الموقعتحقيقات وتقارير

اقترب يوم الحساب.. هل تخشى تل أبيب الجنائية الدولية وتمتثل لقراراتها

الخميس المقبل جنوب إفريقيا تقاضي إسرائيل على جرائم إبادة الفلسطينيين أمام العدل الدولية

تحركات إسرائيلية للحصول على دعم دولي ضد دعوى الإبادة الجماعية

أستاذ قانون دولي: يحق لجنوب أفريقيا الذهاب لمجلس الأمن لتنفيذ قرار المحكمة حالة تعنت إسرائيل

تقرير: محمود السوهاجي

رفعت جنوب إفريقيا دعوى قضائية ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، متهمة إياها بارتكاب جرائم إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.

وبحسب بيان المحكمة الدولية، فإن الدعوى تستند إلى أن إسرائيل ارتكبت أفعالًا ذات طابع إبادة جماعية، لأنها ترتكب بالقصد المحدد لتدمير الفلسطينيين في غزة كجزء من القومية الفلسطينية الأوسع والمجموعة العرقية والإثنية.

وتشير الدعوى إلى أن إسرائيل، ومنذ 7 أكتوبر الماضي، فشلت في منع الإبادة الجماعية، وفشلت في مقاضاة التحريض المباشر والعلني على الإبادة الجماعية، وأنها تورطت في المزيد من أعمال الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في غزة.

وطالبت جنوب أفريقيا المحكمة الدولية باتخاذ إجراءات مؤقتة لحماية الفلسطينيين في غزة من أي ضرر جسيم إضافي وغير قابل للإصلاح، ولضمان امتثال إسرائيل لالتزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية.

أما إسرائيل، فقد وافقت على المثول أمام محكمة العدل الدولية في الجلسة المنعقدة يوم الخميس المقبل الموافق 11 يناير لعام 2024، حيث أكد المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية أن إسرائيل ستدافع عن نفسها أمام المحكمة، وتفند اتهامات جنوب أفريقيا بارتكاب إبادة جماعية.

وتأتي هذه الدعوى في ظل استمرار التوتر بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وتصاعد أعمال العنف في قطاع غزة.

ارتكاب مجازر بهدف الإبادة الجماعية:

قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، إن إسرائيل ستقف أمام محكمة العدل الدولية يوم الخميس المقبل، متهمة بارتكاب مجازر بهدف الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني.

وأضاف اشتية أن إسرائيل تمارس «كافة أشكال القتل» ضد الشعب الفلسطيني، سواء في غزة أو الضفة الغربية، بما في ذلك القصف الجوي والبري والبحري، والتجويع، ومنع الدواء، والموت برداً. كما اتهم إسرائيل بقتل النساء وكبار السن مع سبق الإصرار، ودفع الناس نحو التهجير القسري.

وتابع اشتية أن إسرائيل «دولة إجرام» منذ عام 1948، وأنها تحاول دائماً أن تبدو أنها الضحية.

ومنذ السابع من أكتوبر 2023، تشن إسرائيل حرباً شرسة على قطاع غزة، أسفرت عن مقتل ما يقرب من 23 ألف فلسطيني.

نرشح لك : «حرب غزة» تكتب نهاية مستقبل نتنياهو السياسى

طالب اشتية المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه جرائم إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، ومحاكمتها بتهمة الإبادة الجماعية.

ومن جانبه، رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، اتهام جنوب إفريقيا لإسرائيل بارتكاب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.

وقال نتنياهو، إن إسرائيل لم تقصد أبدًا تدمير الفلسطينيين، بل أن حماس هي التي تسعى إلى إبادة إسرائيل.

وأضاف نتنياهو أن الجيش الإسرائيلي يبذل قصارى جهده لتجنب إيذاء المدنيين، وأن اتهامات جنوب إفريقيا كاذبة وغير مبررة.

وتابع نتنياهو بالتساؤل عن موقف جنوب إفريقيا من الصراعات الأخرى في العالم، مثل الحرب في سوريا واليمن، حيث قُتل الملايين ونزح ملايين آخرون.

إسرائيل تتحرك دبلوماسيًا لصد الدعوى:

ترى إسرائيل أن الدعوى القضائية التي رفعتها جنوب إفريقيا ضدها بارتكاب إبادة جماعية في غزة، تمثل خطرًا جسيمًا على علاقاتها الدبلوماسية.

وبدأت إسرائيل في اتخاذ تحركات دبلوماسية فورية لمحاولة الحصول على دعم دولي ضد الدعوى.

وأصدرت وزارة الخارجية الإسرائيلية تعليمات لسفاراتها في جميع أنحاء العالم، بالضغط على الدبلوماسيين والسياسيين في الدول المضيفة لهم، لإصدار بيانات ضد الدعوى.

وتهدف هذه التحركات إلى إرسال رسالة إلى المجتمع الدولي، مفادها أن إسرائيل ترفض اتهامات جنوب إفريقيا، وأنها تتمتع بدعم دولي.

ترحيل بدعوى جنوب إفريقيا:

أشاد الباحث في الشأن الأفريقي الشرق الأوسطي نعيم جينا بالدعوى القضائية التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة.

وقال جينا إن التوثيق الذي قدمته جنوب أفريقيا يشير إلى الحاجة الماسة لمثل هذه القضايا، في ظل التضليل المتزايد حول الحرب.

وأضاف أن هذه الإجراءات مهمة لتباطؤ تطبيع أي جرائم جماعية ارتكبتها إسرائيل، وترسل رسالة مفادها أنه إن كانت هناك دولة ستقوم بجرائم جماعية كما تقوم إسرائيل بفعله، فيجب أن نتوقع أن يتم تقديمها أمام محكمة دولية ذات سلطة على المستوى الدولي، لتستعرض سجل الدولة المعنية أمام المعايير الدولية.

كما رحب الناشط في اللجنة اليهودية لدعم فلسطين أنثوني هودجسون بقرار حكومة جنوب أفريقيا، بمتابعة اللجوء العاجل إلى محكمة العدل الدولية، فيما يتعلق بالإبادة الجماعية المستمرة التي ترتكبها إسرائيل في غزة.

وأكد هودجسون رفضهم المحاولات المتعمدة والخبيثة التي تقوم بها الحكومة الإسرائيلية وحلفاؤها، لتفسير محاولات تحميل إسرائيل المسؤولية على أنها معاداة للسامية، مبينا أنهم “يشيدون بقرار حكومتهم باتخاذ موقف مبدئي، وعدم التعرض للترهيب من قبل الجهات الفاعلة السيئة النية، التي تتعمد تحريف الحقائق على الأرض.

إخطار مجلس الأمن:

وفي سياق متصل، قال الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولي وخبير القانون الدولي الإنساني، إن إسرائيل لا تخشى محكمة العدل الدولية في حد ذاتها، ولكنها تخشى الآثار والتداعيات القانونية والسياسية والأدبية التي ستنجم عن أي قرارات عاجلة صادرة عن المحكمة.

وأوضح سلامة أن قرارات محكمة العدل الدولية ملزمة للطرفين المتنازعين، وأن أي قرار عاجل تصدره المحكمة يُخطر به فورًا مجلس الأمن وكافة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.

وأضاف سلامة أن جنوب إفريقيا يمكن أن تذهب إلى مجلس الأمن وتطالبه باتخاذ ما يلزم تجاه أي قرار عاجل تصدره محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل.

وأوضح أن المحكمة الجنائية الدولية هي محكمة دائمة مستقلة عن الأمم المتحدة، وعدد أعضائها اليوم أصبح 124 دولة، ومن بين هذه الدول، 5 دول عربية، بينهم فلسطين.

وأضاف أن المحكمة بدأت بالفعل ولأول مرة في تحقيقات جرائم حرب مُدعى ارتكابها من جيش الاحتلال في عام 2014، والذي شهد حملة إسرائيلية غاشمة على قطاع غزة، فضلا عن جرائم المستوطنات الإسرائيلية.

وأوضح سلامة أن التحقيقات في المحاكم الدولية ليست بذات الوتيرة السريعة، لأن كل ما نراه من فظائع وانتهاكات لم ترها البشرية في السنوات الأولى من الحرب العالمية الثانية التي كانت تضم 35 دولة متحاربة، ليست الأدلة الدامغة التي تُقدم للجنائية الدولية.

وتابع: «منذ اليوم الثاني من الحرب، نجد أمين عام الأمم المتحدة ومكتب الأمم المتحدة للمساعدات الإنسانية وتصريحات وبيانات وشهادات، ليس من الضحايا والجرحى والمصابين، وهذه التصريحات والبيانات الرسمية الرقمية التي تصدر عن الأمم المتحدة والوكالات المتخصصة داخل وخارج قطاع غزة، والأونروا ومنظمة الصحة العالمية، كل ذلك توثيق للجرائم».

وأكد سلامة أن التوثيق مهم، وإذا كانت المحكمة الجنائية الدولية بعيدة المدى في التحقيقات الجنائية، هناك دول أطراف أعضاء في اتفاقيات جينيف، هذه الدول ملزمة بمحاسبة وملاحقة أي مجرم حرب مهما كانت جنسيته ومهما كان الإقليم أو الدولة التي تدعمه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى