الموقعتحقيقات وتقارير

يوميات المصريين.. غلاء لا ينتهي.. ووعود حكومية بلا طعم

«مواطنون»: ارتفاع جنوني في الأسعار.. والمقاطعة الحل الأخير

«برلماني»: أهمية دور الحكومة في ضبط الأسواق وضمان توافر السلع الأساسية بأسعار مناسبة

تقرير: محمود السوهاجي

همّ الأسعار يثقل كاهل المصريين، لا حديث يشغل بالهمّ سواها، لا في المقاهي، ولا في البيوت، ولا على مواقع التواصل الاجتماعي.

وبات ارتفاع الأسعار لغزاً محيّراً، وترتفع لأسباب غامضة، ولا تنخفض حتى لو زالت تلك الأسباب.

ففي الأسابيع الماضية، قامت الحكومة المصرية بالإفراج عن كميات هائلة من السلع من الجمارك، مؤكدة على أن ذلك سيؤدي إلى انخفاض ملحوظ في الأسعار.

وتناقلت المواقع الإخبارية والصحف تلك التصريحات، مبشرةً بانتهاء معاناة الشعب مع الغلاء، لكن للأسف، ظلت تلك الوعود حبراً على ورق، ولم تتحقق على أرض الواقع سوى تغييرات طفيفة لا تُذكر.

فما زال المصريون يعانون من ارتفاع جنوني في أسعار السلع الأساسية، من زيت وأرز ودقيق إلى لحوم وخضروات وفواكه.

فهل من حلول حقيقية لهذه الأزمة؟ أم أن موجة الغلاء هذه ستستمر في إثقال كاهل المواطنين دون رحمة؟

يتساءل الكثيرون عن دور الحكومة في مواجهة هذه الأزمة، وعن جدوى الإجراءات التي يتم اتخاذها للحد من ارتفاع الأسعار، فهل ستتمكن الحكومة من كبح جماح الأسعار، وإعادة الهدوء والاستقرار إلى جيوب المصريين؟

يبقى السؤال معلقاً في الهواء، بانتظار إجابات حقيقية من قبل المسؤولين، وإجراءات ملموسة تُحسّن من أوضاع المواطنين، وتُعيد لهم القدرة على العيش الكريم.

فوضى الأسعار في مصر:

يُلاحظ أي متجول في الأسواق المصرية تناقضًا صارخًا بين ما يراه على أرض الواقع وما يسمعه من تصريحات المسؤولين، بينما تُعلن الحكومة عن خطواتها للحد من ارتفاع الأسعار، يواجه المواطنون أسعارًا مُلتهبة لا مبرر لها.

وأكثر ما يُثير السخط هو غياب التسعيرة الموحدة للسلع، حيث تُباع بنفس المنطقة وبنفس الوقت بأسعار مُختلفة، دون أي رقابة أو تدخل من قبل الجهات المعنية.

ففي حين يؤكد المسؤولون على انخفاض الأسعار، يُفاجأ المواطن بارتفاعها بشكل جنوني، دون أي مبرر واضح.

ولكن، لعلّ ما يُشعل شعلة الأمل هو مبادرة أهالي الإسكندرية وبورسعيد لمواجهة جشع التجار، فقد أعلنوا عن مقاطعة شراء الأسماك احتجاجًا على ارتفاع أسعارها، مما أدى إلى انخفاضها بشكل ملحوظ.

وتُثبت هذه المبادرة قدرة الشعب على إحداث التغيير، عندما يتكاتفون ويتّحدون في وجه الظلم.

فهل تُلهم هذه المبادرة باقي المحافظات المصرية لتنفيذ خطوات مماثلة لمواجهة جشع التجار؟

وهل ستتدخل الحكومة لفرض رقابة صارمة على الأسعار، وتضع حدًا للفوضى التي تُسيطر على الأسواق؟

يبقى السؤال معلقًا، بانتظار إجابات حقيقية من قبل المسؤولين، وإجراءات ملموسة تُعيد الاستقرار للأسواق، وتُحافظ على كرامة المواطن المصري.

جولة في السوق تكشف عن خيوط اللعبة:

جولة ميدانية قام بها موقع «الموقع» في السوق المصري كشفت عن فوضى عارمة في أسعار السلع الأساسية، حيث تختلف الأسعار بشكل كبير من منطقة لأخرى، بل ومن محل لآخر في نفس المنطقة، دون أي مبرر واضح.

نرشح لك : «بلاها فراخ» .. حملة لمقاطعة الدواجن للسيطرة على الأسعار

ففي جولة على محلات بيع الألبان، تراوحت أسعار كيلو اللبن المعبأ من 32 جنيهًا إلى 50 جنيهًا، مع العلم أنّه من نفس الشركة، أما السكر، فبعد انخفاض طفيف في سعره، عاد ليرتفع مرة أخرى، حيث يباع في بعض المناطق بـ40 جنيهًا، بينما يصل سعره في مناطق أخرى إلى 45 جنيهًا، بل و 50 جنيهًا دون أي داعٍ!

وتزداد الفوضى في أسعار الأرز، حيث يبدأ سعر كيلو الأرز السائب من 25 جنيهًا ويصل إلى 35 جنيهًا، بينما يتراوح سعر الأرز المعبأ من 35 جنيهًا إلى 42 جنيهًا.

ولا يختلف الأمر في الخضروات، حيث تختلف أسعار الطماطم والبصل بشكل كبير من منطقة لأخرى ومن تاجر لآخر.

وحتى اللحوم والدواجن لم تسلم من هذه الفوضى، حيث تباع الدواجن البيضاء بأسعار تبدأ من 85 جنيهًا للكيلو وتصل إلى 95 جنيهًا، في حين حددت الحكومة سعرها بـ75 جنيهًا للكيلو.

أما اللحوم، فتتراوح أسعارها بين 380 و 410 جنيهًا للكيلو، وتصل في بعض المناطق الراقية إلى 450 جنيهًا.

وتُظهر هذه الجولة بوضوح مدى فوضى الأسعار التي يعاني منها المواطن المصري، وتُثبت عجز الحكومة عن السيطرة على الوضع، أو فرض رقابة صارمة على التجار.

حرب كلامية بين التجار والحكومة:

يشهد السوق المصري حالة من الفوضى في الأسعار، حيث يبرّر الكثير من التجار ارتفاع الأسعار بنقص السلع وقلة الإفراجات الجمركية.

في المقابل، يؤكد رئيس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، أن الحكومة قد اتخذت جميع الإجراءات اللازمة لتوفير العملة الصعبة وإنهاء الإجراءات الخاصة بخروج البضائع من الموانئ، مُشيرًا إلى امتناع بعض التجار عن الإفراج عن بضائعهم انتظارًا لاستقرار أسعار الدولار.

ودعا رئيس الوزراء أصحاب البضائع إلى الإفراج عنها بشكلٍ مبكر لتجنب دفع الغرامات أو تكاليف الأرضيات بالموانئ، مُؤكدًا على ضرورة الاستفادة من الفرص التجارية الحالية بدلاً من انتظار انخفاض قيمة الدولار.

وأشار مدبولي إلى أنّ الأسواق بحاجة إلى رقابة دقيقة وضبط من قبل الحكومة لضمان عدم انتهاك حقوق المواطنين وتوافر السلع بأسعار معقولة.

جهود الحكومة واستغلال بعض التجار:

وتشهد الأسواق المصرية تقلبات ملحوظة في أسعار السلع الأساسية خلال الفترة الأخيرة، على الرغم من الجهود الحكومية الرامية إلى السيطرة على الأسعار وضمان استقرارها.

ويُعزى هذا الارتفاع إلى عدة عوامل، منها ارتفاع تكاليف الإنتاج والنقل، وتراجع قيمة الجنيه المصري، بالإضافة إلى الأزمة العالمية في سلاسل التوريد.

ويشير العديد من المواطنين إلى أن بعض التجار يستغلون هذه الظروف لرفع أسعار السلع بشكل مُبالغ فيه، دون مبرر حقيقي، سعياً وراء تحقيق أرباح غير مشروعة على حساب قوت المواطن.

وطالب المواطنون الحكومة بضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة لمواجهة هذه الظاهرة، تشمل تشديد الرقابة على الأسواق، لضمان التزام التجار بأسعار السلع المُحددة من قبل الجهات الرسمية، وفرض عقوبات رادعة على المخالفين، لردع أي سلوكيات تُخالف القانون وتُضر بالمستهلك.

كما طالب المواطنون بدعم منافسة شريفة من خلال تشجيع دخول المزيد من التجار إلى السوق، مما يُؤدي إلى كسر احتكار بعض التجار للسلع، وتعزيز دور الجهات المعنية، مثل وزارة التموين وجهاز حماية المستهلك، لضمان تطبيق القوانين واللوائح المنظمة للأسواق.

بيانات رسمية تُشير إلى انخفاض الأسعار:

وأكدت البيانات الرسمية الصادرة عن جهاز الإحصاء المصري انخفاض أسعار بعض السلع الأساسية، مثل الخضروات والحبوب، خلال الشهر الماضي.

وأشار العديد من المواطنين إلى وجود تناقض بين البيانات الرسمية الصادرة عن جهاز الإحصاء وما يُشاهده المستهلك على أرض الواقع، حيث لا تزال أسعار السلع مرتفعة في الأسواق.

تحرك برلماني:

وبادر النائب عبد السلام خضراوي، عضو مجلس النواب، بتقديم طلب إحاطة للمستشار الدكتور حنفى جبالى رئيس مجلس النواب، موجه إلى الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، والدكتور على المصيلحى، وزير التموين والتجارة الداخلية، مُطالباً بضبط أسعار السلع ومحاسبة المخالفين.

ويتساءل النائب خضراوي عن أسباب عدم انخفاض الأسعار رغم تأكيدات الحكومة باتخاذ إجراءات سريعة لتوفير مخزون استراتيجي من السلع الأساسية، وعن تأثير زيادة الاحتياطي الاستراتيجي من السلع على ضبط الأسواق.

وطالب النائب خضراوي بـتفعيل العقوبات المُقررة في قانون حماية المستهلك وقانون العقوبات المصري ضد المُتلاعبين بأسعار السلع، وفرض غرامات على المخالفين تتراوح بين 500 ألف جنيه و 1 مليون جنيه، مع عقوبة الحبس في حال التكرار، والتطبيق الفعلي للقوانين، لضمان عودة الاستقرار في الأسعار.

وأكد النائب خضراوي على ضرورة اتخاذ خطوات حاسمة لمواجهة فوضى الأسعار وحماية حقوق المستهلك، وذلك من خلال تفعيل القوانين وتطبيق العقوبات على المخالفين.

وأشار النائب خضراوي إلى المادة 345 من قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937، والتي تُقر عقوبة الحبس أو الغرامة أو كليهما للمُتلاعبين بأسعار السلع.

يُشدد النائب على أهمية دور الحكومة في ضبط الأسواق وضمان توافر السلع الأساسية بأسعار مناسبة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى