الموقعتحقيقات وتقارير

30 عاما في نفض الغبار عن تاريخ الأسلاف.. حكايات “الأيدي الناعمة” في عملية ترميم الكباش

كتبت: فاطمة عاهد

بملامح مصرية خالصة، تشبه تماثيل جداتها من ملكات مصر القديمة، تُطل عفاف فرج، رئيس وحدة ترميم الكباش، صاحبة الـ47 عام على العمال المتواجدين بمنطقة طريق الكباش لحوالي أربع سنوات متتالية، عند البدء في عمليات الترميم عقب اكتشاف الممر كاملا واستخراج الآثار المتبقية من أسفل نجع أبو عصبة.

تابعت ابنة محافظة الأقصر العمل على الطريق، وتعلقت عيناها بتماثيل الكباش وبزخارف معبد الكرنك التي لطالما أثارت دهشتها، فكيف في قديم الزمان دون الاستناد إلى أي من الوسائل التكنولوجية استطاع القدماء أن يحفروا تاريخهم على تلك الجدران الضخمة بحرفية ضاهت التوقع.

30 عام من العمل في ترميم الأثار قضتها “عفاف”، تتذكر كل لحظة فيها، ففي ذلك المكان نفضت الغبار عن تاريخ أسلافها، وعلى ذلك الحائط أعادت نقش رموز أثرت عليها عوامل الزمن، في محاولة منها لإعادة إحياء التاريخ وحفاظه من الهلاك.

فمنذ أن تخرجت من معهد ترميم الآثار، وهي تعقد نيتها على أن تلتحق بإحدى الفروع التابعة لتخصصها في محافظة الأقصر، لشغفها بحكايات التاريخ وأسراره، التي ترددها في زهوٍ للمحيطين بها؛ راغبة في أن تنتقل عبر الأجيال.

منذ بداية عملها تقابل سيدات يبرعن في مجال الترميم بشكل يثير دهشتها، فعلي الرغم من أناملهن الناعمة، إلا أنها تمتاز بقوة ودقة لم تعهدها قبل ذلك، فلا تخلو أي من عمليات الترميم من تواجد قوي للنساء في حضرة أسلافهن من القدماء.

ترى “عفاف” أن السيدات قادرات على الإبداع في مجال الترميم، خاصة في استخدام الألوان، وإصلاح النقوش، غير مباليات بالانتقادات التي قد تواجههن أثناء ساعات عملهم، منافسات للرجال ومتفوقات على من يسخر منهن.

تعتبر مهنتها رسالة “تخيلي أمامك فرصة أن من خلال الترميم إنك بتحافظي على تاريخ بلدك”، فبرغم صعوبة العمل تتحدى كل ما يواجهها من أزمات معلنة انتصارها في الحفاظ على رسالة الأسلاف لأحفادهم في المستقبل.

اختلف العمل على الكباش بالنسبة لها وللمرممات المتواجدات وعددهن 8 بالإضافة إلى 3 يعملن في الوظائف الإدارية بعملية ترميم الكباش بحسب حديثها لـ”الموقع”، في أنه يعتبر عمل معماري بالدرجة الأولى، حيث اعتادت على العمل الدقيق الخاص بالنقوش داخل المعابد.

أتم العمال الحفائر واستخراج التماثيل من أسفل نجع أبو عصبة، وتابع عمال الترميم وعلى رأسهم “عفاف” العمل عن طريق إزالة الأتربة والتنظيف الكيميائي، وكسر الطوب الأحمر الذي تم ترميم الكباش به قديما، ثم إنشاء قواعد من الرمال الخاصة بالتماثيل.

تبدي السيدة الأربعينية إعجابها بـ 19 كبش تم الانتهاء من ترميمهم وتصفهم بـ”التحف”، مؤكدة على تعود العمال على وجودها، خاصة وأنها تعمل معهم في تحضير “المونة” وغيرها من الأدوات لإتمام الترميم، كما تظل تساعدهم لساعات طوال.

تتعرض العاملات في مجال الترميم لمخاطر عدة اعتادوا عليها وأصبحن يعتبرونها مهاما سهلة، منها صعود “السقالات” التي قد تصل إلى أعلى المسلات والمعابد، والتي تقسم إلى أربع مستويات، بحسب الارتفاع المطلوب.

لم تتوانى رئيس وحدة ترميم الكباش، عن الصعود إلى المستوى الرابع على “السقالات”، والمشي بخطوات ثابتة وواثقة دون النظر إلى الأسفل، عقب تأمينها من قبل العمال المسؤولون عن تركيبها.

عملت “عفاف” بجانب 11 من السيدات في ترميم الكباش لأكثر من 90 يوما، لا تكل ولا تمل من المساعدة والعمل بيديها الناعمتين في إصلاح ما لحق بالكباش، بل وظلت لساعات أكثر من دوام عملها في محاولة لتهيئة التماثيل لليوم التالي.

نرشح لك 

 عودة لعظمة الفراعنة ..  الموقع يكشف أهمية الاحتفال بافتتاح طريق الكباش

قبل الافتتاح.. زاهي حواس يكشف لـ الموقع  عن تفاصيل الاحتفال طريق الكباش 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى