أراء ومقالاتالموقع

نزار السيسي يكتب لـ«الموقع» ‏رائحة ولون وطعم

كنت مع أحد أصدقائي المقربين ليلة أمس نتناول وجبة السحور سويا، وتحدثنا عن تلك الوجبات البسيطة جداً التي كانت تصنعها أمهاتنا في طفولتنا، وقال لي بأنها : «هي ألذ وأشهى وجبات أكلها في حياته»، وتمنى أن تعود لمائدته …. قلت له: لن تكون بالطعم نفسه!، قال: لماذا؟!

قلت: عليك أن تستعيد اللحظة، والمكان، والطقس، ورائحة الأمهات والبساطة، ومزاج طفولتنا وبراءتها، وأشياء كثيرة قبل أن تجمع مكونات الوجبة.

الآن. بإمكاننا أن نصنعها كما كانت وأفضل وسنحصل على الطعام. ولكننا لن تحصل على الطعم!

كل شيء أحببناه (طعم، رائحة، صوت، طقس، منظر، لون، لمسة) أحببناه لأسبابه وتوقيته، ولأجل من كانوا معنا لحظتها. هذا العطر الذي عشقناه لأنه عطر آباءنا – حتى إننا كنا نرش القليل منه على ملابسنا – أصبحنا نكرهه في غيابهم،أصبح يؤلمنا. حتى أنوفنا أصبحت تتحسّس منه!

الأشياء كلهم مرتبطة بناسها ولحظاتها: نحبها ونكرهها بأسبابهم.فارق التوقيت يجعلك تحب الشيء أو تكرهه
– أغنية ما أصبحت موجعة بالنسبة إليّ… صديقي يستمع إليها وهو يبتسم!، رائحة ما لا تزال بالنسبة إليّ تنافس أغلى الروائح وأشهرها!، ليلة عيد الفطر رغم كل ما أعيشه الآن من سن الأربعين- ما تزال تذكّرني بليلة كنت لا أستطيع النوم فيها من شدة الفرحة بالعيد

شخصياتنا تتشكّل بهذا الشكل: روائح ونكهات وألوان وأصوات، وكل ما يصاحبها من مواقف ومشاعر مبهجة ومؤلمة. بهذا الخليط العجيب من الأشياء الصغيرة. تصبح: أنت.لا تظن أنك المواقف العظيمة والحوادث الجسام فحسب. أنت بالضبط كل التفاصيل الصغيرة:

رائحة شممتها في طفولتك، وحددت ذاكرة أنفك وعلاقته مع الأشياء، طعمٌ ظننت أنه طعم الحياة ونكهتها، لونٌ صنع مزاجك تجاه الأشياء، صوتٌ كلمات حدّدت طباعك.

جميلة هي أيام زمان التي مضت، ورائعون هم الأشخاص قديما، كم كانت الحياة بسيطة وكم كنّا أكثر فرحاً ومرحا
ضحكاتنا كان صوتها أجمل وعيوننا كان لها بريق خاص
قلوبنا كانت مضيئة وأفكارنا نظيفة وأقل عدوانية
نشتاق إلى تلك الأيام الجميلة إلى بساطتنا القديمة
ولكن للأسف لن تعود!!!

اقرأ ايضا للكاتب

نزار السيسي يكتب لـ«الموقع» صديق يشكي ظلم الناس

‏نزار السيسي يكتب لـ«الموقع» كوارث الأسر

نزار السيسي يكتب لـ«الموقع» الحب في زمن اللاحب

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى