أراء ومقالاتالموقع

مختار محمود يكتب لـ«الموقع» يموتُ الحرُّ ولا يأكلُ بدينه

ببرجماتيته المعهودة.. لا يزال “الإخوانى المتقاعد” يطرق بابًا وراء باب؛ أملاً فى أن يفتح له أحد، غيرَ أنَّ ألاعيبه لم تنطلِ على أحد حتى الآن، قدَّمَ قُربانًا وراء قُربان دون جدوى، فعل كل ما بوسعه دون طائل.

تقمَّص دور “السياسى” ففشل، اختطف شخصية “الروائى” فخاب، أراد أن يكون “مُفكرًا” فلم يجد آذانًا صاغية، حاول أن يكون “مُنظِّرًا” فانصرف عنه الناس، بضاعته رديئة لا يتقافز حولها ولا فوقها سوى الذباب والحشرات، فضلًا أنه لا يزال راقصًا على الدَّرج فى مهنته الأساسية؛ حيث لا يزال مغمورًا فيها رغم اقترابه من الستين. هذا هو شأن “الإخوان المنشقين” عمومًا، لا عهد لهم ولا أمان.

قالها يومًا على الهواء مباشرة فى إحدى إطلالاته البرجماتية: “لا تأتمنوا مَن كان إخوانيًا..وطهِّروا مؤسسات الدولة منهم جميعًا ودون استثناء”، ولكنه يبدو أنه نسى أنه قالها، ونسى أنه كان أحد خدم الإخوان وصبيانهم المُخلصين فى “بلاط المرشد”، لم يكن شيئًا مذكورًا وسوف يبقى هو ومَن يحذون حذوه.

هو لم يتحقق إخوانيًا، ولم يتحقق مِهنيًا، فأراد أن يمتطى الثورة، مثل غيره، ويقدم نفسه أحد رموزها، مثل غيره، ولكن مَن قال يومًا: إن للإخوان دينًا؛ حتى يأمن الناس مكره وأكاذيبه؟

فعل “الإخوانى القديم” كل شيء؛ رغبة منه فى أن يناله تعيينٌ فى “مجلس نيابى” أو “مجلس حقوقى” أو أى جهة رسمية، ولكنَّ النظام الحالى كان واعيًا ومستوعبًا ومُتيقظًا، لا سيَّما أن تجربته مع “إخوانى متقاعد” مثل: الدكتور كمال الهلباوى لم تكن مثمرة ولا هادفة ولا جيدة بأي حال من الأحوال.

مضت سبع سنوات منذ قيام الثورة حتى الآن، كانت بالنسبة له وعليه عِجافًا؛ لأنَّ كل العصافير التى خطط لاصطيادها، ضحكت عليه ولم تقع فى الفخ، بل حلقتْ بعيدًا عنه تاركة إياه مقهورًا محسورًا، فهل استوعب الدرس وعرف قدر نفسه، وآوى إلى كن بعيد، لا سيما أن النظام الحالى لا يقدر الناس بأوزانهم الثقيلة، كما يتوهم، ولكن بمدى انتمائهم غير المحدود ووطنيتهم غير المدفوعة وإخلاصهم غير المشروط لتراب هذا الوطن؟ الإجابة: لا.. لم يفهم ولم يستوعب وظل على غبائه أو استغبائه وانتهازيته وطمعه، رافعًا شعاره الدائم والخالد: “لسه الأمانى ممكنة”.

بعدما فشل “الإخوانى المطرود” فى مساعيه ومخططاته كلها، أغلق على نفسه مكتبه، ثم فكر وقدر، ثم فكر وقرر أن يتخلص من “حمَّامه القديم” و”فكره القديم”، وقاده عقله هذه المرة إلى أن يخوض غِمار لعبة جديدة، لكنها رخيصة ومفضوحة؛ حيث تقمص دور “المثقف التنويرى”، بالمفهوم السائد حاليًا للتنوير القائم على الغش والتدليس والتخريف والتحريف والتجريف، وبدأ فى نشر سلسلة مقالات مُغرضة ومُدلسة، يثير من خلال كلماتها وسطورها، الغبار والشبهات حول “الثوابت الإسلامية”، مُتسلحًا فى سبيل ذلك ببعض الإسرائيليات وتخاريف المستشرقين الغربيين الكارهين للإسلام بالسليقة، والكتابات المأجورة والمدفوعة مُقدمًا.

يُدرك “الإخوانى الماكر” أن لعبة الكتابة ضد الإسلام عمومًا هى الأكثر رواجًا وأرباحًا فى مصر والدول العربية، فقرر أن يتفرغ لها مانحًا نفسه بالكذب والتدليس درجة “الدكتوراه”.. وهذه جريمة تستوجب المحاكمة والعقاب ابتداءً!

ولأنه ذو نَفَس طويل.. فإن “الإخوانى المدلس” سوف يقطع شوطًا كبيرًا فى الإبحار ضد التيار، والتجديف ضد الدين، فينكر ثابتًا، وينفى راسخًا، ويُكذِّب واقعًا، ويناطح صخرًا، حتى يتحاكى بسيرته الناس، كالذى بال يومًا فى بئر زمزم؛ أملاً فى أن يتم دعوته إلى المحافل الدولية، وتتويجه بالجوائز السخية، ولكن الذى فشل فى تجسيد شخصيات “السياسى” و”المفكر” و”الروائى” سوف يخيب أيضًا هذه المرة، ليبحث بعدها عن لعبة أخرى أشد رخصًا وتدنيًا..وهلمَّ جرَّا، حتى يبتلعه بئر النسيان وكهف المجهول.

خلاصة القول..أن هذا “الإخوانى المتقاعد” ليس وحده مَن يستهويه هذا السلوك الشيطانى، فما أكثرهم وأغزرهم، فقد ضجَّتْ من أمثالهم الموائد، وهم مستعدون فى أية لحظة لتقديم خدماتهم لمَن يجزل لهم العطاء، يحسبون كل صيحة عليهم، هم العدو فاحذرهم، هم ليسوا أكثر من “خلايا نائمة” جاهزة للانفجار فى أى وقت، وقادرة على التحول فى أى لحظة، يحلفون على الكذب، وهم يعلمون، شبُّوا ونشأوا وتربوا على أن الدين ليس أكثر من “مجرد بزنس” للتربح، ومطيَّة للوصول إلى الهدف بأقصر طريق.

تموتُ الحرَّة ولا تأكلها بثدييها، ولكن المذكور وأمثاله، وما أكثرهم” يأكلون بدينهم ويتربحون من ورائه؛ حتى لو من خلال إعلان الحرب عليه، وإسقاط حدود الله، تلك حدودُ الله فلا تقربوها، وتلك حدودُ الله فلا تعتدوها..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى