هلال وصليب

مرصد الأزهر: الخلايا النائمة بمنطقة الساحل الإفريقي عادت لنشاطاتها الإرهابية

كتب _ أحمد عبد العليم

قال مرصد الأزهر في مقال له نشرته وحدة رصد اللغة الإسبانية أن التنظيمات المتطرفة تنشط بشكل كبير في المناطقِ التي تعاني اضطراباتٍ أمنية، وعدمَ استقرار سياسي وحكومي، وهو ما يفسر -بشكل عام- زيادةَ الأنشطة الإرهابية للتنظيمات المتطرفة في منطقة الساحل الإفريقي عن غيرها من المناطقِ الأخرى في العالم.

حيث تستغل تلك التنظيمات حالةَ عدم الاستقرار بتلك المنطقة. ونظرًا لحالة عدم الاستقرار هذه، فإنه يتعين على حكومات دول تلك المنطقة فرض سيطرتها ونفوذها بالداخل لكونها واقعة بالقرب من بوابة العبور إلى أوروبا.

وقد أدت حالة عدم الاستقرار الأمني في دول تلك المنطقة إلى عدم قدرتها على التصدي بفعالية للهجمات الإرهابية التي أودت بحياة آلاف المواطنين الأبرياء وشردت أكثر من (3) ملايين شخص – طبقًا لما ذكرته جريدة “إل باييس” الإسبانية -، الأمر الذي تسبب في وقوع كارثة إنسانية بالمنطقة. وربما تسببت عوامل أخرى في تفاقم هذه المشكلة الضخمة، كالحروب الأهلية، وتدفق بعض عناصر التنظيمات الإرهابية للمنطقة من خلال حدودها الهشة، إضافة إلى تجارة الأسلحة.

وتابع مرصد الأزهر: أدى تطور أنشطة تلك التنظيمات الإرهابية، وتكثيف هجماتها الدموية وحركات الهجرة العشوائية إلى تفاقم الوضع الإقليمي في تلك المنطقة، الأمر الذي يُلقي بظلاله على أمنها القومي، وأمن الأقاليم المجاورة، وبالتالي الأمن القومي الإسباني؛ نظرًا لقربها الجغرافي من منطقة الساحل. وقد سارعت إسبانيا إلى تعزيز إجراءاتها الأمنية وتشديدها -على الحدود- لمواجهة تلك التهديدات الإرهابية المحتملة، والعمل على الحد من الهجرات القادمة إليها من تلك المنطقة -التي بات للتنظيمات الإرهابية فيها موطئُ قدم-، من خلال مساهمتها في تعزيز قواتها العسكرية بحوالي 500 جندي إضافي في “مالي” الأمر الذي جعل إسبانيا أكبر مساهم بقوات عسكرية في تلك المنطقة. في الوقت نفسه أبدت إسبانيا استعدادها التام للمساهمة في نشر المزيد من قواتها العسكرية داخل المنطقة، فضلًا عن مشاركتها في جميع البِعثات المدنية والعسكرية للاتحاد الأوروبي في المنطقة، الأمر الذي يُظهر مدى أهمية منطقة الساحل على أجندة الدولة الإسبانية، سعيًا إلى حماية مصالحها الاقتصادية والأمنية معًا.

من ناحية أخرى، وفق مرصد الأزهر فإن الخلايا النائمة بالمنطقة عادت لنشاطاتها الإرهابية، لكن الأجهزة الأمنية هناك نجحت إلى حدٍّ ما في إحباط بعضها. ولعل السبب في زيادة الأنشطة الإرهابية هناك يرجع، كما ذكرنا، إلى غياب الاستقرار الداخلي في تلك المنطقة الأمر الذي سهل تنقُّل تلك الخلايا الإرهابية التي يَدين معظمها بالولاء لتنظيمي “داعش” و “القاعدة”. كما لم يتوقف قادة التنظيمات الإرهابية عند هذا الحد فقط، بل ذهبوا إلى ما هو أبعد من ذلك من خلال انتهاج إستراتيجية توسعية تكمن في كسب المزيد من الأراضي، لفرض نفوذهم وسيطرتهم على تلك المنطقة بشكل كلي، لضمان السيطرة على الحدود الجنوبية للقارة الأوروبية، محاولين بذلك وصول بعض عناصرها إليها عبر بوابة إسبانيا الجنوبية، والتي تعتبر نقطة الانطلاق إلى أوروبا بالنسبة للمهاجرين. في المقابل، لم يُواجَه تحرك تلك التنظيمات الإرهابية بتحرك نشط يَحُدُّ من أنشطتها، وهو ما يُفسر انطلاق بعض المظاهرات بعدد من المدن الرئيسية بالساحل تنديدًا بتصاعد حدة الأعمال الإرهابية. وعندما أخذت الأنشطة المريبة لتك التنظيمات في الازدياد، بدأت إسبانيا تشعر بالقلق من تهديد أمنها، ما دفعها إلى اتخاذ حزمة من الإجراءات الأمنية اللازمة لحماية حدودها وأمنها الإستراتيجي، منها تقديم الدعم للقوات الحكومية في تلك المنطقة، وتشديد إجراءات استقبال اللاجئين القادمين من هذه الحدود.‏

وشدد مرصد الأزهر على أن إسبانيا تسعى لتحقيق ثلاثة أهداف رئيسة -في محاولة للتصدي لأجندة التنظيمات الإرهابية التوسعية-: منها تحقيق الاستقرار في مناطق الصراع الإرهابي -خصوصًا مالي-، في الوقت نفسه الذي تدرس فيه بعض الدول سَحب قواتها العسكرية من البلاد. ثانيها: مكافحة شبكات التهريب غير المشروعة المنتشرة. ثالثها: التحرك الفوري من جانب حكومات المنطقة لتنظيم الهجرات القادمة لها. ولعل ما يؤكد إدراك إسبانيا لخطورة تلك المنطقة والتهديدات الأمنية المحتملة القادمة منها، مطالبة وزير الشئون الخارجية والتعاون الإسباني “خوسيه مانويل ألباريس” حلفَ الناتو بضرورة تأمين الحدود الجنوبية الأوروبية، وتعزيز القوات العسكرية عليها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى