أراء ومقالاتالموقع

نزار السيسي يكتب لـ«الموقع» .. لا تقتلوا أسودكم فتأكلكم كلاب أعدائكم

أصبح قتل الأسود سمة طبيعية ويومية في مجتمعاتنا. وأكاد أجزم أنه يحدث بشكل يومي وبدم بارد وعلى مرأى الجميع ومباركتهم والتصفيق الحار. وتقام الحفلات الصاخبة من أجل ذلك…بالكاد لا تصدق ما أقول ولكن افتح ذهنك وقلبك معي في الأسطر القادمة…

‏تبدأ عملية وأد الأسود عندما يدخل الأشبال في النظام المدرسي. كلنا يعلم ويجزم أن كل طفل لديه مهارات وإبداعات ولكن النظام المدرسي لا يقوم إلا على حفظ وأحيانا فهم ما بين دفتي الكتب، ‏فيبدأ قتل المواهب منذ الصغر ويتم برمجة الطفل بأن الطريقة الوحيدة بأن يكون أسداً هي بالتفوق في المدرسة… فيبدأ المعلم بتقسيم الأشبال (الطلبة) بين متفوق ومتوسط وضعيف… وربما الضعيف قد يكون أشد إبداعاً ممن سواه… ولكن حكم عليهم النظام أنهم ضعفاء بالدراسة أو التعليم أو الحفظ مثلا …‏فإما أن يتبرمجوا على النظام ويصبحون متفوقين وإما كتب عليهم الفشل ويمارس عليهم أشد أنواع التمييز… حيث أن المعلم يحب المتفوق والرحلات للمتفوق والهدايا للمتفوق والتكريم للمتفوق بينما كل الشتائم والتهزئ للطالب الضعيف…
فكم من أشبال قتلت وهي في مهدها؟؟؟

‏يصارع بعض ذلكم الأشبال ويخرجون من الثانوية العامة وغالبهم بدرجات متدنية أو مقبولة.. ويمارس عليهم التنمر المجتمعي… فلا جامعة تقبلهم ولا كلية ولا معهد… ثم يبرمجون أن يقومون بأعمال تجارية (شركات صغيرة) ويرسمون لهم الأحلام الوردية والتي من رسمها لهم سيقوم بتدميرها بلا هوادة…كيف؟

‏تدمر الأحلام بعدم وجود استراتيجيات حقيقية وإن وجدت فلا يوجد إيمان بها ولا عمل والدليل القوانين والأنظمة والتعقيدات التي تقول للفرد: أن ما تقوم به مجرد أحلام أو أنك قاتل بلا رحمة لتعيش…

من منكم لم يشارك في ذلك ومن منكم لم يحدث له ذلك؟

‏أما المظهر الثاني لقتل الأسود تجده في صراعات العمل… حيث نشأت فكرة البقاء للأقوى وأن القمة تتسع لشخص واحد منذ نعومة الأظفار، تجد شخصيات ذكية وفعالة ولكنهم يتعاركون من أجل منصب أو من أجل ترقية أو مكانة.إثبات الذات تكون أولوية وأنا الصح والباقي خطأ وغيرها من المظاهر…

‏ألا ترون أنه كلما تغير مسؤول تغير كيان المنظمة أو الدائرة أو حتى رئاسة القسم؟، ونتيجة ذلك عدم الاستمرارية وعدم التكامل وعدم الاستقرار وكل ذلك نراه في حياتنا العملية في القطاعي الحكومي والخاص.كل وزارة بمثابة دولة وكل مؤسسة بمثابة مملكة وفِي داخل كل منهما دويلات وإقطاعات من الدوائر .

‏أما المظهر الثالث من قتل الأسود وهو الصراع بين القيادات الناشئة والقيادات الحالية…الناشئة تريد أن تحجز مقعدا بإزالة القيادات الحالية… أما القيادات الحالية فتريد الاستمرار في العطاء أو التمسك بالكرسي..‏وقد يكون كلا القيادات الناشئة والحالية ممتازة ولكن الجهل وعدم التخطيط بالإحلال وغياب الإستراتيجيات والبرامج لتمكين القيادات الناشئة والبرامج الأخرى لجعل القيادات الحالية كثروة استشارية يخلق الصراعات التي نعايشها كل يوم.

وفِي الختام ألا ترون أن الكلاب تنهش وتأكل أسودنا

اقرأ ايضا للكاتب

نزار السيسي يكتب لـ«الموقع» .. الذاكرة

نزار السيسي يكتب لـ«الموقع» السعي للأمان ليس للأشياء

نزار السيسي يكتب لـ«الموقع» القادم أسوأ وأضل سبيلا

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى