أراء ومقالاتالموقع

مروة سلامة تكتب لـ«الموقع» عن «أصحاب ولا أعز» عفواً أيها النقيب منى زكى ليست أفضل من خالد النبوى

شعرة دقيقة بين طرح الموضوعات الإجتماعية بغرض تسليط الضوء عليها ، وبين التلاعب بالعقول لتمرير بعض الأفكار الهدامة لخلخلة المجتمع ، تلك الشعرة التى تفرق بين الحق والباطل . فيلم “أصحاب ولا أعز” نموذج حى لإيضاح تلك الفروقات وهى عدة ، لن أسير مع الإتهامات التى وجهت له بالترويج للشذوذ لأن الأمر أخطر وأعمق من هذا ، لأنه بالفعل لا يوجد تحريض بالشكل المباشر والصريح . إذن فلماذا كل هذه الضجة ؟ .

أولاً : علينا أن نفرق بين نوعين من المشاهدين للعمل الفنى .. الجمهور وهو الشريحة العريضة و النوع الثانى هم النقاد وهى دائرة محدودة ، وبصفتى واحدة من هذه الدائرة وكونى كنت أصغر ناقدة سينمائية بمهرجان القاهرة السينمائى الدولى لفترة زمنية فأعرف جيداً أننا كنقاد نشاهد أفلاماً من كل الجنسيات تقريباً جعلت لدينا قدر من الإستيعاب لكل الثقافات والتيارات الفكرية ، فالمسموح به فى بلد ربما يكون عليه خطوط حمراء عريضة فى بلد آخر ، لكننا فى النهاية عندما نشاهد فنان مصرى يشارك فى عمل حتى وإن لم يعرض على أرض الوطن فالطبيعى أن يكون ملتزماً بالثوابت والخلفيات المصرية . من هذا المنطلق أقف عند مشهد خلع “منى زكى” لملابسها الداخلية بفيلم “أصحاب ولا أعز” ولا أعرف أين كان عقلها حين وافقت على تجسيد هذا المشهد المقحم والمسئ إلى نفسها أولاً وإلى بلدها (جنسيتها) ثانياً .. ولا أعرف أى قضية يمكن أن تناقش بهذا الإبتذال ؟ وما هو الإسقاط الدرامى الفظيع بالمشهد ؟ . هذا المشهد ذكرنى بحوار دار بينى وبين ممثلة فلسيطنية كتبت مقالاً عن فيلمها بمجلة “بانوراما” الصادرة عن مهرجان القاهرة السينمائى الدولى وحاز فيلمها جائزة فى تلك الدورة .. ابديت إعجابى بالفيلم لأنه يستحق ، لكن اعتراضى الوحيد الذى وجههته لها ظهورها بأحد المشاهد وهى تغير ملابسها (جسدها مكشوف دون ضرورة) وبالتالى المشهد يمكن حذفه ، فإذا كنا لا نقبل إعتداء الصهاينة على الفلسيطينيات فكيف نجعل عرضنا مٌباح فى السينما العالمية ؟ فأنتى لا تمثلين نفسك ، بل تمثلى قضية بلدك وجنسيتها .

فالقضايا الجادة لا تٌناقش بالعُرى ولا بخلع الملابس الداخلية .. ربما يكون هذا التصرف مقبولاً من ممثلة تتحسس الطريق وتبحث عن الشهرة والعالمية والمال وليس مقبولاً من نجمة بحجم “منى زكى” .

مشهد آخر للنجمة والمخرجة اللبنانية “نادين لبكى” تعثر على وسيلة منع حمل (للرجال) بداخل حقيبة إبنتها التى أقتربت من 18 عام ، ليتلقى الأب الخبر ببرود ، بل يهاجم والدتها لأنها أقدمت على هذا الأمر .. وتلك هى أحدى التمريرات أو الهجمات المقصودة للهدم المحرمات والقيم بالمجتمعات العربية سواء فى لبنان أو مصر .. ففى المجتمع اللبنانى لم يكن هذا الأمر مقبولاً ولا تزال قضايا الشرف أحد أهم القضايا التى يدافع عنها اللبنانيون .. فالحوار كله وارد الخارج (مدبلج) ومستهلك أعتادنا عليه فى الدراما الأمريكية . أما قضية الشذوذ المطروحة فى الفيلم الحقيقة لم يكن هناك (ترويج) ، لكن سأستخدم عبارات جاءت على لسان الأسرة اللبنانية فى الفيلم (عادى فيه رجال كتير هيك) ، أى أن الأمر أصبح طرح قضية (التقبل ) .. كونى أرفض العلاقات أمر شخصى ولكنهم موجودين عادى .. أعتقد أن الرسائل كلها أصبحت واضحة وفى إنتظار سلسلة الإلحاد وإلغاء التجنيد لإستئناف المخطط .

صحيح أن الفيلم لا يخضع بشكل قانونى لجهاز الرقابة على المصنفات الفنية بمصر ، لكن من باب الإنصاف فكما تم التحقيق مع الفنان “خالد النبوى” فى 2010 حين شارك الممثلة الإسرائيلية “ليزار شارهى” بطولة فيلم “Fair Game” أو “اللعبة العادلة يجب أن تخضع “منى زكى” للتحقيق بالنقابة لكونها مصرية أدت مشهد مسئ ، خصوصاً أنها خلعت ملابسها فى المشهد بإرادتها دون أى مبرر (فلم يكن مشهد إغتصاب أو شئ من هذا القبيل ) ..قطعاً لو كان الأمر مطروح بين أيدى الرقابة فى مصر ما كان خرج للجمهور .. والسؤال هل الممثل عندما يشارك فى أى عمل أجنبى (لا ينتمى لجنسية بلده) مباح أن يفعل ما يحلو له على طريقة المثل الشائع (البلد اللى محدش يعرفك فيها) ؟ ..ويقاسمها فى الجُرم المنتج المصرى محمد حفظى كونه مشاركاً فى الإنتاج .. كان على “منى” أن لا تنسى المشهد الذى أدته بموكب المومياوات وهى تفتح باب المتحف المصرى وألا تنسى تلك اللقطة والحضارة التى كانت وراءها وتفكر قبل أن تخطو هذه الخطوة ألف مرة لأنها أصبحت أيكونة ورمزاً للفنانات المصريات أمام العالم . فمثل هذه التحقيقات التى تدار داخل النقابة تجعل العقول فى حالة يقظة حتى لا يتكرر سيناريو الإساءة والهدم . لا أحد ضد الإبداع ، لكننا جميعاً ضد الإنفلات الأخلاقى فالفن إنارة للعقول وليس مجرد حالة لإثارة الجدل .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى