الموقعتحقيقات وتقارير

«الموقع» يرصد أضرار الحزن: «متزعلوش»..طبيا خطر ودينيا حرام

 شعبان: الزعل يكسر القلب.. ويصيب بالعمى

 شفيق: الترابط الاجتماعي مهم لإزالة الكبت والحزن

«الإفتاء»: يأثم الإنسان على الزعل..والنبي أمر بالصبر

 مؤسسات اجتماعية في بريطانيا لتقديم حلول للضغوطات والمشاكل

 الحزن لم يأتي في القرآن إلا منهيا عنه

تقرير – أسماء مدحت

بين ضغوط الحياة وتقلباتها، يتقلب معها قلب الإنسان، وكيف لا وقد قال الشاعر وما سمي القلب إلا أنه يتقلب، إلا أن أخطر هذه التقلبات على القلب خاصة والجسد عامة..الحزن!

وكيف لا وقد امتلأت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بحالات وفاة وأمراض خطيرة كان المتهم الرئيسي هو الحزن.
لعل آخر تلك القصص وفاة الدكتورة إيمان علي، الطبيبة بمستشفى حميات بنها، والتي ماتت بسبب الزعل علي أخيها الذي مات في الليلة التي سبقت وفاتها!

ثم كانت وفاة الشاب عاصم عبد اللطيف حزنا على والدته…

الموقع“، يحاول أن يسلط الضوء على مخاطر الحزن، طبيا وتحريمه دينيا، آملين أن نتكاتف جميعا لعدم الاستسلام للحزن والمحاولة والمثابرة حتى تنجلي الأحزان إن شاء الله…

• يكسر القلب ويذهب البصر

الدكتور جمال شعبان، عميد معهد القلب السابق، قال إن الزعل يرفع ضغط الدم ويسبب جلطة أو نزيف في المخ، ويعمل على حدوث انقباض في الشريان التاجي ويتسبب في حدوث ذبحة صدرية.

أضاف شعبان، أن الزعل ممكن أن يكسر القلب نتيجة حدوث صدمة عاطفية أو فقدان شخص قريب، فيسبب متلازمة القلب المكسور Broken heart syndrome، كما أن الزعل المكبوت ممكن أن يسبب عتمة في العين “مياه بيضاء” وفقدان البصر، حيث قال الله تعالى عن يعقوب: “وابيضت عيناه من الحزن”، أو يسبب أورام للقولون العصبي، ويقلل المناعة حتى يصبح الشخص عرضة للعدوى بالميكروبات.

•العوارض المميتة

الدكتور محمد شفيق، أستاذ جراحة القلب والأوعية الدموية والصدر بكلية الطب، يقول إن الضغوط النفسية التي تؤثر على الصحة العامة تتعدد أشكالها وأسبابها، فتوجد أحزان مفاجئة وغير متوقعة ليس لها حل بشري ولا يمكن التدخل فيها لحلها مثل النجاة من حادثة مروعة بها أشخاص من الأقارب أو الأصدقاء وتم فقدهم في هذا الحادث، أو الموت المفاجئ لشخص عزيز دون توقع ذلك.

•العوارض المميتة

ونصح شفيق، بأن يتقبل الشخص أحزانه بجميع حواسه لأنها هي التي تستقبل الحزن، فالحزن الشديد يولد عصبية قد تسبب انهيار عصبي يؤدي إلى الوفاة، كما يوجد ما يسمى “بالعوارض المميتة” مثل حدوث صوت انفجار شديد أثناء الحروب، ومن شدة هذا الصوت تتأثر حواس الإنسان بالسلب مثل السمع والكلام ويصاب بالصدمة لدرجة ممكن أن توصله إلى الموت .

الآثار الجانبية للحزن

وأوضح أن هناك أنواع من الأحزان الحادة التي يصعب على المرء حلها بنفسه ويحتاج من يعاونه أو يؤازره لتخطي هذه الأحزان، مثل: سماع خبر موت مفاجئ وغير متوقع لصديق أو قريب، أو أن يتعرض شخص لفقد فقد جزء من جسده في حادثة بشعة، أو الرسوب في الامتحانات، أو الخسارات المالية في البورصة، وكل هذه الأحزان تترك آثار جانبية لدى الشخص مثل حدوث جلطة في المخ أو القلب أو تغير في الحالة النفسية.

وتابع، أنه توجد أحزان وهموم متوقعة، وهي التي يستطيع المرء بنفسه أو بمساعدة الآخرين حلها ولكنها تأخذ وقت كافيا قد يصل إلى أسابيع أو أشهر لتغيير السلوك والمزاج النفسي فمثلا، عندما يفرغ الشخص همه ومشاكله في صورة الشراهة في الأكل أو الشراب أو التدخين وأعراضه تظهر على شكل صداع مستمر وإمساك، أو أن يكون الشخص غير قادر على التكلم والتعامل مع البشر أو تناول الطعام بصورة طبيعية مثل: أوقات اقتراب الامتحانات وعدم القدرة على التفكير لزيادة ضغط الدم وارتفاع نسبة السكر في هذه الأوقات.

الإيمان بالقضاء والقدر

ولا بد أن نعالج هذا الزعل الشديد الذي يؤدي إلى الهلاك بالإيمان أن القضاء ليس بيد الإنسان وإنما بيد الخالق، وأن القدر يحتم علينا العمل بما يرضي الله والإيمان بأن هذه الظروف الصعبة لابد أن نتعايش معها؛ لأن الدنيا دار شقاء، والحرص على تحقيق الترابط الاجتماعي لأنه هام جدا وقادر على إزاحة الكبت والهم وحل المشاكل وإنهاء الصراعات.

قانون للحد من الضغوطات في بريطانيا

واستكمل أستاذ جراحة القلب، أنه توجد مؤسسات ضخمة تسمي “social works” هدفها دراسة ظروف المجتمع والضغوط التي يمر بها نسبة كبيرة من البشر لتقديم حلول لهذه المشاكل ودعم أصحابها، فقبل حوالي عشر سنوات خاصة في بريطانيا، وجدوا نسبة كبيرة من البنات يخضعهن لإجهاض أبناءهم أثناء الحمل ويرجع السبب إلى أنهم غير قادرين ماديا على تربية الأطفال وإطعامهم، ففرضوا قانون يسمي “إعاشة الحمل” في بريطانيا لدعم أي فتاة تحمل بمبلغ قيمته ٢٠٠ جنيه إسترليني مخصص لإطعام طفلها القادم.

التحلي بالصبر

وفي هذا الصدد، قال خالد عمران، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن الإنسان يجب أن يصبر ويحتسب همومه وأحزانه جميعها لله، لأن النبي محمد عليه الصلاة والسلام قال “ومن يتصبر يصبره الله”، فلا يجب أن يترك الإنسان نفسه للزعل حتى لا يسقط ويستسلم.

ونصح عمران أن الشخص يجب ألا ييأس ويقنط من رحمه الله؛ لأنه إذا استسلم فهذا يسمي “جزعًا” ويأثم عليه الإنسان، ويجب أن يعتصم بالله ويزداد إيمانا بربه.

• النهي عن الحزن في القرآن

قال الإمام ابن القيم رحمه الله:
لم يأت (الحزن) في القرآن إلا منهيا عنه كما في قوله تعالى: (ولا تهنوا ولا تحزنوا)..
أو منفيا كقوله: (فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون)..

وسر ذلك أن “الحزن” لا مصلحة فيه للقلب، وأحب شيء إلى الشيطان أن يحزن العبد المؤمن ليقطعه عن سيره ويوقفه عن سلوكه.

وقد استعاذ منه النبي صل الله عليه وسلم حيث قال: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن).

لذا يقول ابن القيم: الحزن يضعف القلب، ويوهن العزم ويضر الإرادة، ولا شيء أحب إلى الشيطان من حزن المؤمن..

لذلك افرحوا واستبشروا وتفاءلوا وأحسنوا الظن بالله، وثقوا بما عند الله وتوكلوا عليه وستجدون السعادة والرضا في كل حال..

يقول الإمام ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ:

«ﻻ‌ ﺗﻔﺴﺪ ﻓﺮﺣﺘﻚ ﺑﺎﻟﻘﻠﻖ، ﻭﻻ‌ ﺗﻔﺴﺪ ﻋﻘﻠﻚ ﺑﺎﻟﺘﺸﺎﺅﻡ، ﻭﻻ‌ ﺗﻔﺴﺪ ﻧﺠﺎﺣﻚ ﺑﺎﻟﻐﺮﻭﺭ، ﻭﻻ‌ ﺗﻔﺴﺪ ﺗﻔﺎﺅﻝ ﺍﻵ‌ﺧﺮﻳﻦ ﺑﺈﺣﺒﺎﻃﻬﻢ، ﻭﻻ‌ ﺗﻔﺴﺪ ﻳﻮﻣﻚ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻷ‌ﻣﺲ!» – «ﻟﻮ ﺗﺄﻣﻠﺖ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﻚ ﻟﻮﺟﺪﺕ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻋﻄﺎﻙ ﺃﺷﻴﺎﺀً ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﻄﻠﺒﻬﺎ؛ ﻓﺜﻖ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻢ ﻳﻤﻨﻊ ﻋﻨﻚ ﺣﺎﺟﺔ ﺭﻏﺒﺘﻬﺎ ﺇﻻ‌ ﻭﻟﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻊ ﺧﻴﺮًﺍ

ربما تكون نائماً فتَقرع أبواب السماء عشرات الدعوات لك؛ من فقير أعنته ؛ أو حزين أسعدته ؛ أو عابر ابتسمت له ؛ أو مكروب نفست عنه..

فلا تستهن بفعل الخير أبداً.

يقول أحد السلف:

إني أدعو الله في حاجة فإذا أعطاني إياها فرحتُ مرة، وإذا لم يعطيني إياها فرحتُ عشر مرات، لأن الأولى اختياري والثانية اختيار الله “..

يقول ابن سعدي رحمه الله:

الحياة قصيرة فلا تقصرها بالهم والغم والحزن..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى