أراء ومقالاتالموقع

أحمد فرغلي رضوان يكتب لـ«الموقع» عن فاتن أمل حربي..الدين والقانون في مرمى النيران

في الفيلم الشهير ” أريد حلا” شاهدنا مشكلة معاناة المرأة في طلب الطلاق واستمرارها في طرقات المحاكم لسنوات وبالفعل أحدث الفيلم رد فعل اجتماعي قوي وبدأ منذ ذلك الوقت إنشاء قاعدة قانونية لإنصاف المرأة، وصدر فيما بعد قانون “الخلع” الفيلم ناقش القضية في إطار دراما اجتماعية واقعية لمست مشاعر المشاهدين وقدم مشكلة الزوجة التي تطلب الطلاق كل ذلك في إطار دراما مشوقة وشخصيات كتبت بإتقان، ولم يذهب بنا السيناريو إلى مكاتب الفتاوى في مشيخة الأزهر أو نشاهد مشايخ ضمن أبطال الفيلم ولم يتم “دس” حوارات جدلية عن الدين والأحاديث والفقه والحياة! طوال الأحداث!
شاهدنا واحدا من أفضل الأعمال الدرامية المؤثرة عن قضايا المرأة، كتب القصة حسن شاة والسيناريو والإخراج سعيد مرزوق والحوار سعدالدين وهبه، هؤلاء المبدعين لم يكونوا منشغلين بشكل شخصي بمشاكل ما مع الدين أو المشايخ أو مؤسسات دينية، هدفهم عمل درامي من واقع اجتماعي ونجحوا في توصيل ما يريدون، وحتى الآن تتفاعل مع الفيلم لصدقه.

هل لو كانت اختفت الخطوط الدرامية للمشايخ واللف والدوران في مكاتب الفتاوى والمساجد ومنازل الشيوخ في مسلسل “فاتن أمل حربي” كان العمل الدرامي تأثر ؟! هل لو كان تم تقليل جرعة الجدل الحواري عن قضايا فقهية وسنية هل كانت الدراما تأثرت ؟ هل لو كانت فاتن التقت رجلا ما طبيبا أو مهندسا وليس شيخا معمما، وتم الإعجاب والحب بينهما ألم يكن ذلك أفضل دراميا ؟! بدلا من سخرية المشاهدين.

ما جملة تلك الأفكار الجدلية التي أخذت مساحات كبيرة في الحلقات!

كان يمكن استغلال تلك المساحات في توضيح وشرح أكثر لتلك العلاقة الزوجية التي ظلت لعشر سنوات بدلا من مشاهد مباشرة وفجة مثل أن نجد الزوج يغلق الشباك بالمسامير “شاهدت مثل هذا المشهد في فيلم كوميدي لاسماعيل ياسين ”
توجد جملة حوارات وأحاديث جانبية لم تضيف شيئا للدراما، حتى أن محاولات صناعة شخصية فاتن حتى تكون رمز للمرأة لم تتم بشكل مقنع لدرجة تصديق أن نساء مصر يريدون فجأة أن تتحدث باسمهم أمام القضاء، ثم ما هذه المافيا التي تلاعب فاتن كل هذا الوقت رغم أنها ممكن أن تجبر  هذه المرأة الضعيفة على تنفيذ طلبهم في يوم وليلة!

ربما انشغال المؤلف بمعارك فكرية جانبية أثر على الخطوط الدرامية للشخصيات الرئيسية للعمل.

مشكلة الزواج التقليدي والعنف الأسري الذي تتعرض له الزوجة ومشاكلها مع المجتمع بعد الطلاق من حضانة إلى ولاية تعليمية ، قضايا مهمة وفكرة جيدة ومثيرة أن تطرح في الدراما ولكن تحول السيناريو إلى شجار ومشاهد ضرب في مقدمة كل حلقة وايضا أثناء الحلقات لدرجة مبالغ فيها !! وتحولت رواية الأحداث في السيناريو إلى شد وجذب خاصة بأفكار مقالات المؤلف !
وذهب السيناريو بعيدا إلى الدعاة الجدد وكيف يتم صناعتهم في “الجيم” والاشتباك مع الجمهور عبر وسائل التواصل الاجتماعي! من أجل مسايرة الحداثة في المجتمع “وركوب” التريند! او أحيانا يقترب من أفكار وشخصيات مشايخ السلفية! في فيلم مولانا كان ذلك مقبول ولكن ليس في مسلسل فاتن!

ما ذنب المشاهد وكل هذا الجدل الفكري والفقهي، ولذلك بدأ جزء كبير من الجمهور يتململ مما يشاهده وبعضهم توقف عن المتابعة! الجمهور ينتظر من العمل الفني حوار هاديء يلامس القلب والعقل مع أداء صادق من الممثلين وسيناريو مشوق للأحداث وموسيقى تصويرية جذابة، ولكن لا أن يتحول العمل الفني إلى “خناقة” برامج فضائية! المصداقية هنا تتراجع.

أفضل ما في المسلسل ولفت أنظار المشاهدين أداء الممثلين نيللي كريم تصدقها منذ الحلقة الأولى انها فاتن المرأة المقهورة والأم وتشبه كثيرا من السيدات، أفضل ممثلة هذا الموسم بجدارة، أما شريف سلامه هو أحد أكبر مفاجأت الدراما هذا الموسم لم أشاهده في هذه الحالة الفنية شديدة التألق من قبل عابه فقط العصبية طوال الوقت، والقديرة هاله صدقي حضور كبير وخفة ظل أضافت للعمل، ومحمد الشرنوبي أيضا يقدم واحد من أفضل أدواره وكذلك البنتين الصغيرتين.

من حسنات المسلسل سيتم إعادة النظر في بعض القوانين الخاصة بالأم المطلقة وكذلك شاهدنا دور وزارة التضامن من خلال مراكز الاستضافة لهن، أعتقد كان يكفي أن يكون العمل 15 حلقة لمناقشة تلك القضية الإجتماعية بدلا من الدخول في حوارات وشخصيات جانبية.

السياسة تفسد الدراما يا مولانا هكذا كتبت عن فيلم نفس المؤلف، وأضيف هذه المرة الخلافات الفكرية أيضا أفسدت الدراما بعد أن أغرقنا الكاتب والسيناريست إبراهيم عيسى في مادة الفقه الإسلامي ودارت بنا الكاميرات بين أرجاء مشيخة الأزهر ومكاتب الفتاوى وجلسات المشايخ والمساجد وكأني في حلقات برنامج الدين والحياة! وليس مسلسل درامي!

كان الأفضل أن تدور بنا فاتن بين أرجاء المنظمات الحقوقية للمرأة أو مكاتب المحامين من أجل دعم قضيتها.

رسائل :

_جزيرة غمام : مشهد المناظرة واحد من أفضل مشاهد الدراما هذا الموسم وأداء استثنائي من أحمد أمين وفتحي عبدالوهاب ومحمد جمعه، والمقارنة الفكرية الدينية بينه وبين فاتن أمل حربي في صالحه.

_بطلوع الروح : تصوير جديد وجذاب لعالم تنظيم الدولة “داعش” وأداء منة شلبي ومحمد حاتم الأفضل.

_عمرو سعد : نجحت في صناعة دراما شعبية تفاعل معها المشاهدين وقدمت واحد من أفضل أدوارك.

_رياض الخولي : الجمهور ينتظر مشاهدك كل حلقة في جزيرة غمام.

_خالد سرحان : جوكر الدراما هذا العام بجدارة.

اقرأ ايضا للكاتب : 

أحمد فرغلي رضوان يكتب لـ«الموقع» .. «المشوار» يواجه مطبات فنية

أحمد فرغلي رضوان يكتب لـ«الموقع» عن الاختيار و«الكبير»

أحمد فرغلي رضوان يكتب لـ«الموقع» مشاهدات رمضانية 2

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى