الموقعتحقيقات وتقارير

في كل موبايل «شيطان» لطفلك.. لماذا انتشرت ظاهرة تحرش الأطفال ببعضهم؟

أستاذ علم الاجتماع: انشغال الوالدين والمواد الإباحية على الهواتف والانترنت السبب

الشيخ العواري: وقوع هذه الجرائم بين الأطفال فيه إنذار شديد وناقوس خطر

محامي بالنقض: يٌحكم على الطفل بالإيداع في دور الرعاية وبعض القضايا تصل إلى الحكم بالحبس مدة 10 سنوات

تحقيق- منار إبراهيم 

شهدت قضية التحرش والاغتصاب بين الأطفال وبعضهم البعض تحولا خطيرًا في المجتمع هذه الآونة، ليتغير التوصيف من مجرد ظاهرة إلى مشكلة متكررة تستوجب حماية الصغير من الاعتداء، فتعرض الطفل لكثير من مصادر الإثارة مثل الصور والأفلام والقصص الإباحية، ولدت لديه الشعور بالرغبة الجنسية منذ الصغر، وتوسعت الدائرة من التحرش إلى الاغتصاب.

وطفت عشرات الحالات من التحرش بين الأطفال على الساحة المصرية، أغلبها كانت صادمة ومؤلمة وارتكبت بحق صغار في السنوات العشر الأولى، ومنها الواقعة المرعبة التي أثارت جدل المجتمع خلال الأسابيع الثلاث الماضية، حين قام طفل يبلغ من العمر 13 عاما باغتصاب طفلة في الرابعة من عمرها بأحد ملاهي محافظة أسيوط.

حين توجهت الطفلة إلى دورة المياه، وحينما خرجت فوجئت والداتها بوجود دم على ملابسها، وأثبت تقرير الطب الشرعي في واقعة الاعتداء بهتك عرض الطفلة ملك, انه تم فض غشاء البكارة بعد إحالة الطفلة للكشف الطبي عليها.

وفي واقعة أخرى ضحيتها طفلة عمرها ثلاث سنوات، قام شاب من ذوي الهمم بالتحرش بها، الشهر الماضي، في أحد مراكز الدروس الخصوصية، بعدما عرضته عاملة نظافة لأفلام إباحية وجهته أن ينفذ ما شاهده مع تلك الطفلة، قامت بتصوير الواقعة في مقطع فيديو تم تداوله على السوشيال ميديا.

وشهدت منطقة لعب الأطفال “كيدز إريا” بنادي بلدية المحلة، واقعة أغرب حينما قام طفل يبلغ من العمر 8 سنوات بالتحرش بطفلة في السادسة من عمرها، الأمر الذي أدى إلى تشابك الأهالي بعدما شاهدته والدة الطفلة يقوم بتقبيلها بطريقة غير عفوية، لمحاولة إقناعها باللعب معه.

وفي هذا الصدد، كشفت دراسة أعدها المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، عام 2021، عن حدوث 22 ألف حالة تحرش سنويًا، و85% من ضحاياه من الأطفال، بينما يتعرض 20% من هؤلاء للقتل أثناء مقاومة المتحرش أو المغتصب.

وأشارت دراسة أخرى، صادرة عن جامعة عين شمس، إلى أن الاعتداء الجنسي على الأطفال يمثل نحو 18% من إجمالي الحوادث المتعلقة بالطفل في مصر، وأن 35% من تلك الحوادث يكون الجاني له صلة قرابة بالطفل الضحية.

وفي آخر إحصائية أعلنت عنها وزارة الداخلية عام 2008، كشفت عن 120 ألف جريمة تحرش واغتصاب شهدها الشارع المصري، نسبة كبيرة منها بحق الأطفال وقصار السن، ارتفاعا من 52 ألف جريمة عام 2006.

والآن ما أسباب انتشار وقائع التحرش والاغتصاب بين الأطفال؟، وما خطورته على المجتمع؟، هذا ما سيناقشه «الموقع» خلال السطور القليلة القادمة…

نرشح لك : «عُقدة الجنس».. تحرش وأعمال منافية للآداب..«الموقع» يفتح ملف العلاقات المشبوهة للمنتمين للتيارات الإسلامية..(خاص)

قال دكتور علي عبد الرازق، أستاذ علم الاجتماع جامعة الإسكندرية، إن سبب انتشار وقائع التحرش والاغتصاب بين الأطفال والكبار، هو الانفتاح العالمي للمجتمع دون رقابة، فالأمر مرتبط بموجة من الانفلات الأخلاقي العالمي.

وأوضح “أستاذ علم الاجتماع” لـ الموقع، أن انتشار هذه الظاهرة بين الأطفال يعود إلى انشغال أولياء الأمور الذين يمثلون “حراس البوابة” بالسعي وراء لقمة العيش وتوجه الوالدين للعمل لتوفير متطلبات المعيشة وسط الظروف الاقتصادية الصعبة، أدى إلى انشغالهم عن دورهم الأساسي وهو التنشئة الاجتماعية والتربية السليمة لأطفالهم.

وأشار إلى أن غياب دور التربية بالمدارس والتركيز على الحشو العلمي لتحصيل الدراجات سبب رئيسي في انفلات أخلاق الأطفال، هذا إلى جانب افلام ديزني وما تروج له من المثلية الجنسية، ومشاهدة الأفلام والفيديوهات الإباحية.

وأكد “الجبلي” على أن انتشار هذه الظاهرة بين الأطفال تنذر بخطر فادح يهدد المجتمع مستقبلا، فهؤلاء الأطفال هم شباب الغد ونمو هذه المشاعر الجنسية مع خطر كبير يؤكد حدوث الآلاف قضايا الاغتصاب والتحرش مستقبلا.

ونوه إلى ضرورة حماية الأطفال من التحرّش الجنسي، بتوعية الطفل حول أجزاء جسده وخصوصيته الجنسية، لأن التربية الجنسية المبكرة هي الركيزة الأساسية لحماية الأطفال من هذا النوع من التحرّش، وأن يتعلم الطفل آداب العورة وسترها، أن هناك أجزاء من جسده لا يحق لأحد أن يراها أو يلمسها.

ولفت إلى ضرورة مراقبة الطفل من قبل الوالدين، فالطفل ينشأ كما يتم توجيهه وتنشئته، فكيف سينال التنشئة السليمة و”حارس البوابة” وهم الوالدين منشغلون لذا يجب الاهتمام بمراقبة وتربية الطفل.

ومن جانبه قال الدكتور عبد الفتاح العواري، عميد كلية أصول الدين الأسبق، إن هذا الفعل فيه خروج عن الفطرة السوية التي تأبى ذلك، ووقعوها بين الأطفال أمر خطير للغاية وفي هذا إنذار شديد أن يدق المجتمع نواقيس الخطر، حتى لا ينتشر هذا الأمر.

وأضاف الشيخ “العواري” أن انتشار هذا الأمر وتمكنه من نفس الأطفال سيصبح عادة ملازمة له عند الكبر، ومن هنا يجب على أولياء الأمور مراقبة أطفالهم من خلال إقلاعهم عن الأجهزة الإلكترونية ومواقع التواصل التي تضم مواقع إباحية قبيحة، الأمر الذي جعل الذين يحاربون قيمنا العربية والدينية في مواقعهم أمور تخص الأطفال لنشر هذه القبائح بين الأطفال وبعضهم البعض، كي يقلد صغرنا ما يشاهدونه في هذه المواقع.

وأكد على ضرورة قيام المعلمون في المدارس ورجال الدين في المساجد والكنائس والوالدين في البيوت، بوعظ وتحذير الأطفال من خطورة هذه الجرائم، لأن انتشارها في المجتمع ينذر بعواقب وخيمة.

ونوه إلى أن الإسلام يحارب هذه الفاحشة ويشدد أنها من المنكرات التي تهدم المجتمع، لأن إذا أصيب الناس في أخلاقهم لنقم عليهم مأتمه وعويلا، فحذاري أن نقف مكتوفي الأيدي أمام تلك المظاهر، ويجب على المشرع تشريع قوانين رادعة تخيف وتحذر هؤلاء الأطفال وأولياء أمورهم، وحتى نطهر المجتمع من تلك الفواحش، التي لا يرتضيها الله ولا الرسائل السماوية.

وحذر «العواري» من ترك الطفل الذي تعرض للتحرش دون علاج نفسي لأن مشكلة كبيرة، فالتحرش مرض شديد الخطورة، ويجب عرض الطفل الذي يبدو عليه علامات الميول الجنسي على طبيب نفسي لما يحمله من خاطر قادم على المجتمع.

ما عقوبة الطفل المتحرش أو المغتصب؟

قال محمد ميزار، المستشار القانوني والمحامي بالنقض، إن قانون الطفل يمنع المسئولية الجنائية على الطفل الذي لم يبلغ من العمر سبع سنوات كاملة، ويُحكم على الطفل الذي لم يبلغ 15 عاما إذا ارتكب جريمة بأحد التدابير الآتية: التوبيخ، التسليم، الإلحاق بالتدريب المهني، الإلزام بواجبات معينة، الاختبار القضائي، الإيداع في إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية، الإيداع في إحدى المستشفيات المتخصصة.

وأشار إلى أنه إذا ارتكب الطفل الذي بلغ 15 عام، ولم يبلغ 16 سنة جريمة عقوبتها الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة يحكم عليه بالسجن، وإذا كانت الجريمة عقوبتها السجن يحكم عليه بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة شهور، ويجوز للمحكمة بدلا من الحكم على الطفل بعقوبة الحبس أن تحكم بإيداعه إحدى المؤسسات الاجتماعية مدة لا تقل عن سنة.

وفي النهاية، أكد “المحامي بالنقض” على أنه لا يحكم بالإعدام ولا بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة على المتهم الذي زاد سنه على 16 سنة ولم يبلغ 18 سنة ميلادية كاملة وقت ارتكاب الجريمة، وفي هذه الحالة إذا ارتكب المتهم جريمة عقوبتها الإعدام يحكم عليه بالسجن لمدة لا تقل عن عشر سنوات، وإذا كانت الجريمة عقوبتها الأشغال الشاقة المؤبدة يحكم عليه بالسجن الذي لا تقل مدته عن سبع سنوات، وإذا كانت الجريمة عقوبتها الأشغال الشاقة المؤقتة يحكم عليه بالسجن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى