أراء ومقالاتالموقع

محمد أبو زيد يكتب لـ«الموقع» عن بلال فضل و«بيرت بلاس»

قبل ٢٤ عاما تقريبا أخذتني الجلالة لبدء رحلتي في بلاط صاحبة الجلالة حينما كانت درة التاج وصاحبة المقام الرفيع قبل أن يمسح بها البلاط وتهبط من القمة إلى القاع كما هي الآن.

كنت حينها طالبا في الجامعة و ذهبت للعمل في صحيفة الجيل “وريثة الدستور الأولى”.

ومن أهم ما لفت إنتباهي في المكان هو تلك الروح الأبوية التي يتعامل بها رئيس التحرير جمال العاصي مع جميع الصحفيين من أكبر اسم حتى أصغر متدرب، بالإضافة إلى وجود صحفي ضخم البنيان اسمه بلال فضل، وكان بلال لا يفعل سوي ٣ أشياء في الحياة، يأكل بكل قوة ويقرأ بمنتهى النهم، ويكتب بحرفية وموهبة إستثنائية في الكتابة. فكان أشطر وأهم كاتب صحفي في المكان.

فموهبة بلال فضل وثقافته الموسوعية أمور لا ينكرها إلا جاحد أو حاقد أو صاحب هوى.

وانتهت علاقتي به قبل أن تبدأ حينما أغلقت صحيفة الجيل، ودارت الأيام وأصبح بلال فضل واحدا من أكبر الكتاب الساخرين في مصر.

وفي الأيام الماضية إستطاع بلال ان يحقق نجاحا مبهرا على اليويتوب محققا ملايين المشاهدات وأكثر من 130 الف مشترك في غضون أسابيع، وأثبت أنه حكاء ولديه قدرة مذهلة على جذب الاذان مثلما كانت لديه نفس القدرة على جذب الإنظار لكتاباته بأسلوبه الساحر الساخر “الشاخر” احيانا. ولكن هل هذا هو كل ما في الصورة؟ أم أن هناك زوايا أخرى لا نراها، وهل هناك وجه آخر لبلال فضل بعيدا عن الموهبة الفذة التي منحها الله له؟ أم أن بلال متسق مع ذاته وصاحب مبادئ لا تتغير ولا تتجزأ و لا يمكن التشكيك فيها ؟

تلميذ إبراهيم عيسى

حينما تعرف أن شخصا ما كان تلميذا أو مقربا من إبراهيم عيسى فعليك أن تتحسس مسدسك! ، فلم يثبت علميا حتى الآن أن هناك شخصا ما تتلمذ على يد إبراهيم عيسى وأصبح بعدها شخصا نبيلا وصاحب قيم ومبادئ، وكل تجارب التاريخ الحديث أثبتت أن كل تلاميذ أبو حمالات هم نسخة معدلة منه في الإنتهازية واللعب على كل الحبال، وبدون ذكر أسماء فليراجع كل واحد فينا الأسماء التي يعرفها وكانت من تلاميذ إبراهيم عيسى ومن المقربين منه، إذا وجدتم شخصا واحدا فيهم صاحب مبادئ ساعتها” هقطع دراعي”

ومثلما كان عادل حمودة هو كبيرهم الذي علمهم السحر، كان إبراهيم عيسى زعيمهم الذي علمهم أقصى درجات اللوع والإنتهازية وتضخم الذات بشكل مرضى، وبلال فضل لم ولن ينكر أنه كان واحدا من أهم وأقرب التلاميذ لإبراهيم عيسى، وبذكاء حاد وصياعة الاسكندرانية حاول بلال التطهر من علاقته ب عيسى في فيديوهاته الأخيرة على اليويتوب، مبررا ذلك بدوافع أخلاقية منها أنه حينما علم أن أبوحملات كان يظلم المحررين الذين كانوا يعملون معه في الدستور وكان يعطيهم ملاليم بينما يتقاضي هو مئات الالاف ساعتها قرر بلال الطلاق البائن في علاقته مع أستاذه ، والواقعة صحيحة مليون في الميه لكن الدوافع لدى بلال فضل ليست صادقة 1%

المصلحة هي أمي

ولكي لا يكون الكلام مرسلا والإتهامات عبثية كيدية نابعة من نفوس بشرية مريضة وحاقدة كنفسية كاتب هذه الكلمات، هناك مجموعة من الوقائع التي قد تثبت أن المصلحة الشخصية والفلوس والشهرة والسبوبة مقدمة على كل شئ عند بلال فضل، وأن ترتيب جدول الرغبات عنده يختلف تماما عن الرغبات التي وضعها فرويد، وأن الشعار الذي يعشش داخل عقله الباطن رغما عنه ودون حتى أن يقاومه أو يملك القدرة على مقاومته هو المصلحة هي أمي والجنيه هو أبي، والشهرة هي حياتي، والأخلاق والمبادئ أمور ثانوية قد نحصل على نصيب منها وقد لا نحصل وهذه هي سنة الحياة.

ففي عهد مبارك سبق وأن هاجم بلال فضل كبير شعراء العامية الراحل عبد الرحمن الإبنودي هجوما ضاريا، مسخدما مدفعيته الكلامية واللفظية في الهجوم علي الرجل، وحينما حقق بلال ما كان يسعي اليه وهو لفت الانظار بكل الطرق، أعاد التوازن في علاقاته المجتمعية فتراجع عن موقفه من الابنودي(نفس مدرسة إبراهيم عيسى حينما هاجم ساويرس ورجال الأعمال وبعدها نام في حضنهم).

وهناك واقعة اخري وهي أكثر فجاجة واكثر دلالة علي سيكولوجية بلال فضل وحدثت في عهد مبارك ايضا ،وذلك حينما كتب مقالا بصحيفة الأسبوع لصاحبها مصطفى بكري وما ادراك من مصطفى بكري وماذا كان يقول أو يكتب بلال عن مصطفى بكري، ومع ذلك ولعلة في نفس يعقوب وفي تناقض سافر يحسد عليه في جرأته كتب بلال مقالا عند مصطفى بكري بعنوان “عادل حمودة الشهيد الوهمي”.

ولا نعرف هل هو الذي استخدم بكري لتصفية حسابات نفسية مع حموده ام ان بكري الذي استخدمه في معركة التلاسن بينه وبين عادل حمودة ..

حينما هاجم المصري اليوم بإيحاء من عيسى

في فترة البحث عن الذات وعن الفلوس والشهرة تحولت التناقضات من حالات إستثنائية وارد حدوثها عند كل البشر إلى منهج حياة في حياة بلال فضل، فلقد سبق له وأن هاجم صحيفة المصري اليوم وراح يكيل لها الاتهامات بالعجرفة والغرور والعنجهية اللي علي الفاضي علي حد قوله ، وذلك حينما خرجت المصري اليوم بمانشيت عريض تعلن من خلاله احتجاب الصحف الحزبية والمستقلة عن الصدور احتجاجا علي حبس الصحفيين ووصفت المصري اليوم نفسها بانها الشقيقة الكبري ،ساعتها راح بلال يسخر من هذا الوصف في مقال كتبه علي صفحة كاملة في الدستور بايحاء من ابراهيم عيسي و صب بلال غضبه ولعناته ولعنات ابراهيم عيسي بالمرة علي عجرفة المصري اليوم وشبهها بمصر التي ظلت تردد انها الشقيقة الكبري للدول العربية في عهد عبد الناصر ولم تفق الا علي نكسة 67.

ساعتها توترت العلاقة بين بيل والقائمين علي المصري اليوم واعتقدنا ان العلاقة بين الطرفين إنتهت، حيث كان يستكتب علي فترات ،الا أن بيل الذي يخيب كل التوقعات عاد للمصري اليوم لكتابة عمود يومي في الصحيفة التي مسح بكرامتها الارض من قبل والسبب الذي يعرفه من يعرفونه عن قرب هو أن المصري اليوم “شخشخت” جيبها في العرض الذي قدمته له وهو ضعيف جدا امام الفلوس فهي التي جعلته يغير جلده عشرات المرات ويبيع اصدقائه القدامى. وهذه ليست شهادتي ولكنها شهادة واحدا كان من أقرب الناس إليه.

واحد من الناس

بعيدا عن وجهة نظري في أفلام بلال فضل وهي لا تخرج عن تيمة واحدة فقط متمثلة في ثلاثية الصراع الابدي بين الثروة والسلطة والغلابة ، ربما تكون تلك التركيبة سيطرت على بلال في كتاباته للسينما بحكم النشأة أو بحكم نوعية الكتب والروايات التي يحب قراءته

وحدث أن تم عرض فيلم واحد من الناس الذي اعتبره واحدا من أهم افلام بلال فضل إن لم يكن أهمها، بنقابة الصحفيين، وبعد عرض الفيلم تم عمل ندوة مع أبطال الفيلم والمؤلف والمخرج وحينما ابدت زميلة صحفية ملاحظات علي السيناريو رأيت وجه بلال، وقد إزداد انتفاخا وبدأ يتأفف ويذهب بوجهه يسارا ويمينا وبدا صدره ضيقا حرجا وقاطع المتحدثه ومنعها من أن تكمل حديثها ،ساعتها لم أصدق نفسي، وسألت نفسي كيف يمكن لشخص يحارب في مقالاته من أجل الحرية ويهاجم الرئيس والوريث ليلا ونهارا ولا يستطيع أن يتحمل أي نقد

وكان من المدهش والمثير للغاية أيضا أن بلال فضل سخر في مقالاته الأخيرة قبل ثورة يناير من المقاومة في فلسطين وحملها مسؤولية محرقة غزة التي وقعت عام ٢٠٠٨

كل تلك المواقف جعلتني أدرك يقينا أن بلال فضل يشبه شامبو بيرت بلاس الذي كانت تعرض إعلاناته في التسعينات حيث كان يطلقون عليه انه 2×1 “شامبو وبلسم في نفس الوقت” وبلال فضل اتنين في واحد، أحدهما شخص يعشق الحرية وضد الإستبداد وضد الظلم والقهر والمحسوبية، والآخر إنتهازي وصولي يحول كل شئ إلى رقم وسبوبة

شهادة حق

وإحقاقا للحق لا يمكن وضع بلال فضل في تناقضاته وإنتهازيته مهما وصلت حدتها في سلة واحدة مع أستاذه إبراهيم عيسى، فعيسي ده كوم بمفرده في كل الصفات الرديئة ولا ينافسه فيها أحد، وإحقاقا للحق أيضا لا يمكن أن نقول أن بلال فضل من الذين يزحفون على بطونهم من أجل التقرب إلى السلطة، فهو بالفعل من عشاق الحرية، وفي نفس الوقت لا يمكن أن أضع بلال فضل في يوم من الأيام في خانة واحدة مع الراحلين مجدي مهنا أو محمد السيد السعيد أو جلال عامر وغيرهم من القامات التي كانت الحياة بالنسبة إليهم كلمة حق، وكان كل ذهب المعز لا يغريهم وكل سيوفه لا ترهبهم، بينما بلال حتى وان كان من أشد عشاق ومريدي الحرية فإنه لا يستطيع أن يمتنع عن رغبته في الإستخواذ على كل ذهب المعز وذهب رعيته

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى