الموقعخارجي

السفير حسام زكي الأمين العام المساعد في حوار خاص لـ”الموقع”: نتطلع لدخول الجامعة على خط تسوية النزاعات العربية

السفير حسام زكي الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية في حوار خاص لـ”الموقع” بعد التجديد له لفترة ثانية:

قريبا.. سوريا تعود لمقعدها في الجامعة العربية

اختلاف وجهات النظر بين الدول العربية أمر “طبيعي” و يتم تضخيمه في الإعلام

دول كثيرة تراجع إيمانها بالعمل العربي المشترك

كان يجب على “قطان” ألا يكشف ما بداخل “الغرف المغلقة”

لن نكون محايدين مع إثيوبيا ونتبنى وجهة نظر مصر والسودان في قضية سد النهضة

لم نتدخل في اتفاق المصالحة بين “الرباعى” و”قطر”.. و”المياه بدأت تعود لمجاريها “

نبحث مع الجزائر الترتيبات النهائية لاستضافة القمة العربية المقبلة

نتفهم الاعتبارات السيادية التي أدت إلى تطبيع الدول العربية مع إسرائيل

يمكن للدول “المطبعه” مع إسرائيل فتح قناة حوار لصالح القضية الفلسطينية

القوة العربية المشتركة فكرة جيدة .. ينقصها التوافق

الجامعة العربية “جهاز تنسيقي” ولا تفرض إرادتها علي دولها

ضعف الإمكانيات المالية وبعض العقبات الإدارية أهم التحديات التي تواجهنا

 الإعلام لا يهتم بتطورات منطقة التجارة العربية الحرة.. والإعلان عنها قريبا

 نرفض التدخلات الأجنبية في ليبيا ونأمل نجاح الحكومة الجديدة

تمسك الرأي العام العربي بالجامعة “مُذهل” كلما طالب البعض بإنهاء دورها

كتب – فريق الموقع :

جامعة الدول العربية، هي أقدم منظمة إقليمية ودولية، ومنذ إنشائها عام 1945، ما تزال تعصف بالأمة العربية العديد من الأزمات، زادت خصوصا خلال العشر سنوات الأخيرة، مع اندلاع ما يسمى “الربيع العربي”، فبالإضافة للقضية الفلسطينية، انضمت لها أزمات حادة في سوريا وليبيا واليمن ولبنان والعراق وتونس وغيرهم.

ووسط كل تلك الأنواء العاتية ما تزال جامعة الدول، ورغم صلاحيتها التي لا تتخطى “دور تنسيقي” بين مكوناتها الدول الأعضاء، تحاول أن تحظى بحضور وثقل لحل إشكاليات الوطن العربي، وفقا لما هو متاح من صلاحيات وإمكانيات وإرادات الحكومات العربية.

وللحديث بعمق عن جامعة الدول العربية ودورها وحجم تأثيرها دوليا وما يثار بشأن تراجع دورها في حل الأزمات العربية، التقى موقع “الموقع”، مع الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في أول حوار يجريه بعد التجديد له لفترة ثانية في منصبه.

 

بداية المسؤولية.. وإعادة الانضباط

*طبعا التجديد للأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ولكم أمينا عاما مساعدا، يدل على الثقة الكبيرة لمجهوداتكما، ودوركما الكبير في مجلس جامعة الدول العربية.. ما تعليق حضرتك؟

**الحمد لله، منذ تولي الأمين العام أحمد أبو الغيط، المسؤولية في منتصف عام 2016، كان في شغل جيد جدا، بمهنية وضمير عال. كانت الأمور تحتاج إلى بعض الانضباط في الأمانة العامة، سواء ماليا أو إداريا، الانضباط المهني عموما، والتنشيط. وأظن أن ذلك قد تم والدول لمست هذا الكلام، وأثبتنا في أكثر من مناسبة أن الجامعة العربية لديها أمانة عامة قادرة وفاعلة وتسعى دائما لأن تعمل بجهد ومهنية لخدمة قضايا الدول الأعضاء.

السفير حسام زكي الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية
السفير حسام زكي الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية

على مدار الخمس سنوات الأولى، أظن أن الأمين العام أثبت أنه وفريقه على قدر المسؤولية التي ألقيت على عاتقهم من جانب القمة العربية. لأن الأمين العام يختار من جانب القادة العرب والذين قد يفوضون وزراء الخارجية لاختيار الأمين العام إذا لم يستطيعوا الاجتماع خلال القمة لحسم الأمر في التوقيت المناسب.

أعتقد أن هذا مؤشر إيجابي، وإن شاء الله الفترة المقبلة تشهد المزيد من الأداء الجيد والرفيع، بقدر الإمكانيات التي تسمح بها الأوضاع.

أزمة مالية متكررة

وللعلم توجد أزمة مالية في الجامعة، تتكرر كثيرا، لكن، إن شاء الله، نستطيع مواجهتها والتعامل معها، حتى لو كانت تعيق العمل بعض الشيء، لكن في الخلاصة نحاول أن نصل لطريقة عمل تمكنا من أداء المهام المطلوبة منا.

ملفات عربية ساخنة

*قضايا عديدة ساخنة تعمل عليها جامعة الدول العربية.. ما أول ملف ستبدأ الجامعة للعمل عليه خلال الدورة 155 لمجلس الجامعة التي بدأت مارس الجاري؟

**الملفات لا تقاس بالترتيب بهذا الشكل. الجامعة العربية تتكون من 21 دولة عضو، ودولة مجمدة “سوريا”، وجدول أعمالها “ضخم وكبير ومتشعب” من السياسي للاقتصادي للاجتماعي للقانوني والمالي والإداري.. لدينا قضايا كثيرة جدا جدا، فليست لدينا أولويات رأسية، بل أفقية، وكلها في ذات الأهمية.

طبعا توجد قضايا معروف أنها تحوز على الاهتمام السياسي والإعلامي، مثل القضية الفلسطينية. وهذا طبيعي ومعروف وليس غريبا. إنما بشكل عام القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، تحوز على الاهتمام بشكل متساو ويجب العمل عليها دون تفضيل.

القمة العربية في الجزائر

*ما هي آخر ترتيبات انعقاد القمة العربية المقبلة المقرر أن تستضيفها الجزائر؟

**للأسف، القمة العربية، تعطلت العام الماضي 2020، بسبب جائحة كورونا، وكانت الأوضاع صعبة. وكان يوجد أمل في انحسارها في 2021 لنبدأ التحضير لانعقاد القمة في الجزائر، ولكن مع الأسف الجائحة ما تزال مستمرة، وقصة اللقاحات والتطعيمات لم تأخذ بعد قوة الدفع المطلوبة. نحن في تواصل مستمر مع الجانب الجزائري، والذي أعرب أكثر من مرة عن تمسكه بحقه في استضافة القمة، كما ينص على ذلك ميثاق الجامعة العربية. وبالتالي نواصل الحديث معهم حول أفضل فترة يمكن خلالها انتقاء التاريخ لعقد القمة في الجزائر.

السفير حسام زكي الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية
السفير حسام زكي الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية

وإن شاء الله، نعلن في القريب عن نتائج هذه الاتصالات، لتنعقد القمة في الجزائر في توقيت يلائم القادة العرب، لأنها مناسبة طيبة وجيدة لإعادة الحوار على أعلى مستوى في القضايا العربية إلى أين تذهب، وكذلك كل ما يهم الجامعة العربية من مسائل.

*هل هناك قضايا ملحة ينتظر أن يناقشها القادة العرب خلال قمتهم المرتقبة؟

**القمم الدورية، تناقش على جدول أعمالها، القضايا السياسية ومجموعة أخرى من القضايا المرفوعة إليها من مختلف أجهزة الجامعة، الاقتصادية والاجتماعية، بشكل أساسي.

طبعا، كالعادة القضايا السياسية هي ما تحوز  على اهتمام الإعلام والرأي العام، لأن الناس تتناقش في السياسة طوال الوقت وتحب أن تقرأ عنها وتتابعها.

هناك قضايا سياسية ذات أهمية، مثل الموقف العربي من القضية الفلسطينية وإعادة التأكيد على ثوابته، وكذلك كيفية التعامل مع الأزمات العربية، مثل التدخلات الإقليمية في الشأن العربي  من جانب “إيران وتركيا” وما إلى ذلك. كل هذه أمور مطروحة على جدول الأعمال، إن شاء الله.

الخلافات العربية

*هناك اختلافات بوجهات النظر بين الدول العربية في إطار التعاون الثنائي فهل هذه الخلافات تظهر في اجتماعات الجامعة العربية؟

**الخلافات بين الدول في وجهات النظر أمر طبيعي. إلا أن الخلافات العربية دائما ما يجري تضخيمها وإبرازها وكأنها أمر خارج عن المألوف، بينما نقرأ في كل المنظمات الأخرى سواء في أوروبا أو أفريقيا وغيرهما، أن هناك اختلافات حادة بين الدول، وتعبر عن تناقض حاد في المصالح فيما بينها.

والعرب في هذا ليسوا خارجين عن المألوف، لكن لا أعلم لماذا الخلافات العربية – العربية يتم تضخيمها للحد الذي يتصور أنها معيقة لكل شيء.. لا يجب أن تكون معيقة وهي ليست معيقة.

السفير حسام زكي الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية
السفير حسام زكي الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية

روح التوافق العربي

في حقيقة الأمر، عندما يُناقش موضوع داخل الجامعة، الروح السائدة هي الخروج بتوافق حول أي موضوع. أما إذا كان الموضوع مستعصيا على التوافق، إما أن يسقط من جدول الأعمال بالكامل أو يطرح للتصويت. والتصويت لا يتم اللجوء إليه إلا في أضيق نطاق حتى لو النظام واللائحة يسمحان بهذا.

إنما روح العمل القائم منذ سنوات طويلة هو التوافق حول قرار أو موقف معين، وبعد ذلك ربما تتحفظ دولة أو دولتين أو ثلاث دول، على قرار من القرارات، وهذا وارد.. وفي آليات العمل لدينا لا توجد مشكلة.

وجود الخلاف أمر طبيعي وصحي، ولكن كيف تدير الخلاف لنصل مع وجود هذه الخلافات إلى القواسم المشتركة في أي موضوع بدلا من الجلوس دون موقف عربي، هذا أمر آخر.

أداء الجامعة العربية

*هل أنتم راضون على أداء الجامعة العربية في الفترة الماضية؟

** لو قلت لك غير راض، سيكون معناه أني غير راض عن نفسي أيضا. لأنني جزء من هذه المنظومة، لكن لا أحد يستطيع أن يقول إنه راض مئة في المئة، لا عن أداؤه أو أداء المنظومة التي يمثلها، ولو كانت شركة خاصة أو عامة أو منظمة حكومية.

الإجابة الحقيقية لهذا السؤال: أنه دائما نطمح ونطمع في المزيد في أداء أكثر إتقانا وانضباطا، وفرص تتاح للجامعة العربية لكي تدخل على خط تسوية النزاعات العربية، بالشكل الذي يلائم تاريخها وقدرتها. وأتطلع لهذا دائما. وإن شاء الله، ربنا يسهل ونستطيع تنفيذ هذا لفترة المقبلة.

عقبات أمام الجامعة العربية

*ما أبرز العقبات التي تواجهها الجامعة العربية في أداء مهامها؟

** تنقسم العقبات أمام جامعة الدول العربية إلى فئتين:

أولا: الفئة المالية والإدارية، حيث توجد مجموعة عقبات لها علاقة بالأوضاع المالية والإدارية، سواء في الإمكانيات المالية نتيجة ضعف المساهمات أو تراجعها.

وكذلك بعض العقبات الإدارية، إذ يحتاج مستوى أداء الأفراد إلى تطوير وتحسين وتدريب دائم، وهذا ليس متاحا بالضرورة كل الوقت. كان يمكن أن تدخل التعيينات في الأمانة العامة للجامعة، أصلا، في أزمنة سابقة، عناصر أكثر حرفية ومهنية، ولكننا نعمل بالعناصر والأفراد الموجودين، وإن كان يحتاج الأمر تدريبات وتطوير دائم حتى في ذهنية العمل وثقافته داخل الأمانة العامة.

إنما الفئة الأكثر أهمية والتحدي الحقيقي، هي العقبات التي تواجهنا في سبيل الدخول على خط الأزمات العربية ومحاولة التأثير عليها، وأن يكون للجامعة دورا ومكانا في تسوية هذه النزاعات.

السفير حسام زكي الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية
السفير حسام زكي الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية

وهذه العقبة، ليست آتية من دولة أو وضع مالي، ولكن من أوضاع سياسية معينة. وتراكم هذه الأوضاع السياسية أدت بنا إلى نقطة محدودية الأمانة العامة في دورها، بينما يمكن في رأيي الشخصي جدا للأمانة العامة أن تلعب دورا أكثر فاعلية لو أتيحت لها الإمكانية، لكنها لن تتاح إلا من باب السياسة.

لذا نأمل أن يتاح ذلك، بما يمكن الأمانة، وبالتالي جامعة الدول العربية، من أن تكون دائما في “نص الملعب”، كما يقولون، وتستطيع تأدية ما يطلب منها أو يتوقع منها أن تؤديه.

القوة العربية المشتركة

*لماذا تعطل مشروع القوة العربية المشتركة الذي طرح عام 2015؟ هل هناك إمكانية أن يخرج للنور مرة أخرى أم أنه انتهى؟

**مثل هذه الموضوعات تكون بتوافق الدول، وعندما لا تنضم دولة أو أكثر للتوافق فهذا يعطل المسيرة. لكن مثلما نقول “الجامعة العربية هي جهاز تنسيقي بين الدول”، لا تفرض إرادة على دولها ولا تستطيع.. لا نملك هذا.

الاتحاد الأوروبي لديه “جهاز ضخم”، وموضوعات كثيرة، ويفرض إرادته على الدول الأعضاء. والاتحاد الأفريقي يحدث الشيء نفسه. الجامعة العربية، ليست هكذا، لأن طريقة ومفهوم عملها الأساسي تقوم على أنها تنسق بين دول أعضاء ذات سيادة، وهذا حدود دورها الأساسي.

القوة العربية المشتركة أو غيرها من الأفكار، أراها أفكارا جيدة ونيرة وتعزز العمل العربي، لكن لا بد أن تكون بتوافق الآراء، ويحتاج هذا الأمر إلى جهد كبير يبذل إذا تخلت الدول عن الفكرة.

لكن كل ما بحث فيها والحوارات التي جرت بشأنها موجودة لدينا في الجامعة، ودائما مستعدون لإعادة إنتاجها للدول، لو كان هناك اهتمام بتفعيل الفكرة مرة أخرى.

جدوى العمل العربي المشترك

*هل هناك رغبة حقيقية من الدول العربية في الوحدة أم هناك دول أو قادة لا يريدون العمل الجماعي؟

**هذا السؤال يلمس موضوع مهم، وهو تفضيل العمل الثنائي على العمل الجماعي أو لا. وللأسف الـخمس سنوات الماضية، التي عملت خلالها كأمين عام مساعد، رصدت أن دولا كثيرة أصبح لديها تراجعا كبيرا في إيمانها بجدوى العمل العربي المشترك، وهذه مشكلة تواجهنا. وأظن أنها لا تواجه الجامعة العربية فقط، كمنظمة إقليمية، بل تواجه العديد من المنظمات الإقليمية المماثلة.

وكيف يمكن حل تلك المشكلة؟

**هذه المشكلة ليست سهلة، لأنها “سبب وعرض” في الوقت نفسه. هناك دول يكون لديها رغبة في أن تبرز إمكانياتها ومصالحها وأهدافها من خلال العمل الثنائي. لكن العمل المشترك يرفع فيه “علم مشترك”، وليس علما فرديا لكل دولة على حدة.

الجهد المشترك، لا ترحب كل الدول به، يمكن أن ترحب في إطار معين ولا تمانع، ولكن في إطار آخر تقف وتفضل العمل الثنائي، فهي حالة بحالة إلى حد كبير، لكن المرحلة التي نمر بها بالفعل تشهد في تقديري تراجعا في الرغبة في العمل الجماعي لصالح العمل الفردي لمصلحة كل دولة. ونأمل أن نستطيع تغيير هذا الواقع ونعيد بعض الزخم للعمل الجماعي، لكن هذا موضوع يأخذ وقت وجهد وإقناع ويحتاج لعمل كبير.

السفير حسام زكي الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية ومراسلة الموقع
السفير حسام زكي الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية ومراسلة الموقع

منطقة التجارة العربية الحرة

*ما الموقف من منطقة التجارة العربية الحرة التي كان مقررا إطلاقها في 2008؟ هل التكامل الاقتصادي العربي أصبح حلما مؤجلا؟

**ليس مؤجلا.. هو قائم وهناك تطورات في هذا الملف، لكن تفاصيله كثيرة. الإعلام العربي لا يهتم بهذه التفاصيل، ويبحث دائما عن “المانشيت” وعنوان واحد أن منطقة التجارة العربية الحرة الكبرى، دخلت حيز النفاذ. والإعلام في انتظار تلك اللقطة. وإلى أن يصل لها ليس هناك اهتمام كبير بها.

هذا الموضوع به تفاصيل عديدة وخطوات وإجراءات تتخذ. وأؤكد أن الخطوات والإجراءات تقترب كثيرا من الإعلان عن هذه المنطقة.

المصالحة العربية مع قطر

*ما أبرز جهود الجامعة العربية للحفاظ على التفاهمات الأخيرة للمصالحة بين دول الرباعي العربي “مصر والسعودية والإمارات والبحرين” مع قطر؟

**الجامعة العربية، ليست داخلة في هذا الملف، ولم تدخل فيه منذ البداية. وعندما كان يوجد “خلل وتوتر عالي”، كان الترتيب بأن نضع هذا الملف جانبا، حتى لا نؤثر على العمل داخل الجامعة.

وبالفعل، احترمت الدول هذا الأمر، وكان يوجد توافقا عليه، وانتهى بنا الحال إلى أن الأمور سارت داخل الجامعة العربية بشكل جيد، رغم استمرار هذا الخلاف لثلاث سنوات أو أكثر.

ومؤخرا عندما تمت المصالحة، خلال قمة العلا الخليجية “5 يناير الماضي” دُعي لها أمين عام الجامعة العربية، بصفته ممثلا عن المنظمة الإقليمية الأم، ومن وقتها نستطيع القول إن “المياه بدأت تعود إلى مجاريها في الاجتماعات”، وإن شاء الله، الأمور تستمر إيجابية، وتدفع قدما بشكل جيد.

عن تصريحات الوزير السعودي أحمد قطان

*في بدايات شهر مارس ومع بدايات اجتماع وزراء الخارجية العرب كانت هناك تصريحات للوزير السعودي أحمد قطان، ضمت ملاحظات حول أداء الجامعة العربية ونشر تغريدات حذفها فيما بعد ارتبطت بالأمر نفسه.. ما تعليق حضرتك؟

**علقت على هذا الموضوع في حينه، ولا أعتقد أننا بحاجة لنتكلم فيه في الإعلام. وقلت هذا الكلام في حديث تلفزيوني وقتها، إنه في رأيي أن هذه الأمور التي طرحها الوزير “قطان” محل نقاش داخل غرف اجتماعات الجامعة، وليس في الإعلام.

وذلك لأن الإعلام يُطرح على رأي عام غير متخصص أو ملم بكل التفاصيل، فلا يجوز أن نبرز جانب ما نرى أنه الحقيقة، والرأي العام يبدأ يتداول في أمور لا يعرف حقيقتها وخباياها وتفاصيلها. فالأفضل دائما في هذه الأمور أن نناقشها في غرف الاجتماعات، وهذا ما يجب أن يُفعل وتقوم به كل المنظمات الأخرى وليست الجامعة العربية غريبة عن هذا.

السفير حسام زكي الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية
السفير حسام زكي الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية

كيان بديل للجامعة العربية!

لماذا دائما هناك كلام على فكرة وجود بديل للجامعة العربية؟ ولماذا بعض العرب يرون أن دورها انتهى؟

** ما أستطيع أن أقوله للإجابة على هذا السؤال، أن الجامعة العربية، عاشت أزمات أكبر بكثير مما تعيشه حاليا، وتهدد وجودها في أكثر من حقبة، ولكن استمرت وستستمر. فهي المنظمة التي يجتمع تحت سقفها كل العرب. ولكن البعض يمكن له رأي في أداءها، ليس كأمانة عامة. يمكن الأمانة العامة هي العنوان الذي يختاره البعض لانتقاد ما لا يريد انتقاده لو كان سيتحدث عن أداء دول. وأسهل شيء أن تنتقد الأمانة لأنها ليست دولة بل مجموعة أفراد موظفين.

إنما الموضوع سياسي في كل الأحوال. الجامعة العربية منظمة سياسية، وتجمع سياسي لكل الدول العربية.. وتمسك الرأي العام العربي بها مذهل في الحقيقة، ويخرج إلى السطح كلما ظهرت اتجاهات أو آراء تطلب أو تقول أو تنادي بأن الجامعة العربية انتهى دورها أو آن الأوان لاستبدالها.

أيضا، الترتيبات الموجودة في المنطقة التي جرت وتجري ويمكن أن تجري في المستقبل، تعالج مصالح دول المنطقة كل من وجهة نظره. الوضع الحالي يتطلب تشخيص جماعي للمشكلة. دون هذا التشخيص الجماعي، يظل الأمر قاصرا ولا يعطي لكل الأعضاء في الجامعة العربية حقهم المتساوي في الإعراب عن احتياجاتهم وتطلعاتهم طموحاتهم بالنسبة للعمل المشترك بينهم.

في النهاية، قد يكون لبعض الشخصيات آراء، وهذا أمر طبيعي، نحن منظمة حكومية، ونحن نلتزم بما يصلنا من الحكومات من آراء. فالموضوع واضح في ذهن الحكومات، وهناك تمسك بالجامعة العربية وأنها السقف العربي وبيت العرب الذي نجتمع فيه جميعا. وجود أي ترتيبات أخرى لا يعني الاستغناء عن بيت العرب. الأمور واضحة في أدبيات وثوابت الحكومات تجاه الجامعة العربية. إذا هناك آراء أخرى مخالفة، فهذا أمر طبيعي أن تطرح في الساحة، ولكن ما يصلنا من آراء من الدول والحكومات مؤيد بشكل واضح لاستمرار الجامعة في عملها وقيامها بالأدوار المنوطة بها.

الإنفاق في الجامعة

*هل قضية الإنفاق متعلقة بتبرع أو أوجه الصرف؟

**الإنفاق طبعا هو عبارة عن مساهمات مقررة في الميثاق، وهي التزامات قانونية على كل دولة، يفترض ألا يتم الإخلال بها أو ربطها بأي أمر من الأمور.

*لكن في حال التباين في وجهات نظر معينة هل يتم التأخر والإخلال بالمساهمات؟

**المفروض “لا”، ولذلك يجب أن تكون هناك حوارات في غرف الاجتماعات حول كل هذه الأمور حتى لا نطرح مسائل خلاف، عليها الكثير من علامات الاستفهام، وتفاصيل كثيرة لا يعلمها الرأي العام  أو الإعلام العربي، يمكن تغير دفة الرأي العام من اتجاه لاتجاه آخر تماما. مرة أخرى هناك تفضيل لأن تطرح هذه المسائل داخليا وليس خارجيا.

*لكن عندما يخرج شخص بهذا الثقل ـ الوزير السعودي أحمد قطان -، هل ترى أن هناك موافقة على حديثه في هذا الشأن؟

**لا يمكن أن أخمن بهذا الأمر.. وأعتقد أن ما حدث في هذا الوقت تم التعامل معه بالشكل الملائم، وبالتالي وضعنا الموضوع كله خلفنا، ونأمل أن المستقبل يجلب لنا المزيد من التفاهم، ليس فقط مع المملكة العربية السعودية، لأنها دولة رئيسة ودورها رئيسي في دعم الجامعة العربية، ولكن مع كل الدول الأعضاء.

المطلوب، أن يوجد التناغم فيما بين الدول والأمانة، وإذا كانت هناك أي قضايا عالقة غير متوافق عليها، فالأوفق والأجدر أن نناقشها بالشكل الملائم في اجتماعاتنا وليس على صفحات الجرائد أو المواقع الإعلامية.

*هل موضوع تواجد مقر الجامعة في مصر أمر محسوم ونهائي؟

**ليست محل نقاش أصلا.

الأزمة الليبية

* هل ترى أن تشكيل الحكومة الليبية الجديدة يسهم في حل الأزمة من جذورها؟ وهل استمرار المرتزقة داخل ليبيا يمكن أن يؤثر على المرحلة الانتقالية؟

**هناك تطورات إيجابية في ليبيا، رحبت الجامعة بها، وما حدث في ليبيا بعد الحرب التي استمرت فوق السنة ونصف، تطور مهم أيدناه والدول كلها أيدته.

كلنا طالبنا وما زلنا بأن يجلس الليبيون سويا كي يحلوا مشاكلهم. وإذا حل الليبيون مشاكلهم فإن الخارج سواء إقليمي أو دولي لن يستطيع أن يؤثر عليهم بالسلب، ولذلك هذه المرحلة الانتقالية بوجود الحكومة الليبية الجديدة، نتمنى لها كل التوفيق، كي تستطيع أن تقود ليبيا إلى مرحلة جديدة، بعقد الانتخابات المنتظرة في شهر ديسمبر المقبل، وإلى وضع جديد في ليبيا يفتح صفحة جديدة في البلد، وينتج عنه تلافي كل السلبيات التي كانت موجودة في المرحلة الماضية، وأبرزها طبعا التدخل الأجنبي في ليبيا، وهو تدخل مرفوض كان عليه تعليقات كثيرة.

كما أكدنا في مجلس الجامعة، في أكثر من مناسبة، أن كل التدخلات الأجنبية في الشأن الليبي مرفوضة وغير مرحب بها، وندعو إلى إنهائها بشكل فوري.

نتمنى لهذه الحكومة ولخليفتها، إن شاء الله، أن تكون على مستوى تطلعات الشعب الليبي وتحقق أمله في الاستقرار والسلام الأهلي والعودة لمسار سياسي يلبي طموحات الليبيين في دولة موحدة ومستقرة.

سد النهضة.. ومصر والسودان

* هل يمكن للجامعة العربية أن تتدخل لحل قضية سد النهضة؟

**في حالة سد النهضة، توجد دولتان من أعضاء الجامعة العربية هما مصر والسودان، وما تقررانه أو يثيرانه بشأن هذا الملف داخل الجامعة العربية، تتبناه الجامعة بطبيعة الحال، لأنها ليست محايدة ولا يمكن أن تكون محايدة في هذا الشأن، وبالتالي نتبنى وجهتي نظر الدولتين العربيتين، ولا توجد لدينا آلية بأن نكون محايدين مع الطرف الثالث ـ إثيوبيا – الذي لا ينتمي لعضوية الجامعة.

السفير حسام زكي الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية
السفير حسام زكي الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية

الجامعة العربية، تمثل وجهتي النظر المصرية والسودانية أو لو وجهة نظر واحدة نمثلها. إنما ليست لدينا إمكانية لأن نكون محايدين مع الطرف الإثيوبي. كان يمكن أن يختلف الأمر. الاتحاد الإفريقي الثلاث دول هم أعضاء فيه، لذا يستطيع أن يأخذ موقف أكثر حيادا من الجامعة العربية، لأنها متبنية بطبيعة الحال وجهة النظر المصرية والسودانية في هذا الموضوع.

الإدارة الأمريكية والجامعة العربية

*هل تواصلت الإدارة الأمريكية الجديدة مع الجامعة العربية حول موقفها إزاء أي من قضايا العرب؟

**توجد بين الجامعة العربية والجانب الأمريكي بعض الاتصالات التمهيدية الخاصة بالتهنئة وما إلى ذلك، والتواصل يكون من خلال القنوات الدبلوماسية.

أحيانا الجانب الأمريكي، يرغب في التعرف على تقييم أو رأي الجامعة في موضوع، وتقييم الأمين العام لأزمة معينة وكيفية التحرك فيها، وما إلى ذلك.

وهم بصدد أن يجروا تقييمات داخلية، وتقييماتهم ما زالت في بدايتها. إدارة جو بايدن، لم يمر عليها مئة يوم بعد، لنعطيها وقتا حتى يمكن أن تبدأ في التواصل مع الأطراف الخارجية بالشكل المناسب.

التطبيع مع إسرائيل

*تطبيع عدد من الدول العربية مع إسرائيل.. كيف تنظر الجامعة لهذا الموضوع؟

**قضية تطبيع العلاقات العربية – الإسرائيلية، من وجهة نظرنا كجامعة عربية، تحكمها مبادرة السلام العربية، التي تم التأكيد عليها في أكثر من مناسبة، وآخرها الاجتماعان اللذان عقدا يوم 3 مارس و8 فبراير. وكما قال الأمين العام، إنه “يتفهم الاعتبارات السيادية التي أدت ببعض الدول لأن تقوم بهذه الإجراءات أو الخطوات”. لكن نحن نصب أعيننا دائما القضية الفلسطينية، وكيف يمكن أن ننصرها ونساعدها، وكيف يمكن أن نستفيد من كل أوراق الضغط الموجودة لدينا، لننصر وجهة النظر الفلسطينية وندعمها.

السفير حسام زكي الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية
السفير حسام زكي الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية

بالتأكيد حصل ما يشبه الأزمة في شهر سبتمبر الماضي، كانت أوضح معالمها في مشروع قرار لم يعتمد، لكن الحمد لله، بالاتصالات التي تمت على مدار أشهر، وصلنا تحت رئاسة مصر للدورة 154 لمجلس الجامع العربية، للاجتماع الاستثنائي الذي عقد في 8 فبراير، واعتمد مشروع قرار في هذا الأمر، ركز على الثوابت العربية في موضوع القضية الفلسطينية وهذا أمر مهم جدا، لأن بعض الناس اعتقدوا أن هذه الدول ـ التي طبعت مع إسرائيل “الإمارات والبحرين والسودان والمغرب” – بالإجراءات التي اتخذتها تتخلى عن مواقفها في دعم القضية الفلسطينية.

وحقيقة الأمر هذا غير صحيح، وهذه الدول أثبتت بمشاركتها في اعتماد هذا القرار أن القنوات التي فتحتها والإجراءات التي اتخذتها ـ مع إسرائيل ـ لا توقف استمرار تأييدها للثوابت العربي تجاه القضية الفلسطينية، بل يمكن النظر في المستقبل لكيفية الاستفادة من هذه القنوات إذا أمكن وكانت هناك رغبة من كل الأطراف لدعم الحقوق الفلسطينية وكيفية استعادتها وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. هذا الأمر كان محل بحث دائم. وأعتقد أن اجتماع 8 فبراير حسم المسألة في اتجاه ما تم الاتفاق عليه.

عودة سوريا للجامعة العربية

*ما تطورات عودة سوريا لمقعدها في الجامعة العربية؟

**هذا الموضوع مطروح دائما منذ سنوات عدة. كل فترة هناك دول تتحدث عنه ويحصل بشأنه بعض النقاش في الاجتماعات التشاورية، ولكن حتى الآن لم يتم التوافق حوله، وربما يحدث هذا في المستقبل. نأمل أي خطوة تتخذ بهذا الخصوص يكون من شأنها تعزيز إمكانية مشاركة الجامعة العربية في حل الأزمة السورية والتعامل معها بالشكل الذي يعكس المصلحة العربية وليس فقط مصالح أطراف إقليمية ودولية غير عربية.

شاهد أيضا:

السفير حسام زكي لـ”الموقع”: قريبا.. سوريا تعود لمقعدها في الجامعة العربية

السفير حسام زكي لـ”الموقع”: تمسك الرأي العام العربي بالجامعة “مُذهل” كلما طالب البعض بإنهاء دورها

الجامعة العربية لـ”الموقع”: نرفض التدخلات الأجنبية في ليبيا ونأمل نجاح الحكومة الجديدة

الأمين العام المساعد للجامعة العربية لـ”الموقع: ضعف الإمكانيات المالية وبعض العقبات الإدارية أهم التحديات التي تواجهنا

السفير حسام زكي لـ”الموقع”: الجامعة العربية “جهاز تنسيقي” ولا تفرض إرادتها على دولها

السفير حسام زكي لـ”الموقع”: القوة العربية المشتركة فكرة جيدة.. ينقصها التوافق

الجامعة العربية لـ”الموقع”: يمكن للدول “المطبعة” مع إسرائيل فتح قناة حوار لصالح القضية الفلسطينية

السفير حسام زكي لـ”الموقع”: نتفهم الاعتبارات السيادية التي أدت إلى تطبيع دول عربية مع إسرائيل

السفير حسام زكي لـ”الموقع”: نبحث مع الجزائر الترتيبات النهائية لاستضافة القمة العربية المقبلة

السفير حسام زكي لـ”الموقع”: لم نتدخل في اتفاق المصالحة بين “الرباعي” و”قطر”.. و”المياه بدأت تعود لمجاريها”

الجامعة العربية لـ”الموقع”: لن نكون محايدين مع إثيوبيا ونتبنى وجهة نظر مصر والسودان في قضية سد النهضة

السفير حسام زكي لـ”الموقع”: كان يجب على “قطان” ألا يكشف ما بداخل “الغرف المغلقة”

السفير حسام زكي لـ”الموقع”: دول كثيرة تراجع إيمانها بالعمل العربي المشترك

السفير حسام زكي لـ”الموقع”: اختلاف وجهات النظر بين الدول العربية أمر “طبيعي” و يتم تضخيمه في الإعلام

السفير حسام زكي لـ”الموقع”: الإعلام لا يهتم بتطورات منطقة التجارة العربية الحرة والإعلان عنها قريبا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى