الموقعتحقيقات وتقارير

117 ألف كارثة.. زواج الفتيات قبل الـ 18 استغلال جنسي وخلط أنساب.. «الموقع» يفتح الملف

 

أستاذ علم الاجتماع: جريمة “قتل مع سبق الإصرار” لعقل و روح وكيان طفلة غير واعية عقليًا وجسديًا

الشيخ الأطرش: كارثة مجتمعية يترتب عليها خلط الأنساب وزيادة أطفال الشوارع والانفلات الأخلاقي

أحمد مصيحلي: استغلال جنسي وجريمة يشارك فيها الأب والزوج عقوبتها الحبس

ناشطة نسائية: القوانين غير منصفه لحقوق الطفل “المشرع في وادي والمجتمع في وادي”

كتبت – منار إبراهيم:

رغم أن الزواج سنة الحياة، ووسيلة لإعمار الأرض، ووسيلة المرأة للأمان والطمأنينة، ووسيلة الرجل للسكن والمودة، إلا أن البعض حوله لنقمة وكارثة مجتمعية بزواج الفتيات تحت سن الـ 18 عاما، حيث يترتب عليه ضياع لحقوقها المدنية، انتهاك لطفولتها وحرمانها من التعليم، يعرض حياتها وحياة مولودها للخطر.

ووفقا لما أعلن عنه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في آخر مسح ديموغرافي صحي في مصر، فإن 117 ألف طفل في الفئة العمرية من 10 إلى 17 عاما متزوجون أو سبق لهم الزواج، وأن محافظات الصعيد (جنوبي البلاد) هي الأعلى من حيث معدلات الزواج والطلاق، بينما سجلت محافظات مصر الحدودية “البحر الأحمر وسيناء ومرسى مطروح وأسوان” أقل نسبة في زواج الأطفال.

في هذا الصدد يقول دكتور جمال حماد، أستاذ علم الاجتماع بآداب المنوفية، إن ظاهرة الزواج المبكر للفتيات تنتشر في القرى والنجوع والمجتمعات المنغلقة التي يسودها الجهل، وخاصة في القرى والنجوع التي لا تهتم بتعليم البنات وهدفها زواجهن فقط من باب “زواج البنت ستره”.

ويضيف الخطورة تبدأ من الجهل وقلة الوعي، الفتيات تحت سن الـ 18 أجسادهن غير كاملة لتتحمل العلاقة الزوجية والحمل، وتحمل مسئولية بيت وأسرة وهي مازالت غير مكتملة النمو، الهدف من بناء الأسرة هو التربية فكيف لطفلة تربي طفل؟!، هنا سيصبح الجهل متوارثًا.

ولفت أستاذ علم الاجتماع إلى أن عملية التنشئة الاجتماعية تحتاج أم واعية، والفتيات قبل سن الـ 18 ينقصها الوعي والكثير من المعلومات، وفي هذه الحالة تصبح الفتيات مجرد وعاء للإنجاب وليس زواجًا ناجحًا يقوم على بناء أسرة سليمة في إطار مفاهيمي وتربوي.

ويوضح أن زواج البنات قبل الـ 18 هو جريمة “قتل مع سبق الإصرار والترصد”، يتم من خلالها قتل عقل وروح وكيان طفلة غير واعية عقليًا وجسديًا، قتل عمد مكتمل الأركان لطفولة فتاة وقد يؤدي بحياتها وحياة طفلها أثناء عملية الولادة، هذا إلى جانب ضياع حقها المدني حيث لا تستطيع أن تثبت إذا كانت متزوجة أو مطلقة.

وأكد «حماد» على أن هذا الزواج جريمة لا ينطبق عليه الشرع والقانون، وبالتالي يلد من رحمه جرائم مجتمعية أخرى منها خلط الأنساب في حال رفض تسجيل الابن باسمه وليس هناك وثيقة زواج تثبت هذا الزواج وفي بعض هذه الحالات ينسب المولود للجد والد الفتاة، بالإضافة إلى ضياع الحقوق وهدم أهم نوال المجتمع وهى الأسرة، وأخيرًا التنشئة السلبية للأجيال ضحية هذا الزواج.

ويشير إلى أن الحل للقضاء على هذه الظاهرة قائلاً: “حملات الوعي الميدانية ودورات التوعية بخطورة الزواج المبكر على أرض الواقع من خلال التواصل المباشر مع الأهالي في القرى والنجوع، لأن هؤلاء الناس لا يستمعون للإعلام عن بعد ويحتاجون للتوعية بشكل مباشر، بجانب متابعة سجلات وثائق الزواج والطلاق والمعقابة القانونية لمن يقوم بذلك”.

ومن جانبه يقول الشيخ عبد الحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا وأمين عام لجنة الدعوى بالأزهر، أن زواج الفتاة قبل الـ 18 عاما من الناحية الشرعية لا شيء فيها، فالسن ليس له علاقة إذا وصلت الفتاة سن البلوغ وجاءتها “الدورة الشهرية”، ولكن من الناحية القانونية لا يجوز حرصًا على سلامة الفتاة لأن الفتاة في هذا السن لا تقدر على تحمل مسئولية زوج، وأولاد لذا ينبغي على كل والد فتاة ألا يزوج أبنته إلا إذا كانت قادرة على تحمل المسئولية بدنيًا وعقليًا.

ويضيف «الأطرش» أن زواج الفتاة قبل السن الـ 18 لا يجوز ويعاقب عليه القانون، نحن في دولة تحترم القانون ولابد أن لا يعقد المأذون قرانها إلا إذا بلغت السن القانوني، فهو مخالفة لقوانين الدولة والمتسبب في ذلك يتحمل العواقب الوخيمة، هذا الزواج كارثة يترتب عليها الكثير من المشكلات المجتمعية منها: خلط الأنساب، زيادة أطفال الشوارع، الانفلات الأخلاقي، وسينتج عنه مشاكل لا حصر لها.

وتابع: من هنا لا يجوز “الزواج العرفي”، العرف هو ما يتعارف عليه الناس ويتم من خلال كتب كتاب وقائمة وكل ما يكفل حقوق البنت، ما دون ذلك فهو زواج سري والزواج السري هو “زنا”، ويروي أحد المواقف قائلاً: جاءتني فتاة بصحبة زوجها وطفلها ومطلقة ثلاث طلقات قلت لها أذهبي للمأذون قالت تزوجت بدون كتب كتاب، قلت لها أذهبي أحضري أبوكِ “نضربه بالحذاء”.

وهذا ما يؤكده أحمد مصيلحي، رئيس شبكة الدفاع عن الأطفال بنقابة المحامين، زواج البنت قبل سن الـ 18 استغلال جنسي وجريمة يشارك فيها الأب والزوج، وعقوبتها الحبس وتصل لـ ٥ سنوات سجن طبقًا للقانون، بالإضافة إلى قانون العقوبات أيضًا.

ويوضح «مصيلحي» هذه الجريمة هي انتهاك لحقوق الطفولة ويترتب عليها العديد من المشاكل القانونية في حقها منها: صعوبة استخراج شهادات الميلاد لأبناء الزوجة الطفلة، فقدان حقهم في النسب الصحيح إلي الأب، صعوبة حصولهم على حقوقهم في التعليم والصحة، بالإضافة إلى ضياع حقوق الفتاة حيث لا تستطيع اثبات حالتها المدنية متزوجة أو مطلقة.

وفي النهاية تحدثت منه وحيد، مسئول حملة تمرد سيدات مصر ضد قانون الأسرة، مؤكدة أن زواج الفتيات في سن مبكر تدمير لطفولتها وطفولة مولودها، عندما تكون الفتاة غير مهيئة لتحمل مسئولية أسرة وتربية أطفال ستفشل، وهذا الفشل سينتج عنه ضحايا وهم الأبناء، وفي حال الطلاق ستكون هي الحاضنة للطفل وبالتالي ربطت مسئولية طفل بالأم الطفلة وردمت طفولتها وحياتها جنبه، وفقًا للإحصائيات ترتفع حالات الطلاق بين الأعمار الصغيرة.

وتختتم حديثها قائلة: هذا الزواج لا يتم بدون عقد زواج ويتم عرفيًا في الأرياف والنجوع، فالعرف هو القانون السائد في هذه المجتمعات، ولكن يترتب عليه مشاكل قانونية منها صعوبة استخراج شهادة ميلاد للمولود، يعرض الزواج المبكر حياتها وحياة مولودها للخطر، قانون الطفل وقوانين الأسرة غير منصفه لحقوق الطفل وما يدور على أرض الواقع يدل على أن “المشرع في وادي والمجتمع في وادي”.

وفي الختام، لاستئصال هذا السرطان الذي ينهش في حقوق الطفولة، ويعرض مجتمع بأكمله للخطر، شنت وزارة التضامن الاجتماعي حملة “بالوعي مصر بتتغير للأفضل”، وفي إطار هذه الحملة أطلقت مبادرة “جوازها قبل 18 يضيع حياتها” وتقوم الوزارة بحملات تنمية وعي ميدانية بقرى ونجوع محافظات مصر، عن خطورة هذا الزواج على هولاء الفتيات.

نرشح لك

الموقع يكشف تحول الزواج العرفي إلى خدعة الـبارت تايم

نرشح لك

أستاذ عقيدة بجامعة الأزهر: هذا شرط التعدد في الزواج

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى