أراء ومقالاتالموقع

نزار السيسي يكتب لـ«الموقع» السعي للأمان ليس للأشياء

كم من مرةٍ كنت أسعى فيها خلف تلك الأشياء التي كنت أعتقد بأني سوف أشعر فيها بالأمان والراحة!!
ولكنني كنت لا ألاحظ ذلك… لقد كنت أشعر بأنني أسعى خلف سرابٍ زائف، ولكن الأسوأ من ذلك.. كنت أصل لذلك الشي ويغمرني الخوف أكثر وأكثر …
‏ذلك الخوف الذي يتملكني ويتملك كياني ويعمي رؤيتي ويجعلني أستمر خلف ذلك السراب بالبحث عن الأمان ولكن لم أدرك حتى ذلك، وفي أحد الأيام حدثتني نفسي بأني يجب أن أتوقف عن السعي خلف هذا الوهم، فالأمان هنا في قلبي ،من حينها لم أعد أكترث لشيء…
‏لم أعد أكترث لذلك السراب وبدأ يتبدد شيئا فشيئا وكأنني ذهبت إلى مكان بعيد، هو ليس ببعيد ولكن أنا من كنت بعيد عن صلاتي وأذكاري ومنزلي وأصولي وعاداتي
حينها أدركت بأن الأمان حقا موجود (هُنا) …
‏ولكن ليس هذا كل ما في الأمر؟!…. أخبروني كم مرةٍ بحثتم عن تلك العلاقة التي سوف تشعركِم بالأمان…لاسيما إن كنتم وصلتم أم لم تصلوا؟!
إن كنتم وصلتم، فهل شعرتم بالأمان المطلق؟! وإن كنتم لم تصلوا فسوف يكون شأنكِم من شأني!! ….
‏أخبروني كم مرةٍ بحثتم عن تلك السيارة من الماركة الفلانية حتى تشعرون فيها بذاتكم وأمانكم، ولكن بعد حين اكتشفتم أن هذا كان مؤقتا…. وتعودون وتسعون خلف تلك الفيلا في الكومباوند الفلاني حتى تشعرون فيها بالأمان المؤقت!! …….. وهكذا إلخ
‏‎هل نحن نبحث عن سراب لأشياء والأصل عندنا!!..
لو كنا أحسسنا أن الأصل بداخلنا فعلا، لما وصلنا إلى ما نحن عليه الآن من صراعات ونزاعات وتكالب علي الدنيا!! النفس المطمئنة هي الأمان، لكننا لم نكن أقوياء بما يكفي نستمر بالبحث.. وبحثنا إلى أن اكتشفنا أننا من كنا نرجوا أماني منهم ليسوا سوى كذبة!!
‏الأمان جميل جدًا، أظنه الشعور الوحيد الذي يستحق عناء البحث.. أن تأمن وأنت تتحدث وتنفعل وتعبر عن مشاعرك أن تأمن أن عفويتك محبوبة ومقبولة، أنك لا تحتاج إلى التصنع كي تبقى مرغوبًا، وأن كل ما تعانيه من نفسك لا يمثل مشكلة للآخر.
‏ولكن للأسف الشديد رغم كل ذلك اليقين إلا أن الإنسان الحديث يواجه تحدّيًا نفسيًّا خطيراً في التمييز بين ما تريده نفسه بحقّ، وبين ما يَزْعَم أنه يريده، فالتشويش الذي سينتج عن تحقيق ما يزعم أنه يريده، هو أن النفس ستظل حزينةً ومنطفئة حتى يظن جَهْلًا أنهُ لن يكون سعيدًا مهما حاول من أجل نفسه؛ والأمر أنه متصلٌ بكل شيءٍ إلا ذاته.

اقرأ ايضا للكاتب

نزار السيسي يكتب لـ«الموقع» القادم أسوأ وأضل سبيلا

نزار السيسي يكتب لـ«الموقع» كرونولوجيا العصر

نزار السيسي يكتب لـ«الموقع» هل نحن كرهنا العيش معكم ؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى