أراء ومقالاتالموقع

نزار السيسي يكتب لـ«الموقع» الإنسان الراضي

كلما زادت احتياجات الإنسان كلما أصبح أكثر إتكالا،يتكل على هؤلاء الذين يخلقون له الاحتياجات المزيفة لترضي شهياته الهمجية والوهمية وكلما زادت الاحتياجات أصبح الإنسان فقيرا كإنسان، يقول ماركس(ان الاحتياجات المتزايدة تستعبد الأنسان وتجرده من إنسانيته، ليرى الإنسان قيمته هي فيما يملك).ولقد ‎ثبت لبعض الباحثين أن من يحرم من كل ملكيه يفقد ثقته بنفسه ويصاب بضعف الشخصيه ويكون أقرب للذله والمسكنه منه الى الإنسان المتكامل الشخصيه.

ثمه شخصيات وُهِبَت جمالاً فريدًا يدعو إلى الاحترام، تجدها تُدرِك قَدْر ذاتها كما ينبغي، فلا تبذل خطوتها إلّا في السُبُل التي تليق بها، تَتّسم بالرزانة، والوقار، فتجد لحضورها قَدْر، ولصمتها حديث، ولحديثها مكانة، ولفِعلها احترام، فسُبحان الذي ألبَسها من الجلال ثيابًا تزهو بها. أتعلمون من هم؟! هم الراضون!!!

لا يوجد أجمل من الإنسان الراضي، الراضي بنفسه وشكله وشخصيته، الراضي بتخصصه ووظيفته ومعيشته، يستطيع أن يعيش بما أعطاه الله، لا توجد صراعات بداخله تؤرقه على النقص والزود، ما تضيق عينه على رزق احد وليس في سباق مع الاخرين، متكيف بالرضا لا يسخط ولا يندب حظه ولا يتذمر، يعيش مع نفسه ولنفسه بكل سلام.

فلا أحد سالم من الدنيا، مهما رأيت الناس تبتسم وتعيش وتتعايش تأكد ان للكل نصيب من الم وحزن وندوب لا يعلم عنها بشر، الراضون هم فقط الذين لايشتكون، ويعلمون ان الله لحزنهم ولألمهم،يعلمون ان الله لكل شعور ضاع ولم يفهم ولكل مقصد لم يدرك ولكل ضيق لم يفرج. هم الذين أودعوا الله الهموم والشتات فوهبهم الرضا والثبات.لن يهنأ إنسان بعيش مالم يتقبل أن الحياة ناقصة، فكلٌ له نصيب من النقص، في المال أو الأبناء أو الصحة أو العلاقات وغيرها من نعم الحياة، فنشكر ونستمتع بما توفر ونصبر ونسعى لما نقص، والمفتاح هو القبول والرضا، استمتع بحياتك دون شروط، ودون نزعة كمالية.

العين الشبعة فضيلة، وفي الوحيين ندب كثير للنفس الغنية بالرضا والقناعة عن الضرب الجشع الطمّاع في الأرض، والتطلع المُذهب للكرامة والعزّة والأنفة!

وللأسف، أصبحنا نشاهد هذه العفّة أوضح وأجلى في عمّال الأشغال الشاقة ضعيفة العائد من متوسطي الدخل والمرغّدين في بيوتاتهم!

‏وجزء من هذه الظاهرة عائد بشكل أساسي إلى إدمان النظر في مظاهر الترف على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى يُخيّل للواحد أنه إن لم يستجم في أبعد بقاع الأرض وأكلفها، ولم يأكل الكافيار على مائدة الغداء يوميًا، ولم يركب أغلى المركوبات أنه فقير معدم محتاج!

وهنا تفرغ العين، وتتدنى النفس!

اقرأ ايضا للكاتب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى