الموقعتحقيقات وتقارير

«الدارك ويب».. عالم مظلم يجذب الشخصيات المضطربة للقتل وتجارة الأعضاء البشرية

«خبير أمن المعلومات»: “الدارك ويب” بيئة مثالية للجرائم لإخفائه هوية المستخدمين

«استشاري الطب النفسي»: مرتكبو الجرائم الوحشية على الدارك ويب يعانون اضطرابات نفسية شديدة

«أستاذ علم الاجتماع»: الشارع المصري يشهد كثيرا من العنف بسبب زيادة اعمال البلطجة في الدراما

تقرير- محمود السوهاجي

أصبح الانترنت آفة تهدد سلامة المجتمع، خاصة مع استخدام الوجه المظلم منه، حيث تمارس جرائم كثيرة، وعمليات نصب عديدة بين الحين والآخر.

“الدارك ويب” متصفح تمارس من خلاله جرائم لا يمكن تصورها، من قتل وتجارة أعضاء، ويعد الدارك ويب بيئة مثالية للجرائم، حيث تُخفى هوية المستخدمين، مما يسهّل عليهم ارتكاب الجرائم دون خوف من الملاحقة، ويصعب الوصول إلى “الدارك ويب” باستخدام المتصفحات العادية، مما يجعله ملاذاً آمناً للمجرمين.

وهزّت جريمة بشعة مدينة شبرا الخيمة في محافظة القليوبية، حيث لقي طفل يدعى أحمد سعد مصرعه على يد قاتل مأجور، في واقعة مروعة هزّت المجتمع المصري، فقد قام القاتل بتنفيذ جريمته البشعة، مستخدماً تقنية البث المباشر، ونقل تفاصيلها عبر الإنترنت إلى متهم آخر في دولة الكويت.

وبحسب التحقيقات، فقد كان الدافع وراء هذه الجريمة هو المال، حيث تقاضى القاتل مبلغ 5 ملايين جنيه مقابل قتل الطفل واستئصال أعضائه، وتهدف هذه الجريمة المروعة إلى بيع هذه الأعضاء على “الدارك ويب”، ذلك العالم المظلم من الإنترنت، الذي لا تحكمه أي قواعد أو قوانين أو أخلاق.

وأثارت هذه الجريمة حالة من الرعب والقلق في نفوس المواطنين، الذين عبّروا عن استيائهم من انتشار مثل هذه الجرائم البشعة، مطالبين بتشديد الرقابة على الإنترنت وملاحقة مرتكبي هذه الجرائم.

وتناولت وسائل الإعلام المصرية والعربية هذه الجريمة بشيء من التفصيل، مُسلّطة الضوء على وحشية القاتل، حيث لم يكتفِ بقتل الطفل، بل قام أيضاً باستئصال أعضائه، واستغلال الإنترنت، حيث تم استخدام تقنية البث المباشر لنقل تفاصيل الجريمة إلى المتهم الآخر.

انتشار تجارة الأعضاء

أشارت الجريمة إلى انتشار تجارة الأعضاء على “الدارك ويب”، وضرورة تشديد الرقابة حيث طالب المواطنون بتشديد الرقابة على الإنترنت لمكافحة مثل هذه الجرائم.

وتُعدّ هذه الجريمة بمثابة جرس إنذار يُنذر بخطر انتشار مثل هذه الجرائم البشعة في ظلّ غياب الرقابة وانتشار الإنترنت.

فما هو “الدارك ويب”؟

وفسر المهندس وليد حجاج، خبير أمن المعلومات، أن الإنترنت ينقسم إلى ثلاثة مستويات، المستوى الأول يتعلق بالويب السطحي، ويُمثّل ما نتصفحه يوميًا باستخدام المتصفحات المعتادة، ويشكّل نسبة 3 إلى 6% فقط من إجمالي المعلومات على الإنترنت، والمستوى الثاني يتعلق بالويب العميق، ويُمكن الوصول إليه من المتصفحات العادية، لكنه يحتاج إلى كلمات مرور خاصة، مثل بيانات التسجيل في المواقع الحكومية أو معلومات الشركات.

ووفق حجاج، أما المستوى الثالث فيتعلق بالويب المظلم، حيث لا يمكن الوصول إليه بالمتصفحات العادية، ويُعدّ مسرحاً لجرائم لا يمكن تخيلها، مثل: «تجارة الأعضاء، وشراء الأطفال، وتجارة الرقيق، وتأجير القتلة، وتخطيط عمليات اغتيال
بيع الأسلحة».

مخاطر “الدارك ويب”:

حسب حجاج يعتبر “الدارك ويب” مكان للجرائم البشعة، حيث تُمارس في “الدارك ويب” جرائم لا يمكن تصوّرها، من قتل وتجارة أعضاء إلى اغتيال وبيع أسلحة، ويُعدّ “الدارك ويب” بيئة مثالية للجرائم، حيث تُخفى هوية المستخدمين، مما يسهّل عليهم ارتكاب الجرائم دون خوف من الملاحقة، ويصعب الوصول إلى “الدارك ويب” باستخدام المتصفحات العادية، مما يجعله ملاذاً آمناً للمجرمين.

جرس إنذار

وفق خبير أمن المعلوةمات، تعد جريمة قتل الطفل أحمد سعد بمثابة جرس إنذار يُنذر بخطر انتشار مثل هذه الجرائم البشعة في ظلّ انتشار “الدارك ويب” وغياب الرقابة، مشدد على ضرورة الرقابة على الإنترنت، ونشر الوعي حول مخاطر “الدارك ويب، وتطوير تقنيات جديدة لمكافحة الجرائم الإلكترونية.

الأصول العسكرية:

انبثق الدارك ويب من رحم مشاريع عسكرية أمريكية، حيث سعى الجيش الأمريكي إلى خلق فضاء رقمي آمن ومُشفّر لحماية اتصالاته وتحركات جنوده من أعين المُتطفلين، وضخّت الولايات المتحدة مليارات الدولارات في تطوير هذه التكنولوجيا، ممّا يدلّ على الأهمية الاستراتيجية التي كانت توليها لهذا المشروع.

وبعد مضي فترة، تخلت الولايات المتحدة عن احتكارها للدارك ويب، ممّا سمح للمستخدمين العاديين بالدخول إليه، حيث وفّر ذلك للمستخدمين أداة قوية لإخفاء المعلومات وسط الكم الهائل من البيانات المتاحة على الإنترنت، وبات الدارك ويب فضاءً لا يخضع لسيطرة أي جهة أو دولة، ممّا يطرح تحديات كبيرة فيما يتعلق بالقانون ومكافحة الجرائم الإلكترونية.

صعوبة تتبع المستخدمين على “الدارك ويب”

وشرح المهندس وليد حجاج، خبير أمن المعلومات، صعوبة تتبع المستخدمين على الدارك ويب باستخدام تشبيه مُبتكر “تقنية البصلة”.

شبكات تقليدية vs. الدارك ويب:

في الشبكات التقليدية، عند استخدام تطبيقات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك، يتم تسجيل بياناتك لدى شركة الاتصالات، ثم تنتقل مباشرة إلى فيسبوك، ويسهل ذلك على هذه الشركات والجهات الحكومية تتبع نشاطك، أما في الدارك ويب، فتختلف الأمور تمامًا. فعند الدخول إلى موقع إلكتروني، يتم تسجيل بياناتك على الشبكة من منزلك، ثم تمرّ عبر سلسلة من الدول المختلفة قبل أن تصل إلى الموقع المقصود.

ووصف حجاج هذه العملية بتقشير البصلة كلّ طبقة تقشّرها تبعدك عن مركز البصلة، ممّا يجعل من الصعب تحديد مصدر البيانات أو تتبعها، وكلّما زاد عدد الدول التي تمرّ بها بياناتك، زادت صعوبة تتبعك.
الدخول إلى الدارك ويب

لتصفح الدارك ويب، يُمكن استخدام متصفح “Tor” (اختصار لـ The Onion Router) والذي يُرمز له بـ “البصلة”، ويُشفّر Tor بياناتك ويُمرّرها عبر شبكة واسعة من الخوادم المتطوعين، ممّا يُخفي هويتك ويُصعّب تتبعك.

جرائم مروّعة مقابل أموال طائلة على الدارك ويب:

كشف المهندس وليد حجاج، خبير أمن المعلومات، عن وجه مروعٍ آخر للدارك ويب، ألا وهو “الغرفة الحمراء، يتواجد في الغرفة الحمراء جمهورٌ خاصّ من المُستخدمين، يُشاهدون جرائم حقيقية تُنفّذ مباشرةً على الإنترنت، مقابل مبالغ طائلة تُدفع بعملاتٍ افتراضية مثل “البيتكوين”.

نرشح لك : بعد جريمة طفل شبرا الخيمة.. «دارك ويب» دولاب جرائم العصر.. و«داعش» أبرز المُستخدمين

تصل قيمة التذاكر لمشاهدة هذه الجرائم إلى ملايين الدولارات، ممّا يُشير إلى حجم الطلب المُخيف على هذا النوع من المحتوى.

طلبات مروعة

لا يكتفي جمهور الغرفة الحمراء بمشاهدة الجرائم المُسجّلة، بل قد يُطالبون بتنفيذ جرائم مُخصّصة تُلبي رغباتهم المُريضة، وقد تتضمن هذه الطلبات اختيار مواصفات الضحية، ممّا يُضفي على الأمر بُعدًا مأساويًا مُروّعًا، وينفذ المجرمون هذه الجرائم مقابل أموال طائلة، ممّا يُؤكّد وجود شبكات منظّمة تقف خلف هذه الأنشطة المُروّعة.

وأشار حجاج إلى أن مبلغ 5 ملايين جنيه الذي دفعه المتهم في جريمة قتل طفل شبرا الخيمة يُعدّ ضئيلًا جدًا مُقارنةً بما يدفعه مُشاهِدو جرائم الدارك ويب.

وأكد حجاج أن الدارك ويب ليس مسرحًا للجرائم المُروّعة فحسب، بل يُستخدم أيضًا لتداول المعلومات السرية واختراقات البنوك والثغرات الأمنية، وتباع هذه المعلومات على الدارك ويب لمن يدفع أكثر، ممّا يُشكل خطرًا كبيرًا على الأفراد والمؤسسات، ويعد الدارك ويب أيضًا بيئة خصبة لنشاط الجماعات الإرهابية، حيث تُستخدم منصاته لنشر الدعاية وتجنيد الأعضاء والتخطيط لهجمات.

اضطرابات نفسية شديدة

ويرجح الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، أن مرتكبي الجرائم الوحشية على الدارك ويب، مثل جريمة قتل شبرا الخيمة، يعانون من اضطرابات نفسية شديدة، خاصة اضطرابات الشخصية.

وأضاف فرويز، أن هناك أشخاصا يتمتعون باللامبالاة، لذلك لا يعرفون عواقب تصرفاتهم وسلوكهم غير السوي، لبعدهم عن الدين، منوها بأن الأهم فى هذه الجرائم بالنسبة للشبكة أن يتم تصويرها بجودة عالية وبالكيفية المطلوبة، من الزعيم أو المشاهدين الفاعلين فى القناة أو الموقع المتخصص على الدارك ويب.

وحسب فرويز، فإن الدارك ويب، ذلك الجزء المخفي من الإنترنت، وجهة غامضة تجذب العديد من الفئات، من بينها شخصيات ذات اضطرابات نفسية عميقة.

وتنقسم الشخصيات المُضطربة في الدارك ويب

الساديون:

ينجذب الساديون إلى الدارك ويب باحثين عن متنفس لرغباتهم في تعذيب الآخرين، سواء جسدياً أو نفسياً أو جنسياً. تُتيح لهم هذه المنصات المظلمة نشر أفكارهم المُريضة وممارساتهم دون رقابة أو خوف من العواقب.

المأزوخيون

يجد المأزوخيون في الدارك ويب ملاذاً لإشباع رغباتهم في الإهانة والأذى الذاتي، وتنتشر على هذه المنصات منتديات ومواقع مخصصة لمشاركة قصص الإهانة والتعذيب الذاتي، مما يُشكل بيئة مناسبة لهذه الفئة من الشخصيات.

السيكوباتيون

تجذب طبيعة الدارك ويب المُظلمة والسريّة السيكوباتيين، ممّن يفتقرون إلى المشاعر والأخلاقيات، ويُمكنهم من خلال هذه المنصات نشر أفكارهم المُتطرفة والترويج للعنف والجريمة دون أيّ رادع.
وطالب استشاري الطب النفسي الأسرة بأن تربى الأبناء بطريقة صحيحة وتزرع القيم الدينية والأخلاقية والسلوكية فيهم، حتى يكبر الصغير وهو ملتزم، فلا نترك أطفالنا للشارع ليربيهم.

زيادة العنف

من جانبها، أكدت الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس على أن الشارع المصري يشهد الكثير من العنف وزيادة معدل الجريمة، وذلك بسبب زيادة أعمال البلطجة في الدراما المصرية، وتجسيد البلطجي كبطل شعبي.
وأكدت على مخاطر تعرض الجيل الجديد للعنف بشكل مستمر، مما يُشكل تهديداً حقيقياً لنشأتهم وتكوين شخصياتهم، ويُصبح العنف جزءاً من شخصية الطفل، مما قد يُؤدي إلى تكوين شخصية سيكوباتية تتميز بالتمرد وعدم الالتزام بالقي والأخلاقيات.

وأشار الدكتورة خضر على أهمية الأفلام والأعمال الدرامية القديمة في تنشئة الأبناء وغرس القيم والأخلاقيات فيهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى