية الصعيد” أثناء الاحتلال العثماني لمصر هي المُصدر الرئيسي لسلعة السكر إلى إسطنبول، وكانت “فرشوط” شمال محافظة قنا هي أحد أهم مراكز تكرير السكر، حيث انتشرت بها المعامل الصغيرة وكان إنتاجها تتقاسمه السوق المحلية والأسواق الأوروبية وبينها إيطاليا وفرنسا وألمانيا،وبعد اعتلاء محمد علي باشا الكبير الحكم، أدرك بخبرته المُسبقة في إدارة المال والتجارة، أهمية هذه السلعة، فقد امتلك “الباشا” زراعات واسعة بمحصول القصب وبدأ إدخال صناعة تكرير السكر الحديثة سنة 1818 واستعان بمهندس بريطاني ليقيم أول مصنع بمحافظة المنيا.

نرشح لك : السكر بـ 50 جنيه والتاكسي عطل العداد .. تجار الأزمات يشعلون نيران المواطن .. وفين مبادرة مدبولي ؟.. «ملف الموقع»

ثم أسست الشركة العامة لمصانع السكر في الوجه القبلي، وأقامت مصنعًا في “الشيخ فضل” المنيا، و”نجع حمادي” في قنا، عام 1896، وفي السنوات التالية تم إنشاء مصانع أخرى في مطاي، وأبوقرقاص بمحافظة المنيا، و”أرمنت” بالأقصر.

وحاليًا توجد 7 مصانع لتكرير السكر في محافظات الوجه القبلي، ثلاثة منها في محافظة قنا وحدها؛ بمراكز نجع حمادي، قوص، ودشنا.

يتندر صغار مزارعي قصب السكر على السعر غير المسبوق الذي وصل إليه سعر الكيلو في المتاجر، والذي يتراوح بين 45 إلى 50 جنيهًا للكيلو الواحد، قائلين إن بلد القصب لا تجد السكر!

في إشارة إلى الشح الذي وصلت إليه السلعة في محافظة قنا، التي تنتج 36% من إجمالي محصول القصب في الجمهورية، على نحو 116 ألفًا و616 فدانًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى