أراء ومقالاتالموقع

أحمد منتصر يكتب لـ«الموقع» نظرة على لبنان

عندما ينظر المرء لموضوع انتخاب رئيساً للجمهورية في لبنان يجد أن هناك الكثير من العقبات والمشاكل، بل والعوار الغريب، أو مثل ما يقول اللبنانيين ‘في شي مو زابط’ !

فبعد أكثر من ثمانية أشهر من انتهاء مدة رئاسة الرئيس ميشال عون، وشغور مقعد الرئاسة، لم يستطع إلى الآن أياً من الأطراف أن يوصل مرشح من أي جانب. حاولت قوى المعارضة في البداية من طرح اسم النائب ميشال معوض للتصويت في البرلمان ولم يتحصل على أكثر من ٤٠ صوت في أحسن الأوقات، وهو عدد لا يكفي، فالذي يحتاجه أي مرشح للوصول إلى سدة الحكم هو الحصول على ٦٥ صوت كحد أدنى، وهو أمر ليس باليسير الحصول عليه وتأمينه بدون توافق الأطراف المختلفة والمتباينة على اسم مرشح.

الأطراف اللبنانية الأساسية مختلفة اختلافاً جذرياً، فالثنائي حزب الله وحركة أمل قد أعلنا منذ فترة ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية – والذي كان اسمه متداولاً في المرة الماضية في العام ٢٠١٦ قبل ان يتم التوافق على الجنرال ميشال عون بصفقة حدثت بين جميع الأطراف – وهو ما تم رفضه تماماً هذه المرة من قبل القوات اللبنانية والكتائب والتغييرين والحزب التقدمي الاشتراكي، وهذا ما كان متوقعاً. أما ما لم يكن بالحسبان هو الرفض القطعي والحاد من جبران باسيل رئيس التيار الوطني الحر لسليمان فرنجية زعيم تيار المردة وبهذا الشكل، وهو ما ادى – ولا زال – إلى اتساع الهوة بين التيار الوطني الحر وحزب الله، وإلى وضع اتفاق تفاهم مار مخايل، والموقع بينهما في العام ٢٠٠٦، في مهب الريح.

الأغرب من ذلك هو محاولة جبران باسيل من التقرب من باقي الفرقاء، والذين حتى الأمس القريب كانوا يعتبرون من الخصوم، بل والأعداء، وبينه وبينهم مصانع الحداد، وخاصة سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية، وسامي جميل رئيس حزب الكتائب اللبنانية، وبالطبع وليد جنبلاط وابنه تيمور رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، بل عمل على التوافق معهم على اسم مرشح جديد، وهو جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، ومن قبلها عمل في شركة ماكينزي وبوز آند كومباني حيث كان نائبا للرئيس والمستشار التنفيذي الأول.

لكن من هو المرشح جهاد أزعور ولماذا من الغريب أن يدعمه جبران باسيل رئيس التيار الوطني للحر بالذات؟
جهاد أزعور عمل وزيراً للمالية في حكومة فؤاد السنيورة ولمدة ثلاثة أعوام، بداية من ٢٠٠٥ وحتى ٢٠٠٨، وهي جزء أساسي من الفترة الممتدة من ١٩٩٣ وحتى ٢٠١٠ التي كتب عنها نواب من التيار الوطني الحر كتاب اسموه ‘الابراء المستحيل’ والذي تناول الفساد واهدار المال العام في تلك الفترة حتى قال النائب ابراهيم كنعان وقتها أن الفساد وصل الى آلاف المليارات من الليرة اللبنانية! ومن أكثر الحكومات التي هاجمها الكتاب واتهمها بالفساد هي حكومة فؤاد السنيورة وفي قلبها وزير المالية جهاد أزعور! (مرشح جبران باسيل ومسيحي المعارضة) فكيف ينقلب الحال بهذه السرعة، ويصبح خصم أو حتى عدو الأمس هو صديق اليوم! والسؤال الأهم، هل سيستطيع جبران باسيل اقناع جميع نواب التيار الوطني الحر للتعاون مع أحزاب وتيارات هم على خلاف شديد معهم والتصويت لمرشح هم غير مقتنعين به في الأساس! أم سيرفض البعض هذا الترشيح وبالتالي يحدث شرخ عميق داخل التيار قد يصعب التعامل معه؟

حتى الآن وصل عدد النواب الذين يرشحون جهاد ازعور من نواب التغييريين والقوات والكتائب إلى ٣٢ نائب (حتى كتابة هذه السطور)، وفي انتظار أصوات أخرى يجرى حثها على التصويت له حين يفتح البرلمان برئاسة نبيه بري ابوابه لعقد جلسة تصويت لرئاسة الجمهورية. (وبالطبع سيكون الحزب التقدمي الاشتراكي هو حصان طروادة في اختيار الرئيس هذه المرة). ونحن لا نزال في انتظار بدء حلقة النزال بين المرشحين المتنافسين، جهاد أزعور وسليمان فرنجية على منصب الرئاسة.
ودون توافق بين جميع الأطراف .. لن يكون هناك للبنان رئيساً للجمهورية.

اقرأ ايضا للكاتب: أحمد منتصر يكتب لـ«الموقع» في المسألة الروسية ..القرم والتأثير الروسي

أحمد منتصر يكتب لـ«الموقع» عن المسألة الروسية ..في ذكرى يوم النصر الروسي على النازية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى