الموقعتحقيقات وتقارير

“مافيا الدواء”.. ارتفاع أسعار الأدوية بين تكاليف الدعاية وهامش الربح.. “الموقع” يفتح الملف

رئيس مجلس إدارة شركة ماجيك فارما: ارتفاع أسعار الخامات السبب في تحريك سعر الدواء

خبير في الصناعات الدوائية: الشركات تضع هامش ربح 100٪ على الدواء

نقابة الصيادلة لـ”الموقع”: مدينة الدواء أمل واعد للقضاء على التلاعب في الأسعار

المستشار الطبي للحق في الدواء لـ”الموقع”: بند الدعايا يصل إلى 50٪ من إجمالي تكلفة صناعة الأدوية

رئيس شعبة الأدوية: تتقدم الشركات بطلبات لزيادة أسعار منتجاتها في حالة ضعف هامش الربح

كتبت: فاطمة عاهد

أسعار الأدوية في مصر لا تنخفض فهي في ارتفاع دائم، ما يتسبب في زيادة أعباء المواطنين، لأن تلك الأزمة تؤدي إلى حرمان آلاف المرضى في البلاد من حقهم في العلاج بسبب الفقر والظروف المعيشية الصعبة، فخلال العام الحالي ارتفعت أسعار نحو 150 صنفا من الأدوية، بنسبة تخطت 60%، وبحسب ما يتم تداوله فمن المتوقع أن ويشاهد سوق الأدوية زيادة جديدة في أسعار الأدوية في مطلع العام المقبل.

‏يرجع أغلب أصحاب الشركات سبب ارتفاع أسعار الأدوية إلى ارتفاع الدولار مقارنة بالجنيه، خاصة وأنه يتم استيراد أكثر من 92 في المائة من المواد الخام للأدوية من الخارج، بينما يؤكد الخبراء على أن الدعاية وهامش الربح المبالغ به سبب تلك الأزمة، وهو ما يعرضه “الموقع“. خلال السطور التالية.

يتم الإعلان بشكل شبه دوري عن ارتفاع أسعار الأدوية، ما يعتبره المواطنون عبئا جديدا أضيف على قائمة احتياجاتهم، لذا يتعذر المئات من المواطنين عن الحصول على جرعتهم، ما يتسبب في فتك المرض بأجسادهم.

أرجع أصحاب شركات الأدوية سبب ارتفاع أسعار الأدوية خاصة الأساسية التي تخضع لتسعيرة جبرية من قبل وزارة الصحة إلى ارتفاع أسعار المواد الخام، التي يتم استخدامها في صناعتها وتعرف باسم “المادة الفعالة”، وأن البيروقراطية المتبعة في الحصول على تراخيص إنتاج الأدوية محليا تتسبب في لجوء أغلب الشركات إلى الاستيراد، لسهولة استخراج كافة الأوراق المطلوبة.

وفي هذا السياق قال الدكتور علاء الجرايحي، رئيس مجلس إدارة شركة ماجيك فارما، إن الأدوية يتم تسعيرها بنظام التسعيرة الجبرية من قبل الجهات المختصة، لذا فإن ارتفاع الأسعار يأتي بموافقة من قبل وزارة الصحة.

وأضاف “الجرايحي” في تصريحات خاصة لـ”الموقع” أن أسعار الدواء يتحكم فيها الاستيراد وارتفاع تكلفة الشحن، لذا نجد أن أغلب المنتجات الدوائية ارتفعت أسعارها، مؤكدا أن الحل هو الاتجاه للإنتاج المحلي.

“الجرايحي” أكد على أن الاتجاه للإنتاج المحلي من شأنه أن يقلل تكلفة المواد الخامة وكل مدخلات صناعة الدواء بما يساهم في رفع قيمة الجنيه المصري، والنهوض بمنظومة صناعة الأدوية في البلاد، وأنه يجب التأكيد على كافة الشركات على كتابة أسعار الدواء على العلبة، وأن تكون الصيدليات هي المنفذ الوحيد لبيعه، ليسهل حوكمة ارتفاع الأسعار.

وأشار إلى أنه هناك منتجات تتحكم فيها الشركات التي توزعها مثل المكملات الغذائية والمنتجات التجميلية، حيث يتم الحصول على التراخيص من وزارة الصحة لكن دون أن تخضع لمنظومة التسعير الجبري، لذا نجد تضارب كبير في أسعارها.

هامش ربح

يعد بند “الدعايا” أحد أكثر البنود سببا في ارتفاع أسعار الأدوية، نظرا لأن هناك بعض الشركات التي تنفق مئات الآلاف على الدعايا بسفر الأطباء المؤتمرات بالخارج، وغيرها من الطرق مثل المؤتمرات الطبية والعينات المجانية للأطباء.

وتعليقا على ذلك قال الدكتور محمد مبروك، الخبير في الصناعات الدوائية، والرئيس التنفيذي لشركة “بايو ريتش كير” إن كل الشركات تنفق على الدعاية للمنتجات، وتخصص فرق لتذهب إلى الأطباء بالإضافة إلى الهدايا، وذهاب الأطباء إلى مؤتمرات خارج البلاد.

وأضاف في تصريحات خاصة لـ”الموقع“: “ممكن ادفع لدكتور واحد 100 ألف جنيه علشان يسافر في مؤتمر، فالشركات تحتاج للدعايا لتعريف الخارج، وفي شركات أجنبية بتنافسك وبتطلع الناس لبرا”.

وأشار إلى أن الحل هو أن لا يتم تحميل كل نفقات الدعايا على سعر الأدوية، وبالتالي يتحمله المواطنون، لكن يمكن أن تدفع الشركة جزء من تلك التكلفة على حساب المواطنين يكون على حساب الشركة

نرشح لك: كارثة.. «المنشطات الجنسية» مقابل الأدوية منتهية الصلاحية..«الموقع» يفتح ملف إعادة تدويرالعقاقيرالطبية

وأكد على أن الأدوية مسعرة جبريا، وهيئة الدواء هي الجهة التي ترفع الاسعار بحسب ما تراه مناسبا “الشركة بتقدم شيك التكلفة وبيكون موجود فيه سعر المادة الخام والمواد الفعالة وكل ما يتعلق بالأمر وبعدين الشركات الداخلية تحط الدعايا والتوزيع”.

وتابع “لو الدواء اتكلف 10 جنيه صناعة، الموزع بياخد 10 في المائة، والصيدلي عايز 25 في المائة وضريبة القيمة المضافة، لأننا بندفع الضريبة أكتر من مرة، وبعدين الشركة عايزة تحط هامش الربح 100 في المائة لأن الطاقة مكلفة وكذلك العمالة”.

وتابع: العالم داخل على أزمة في المواد الخام، بسبب جائحة كورونا، وفي فصل الشتاء الصين توقفت عن صناعة المواد الخام بسبب مشاكل في الطاقة، الصين بتطلع مواد أولية، والصين بتطلع مواد ثانوية، مصر تعاقدت مع الهند لنقل لخبرات وتبدأ في صناعة المواد الخام هنا والأزمة أنه هتلاقي بعض الأدوية اختفت من السوق

مدينة الدواء

يوجه البعض اتهامات للصيادلة بأنهم السبب فى ارتفاع أسعار الأدوية، باعتبارهم الموزع الاخير لها، لذا يعتقد المواطنين أن ارتفاع الأسعار يتسبب فيه الطبيب الصيدلي، في حين أنها منظومة متكاملة تتنتهي بالصيدليات للتوصيل المنتج إلى أيدي الجمهور.

قال نقيب الصيادلة بمحافظة الشرقية، الدكتور عصام أبو الفتوح، إن كل الأدوية في مصر تخضع لتسعيرة جبرية، من قبل وزارة الصحة، لذا فلا شأن للصيادلة بأمر ارتفاع أسعار الأدوية.

وعما يتسبب فيه ذلك الارتفاع في زيادة الأعباء على المواطنين أكد أن مصر لديها أقل أسعار الأدوية على مستوى العالم، لكن لازال المواطنين يعانون من ارتفاعها، لذا فإن الحل سوف يكون بتحريك الاسعار وبما يتناسب مع حالة المواطن.

وأشار “أبو الفتوح” في تصريحات خاصة لـ”الموقع” إلى أن ارتفاع تكلفة المواد التي تدخل في صناعة الأدوية منها أحبار الطباعة والمواد الفعالة وأغلب مدخلاتها هو السبب في رفع أسعار تلك الأدوية، لذا الاتجاه للإنتاج المحلي هو الحل لتلك الأزمة، لأن الإنتاج سوف يصاحبه تحريك بسيط للأسعار بما يتلائم مع احتياجات المواطن.

وأكد أن هناك خللا بمنظومة التسعير تسبب في فجوة كبيرة بين أسعار الأدوية المحلية ونظيرتها العالمية، لذا يجب إيجاد دراسة سعرية منفصلة لكل صنف دوائي.

واختتم حديثه مؤكدا على أن مدينة الدواء تعد من أهم إنجازات الدولة لمحاربة ارتفاع أسعار الأدوية، حيث سيتم انتاج مواد خام، وعملية تصنيع الدواء سوف تصبح محلية، ما يجعل أسعار المنتجات مناسبة للأسواق.

بينما الدكتور محفوظ رمزي، عضو مجلس نقابة صيادلة بالقاهرة، ورئيس لجنة التصنيع الدوائي واللجنة الإعلامية بالنقابة، أن قرار ٤٩٩ لسنة ٢٠١٢ الخاصة بالتسعيرة جعل الصلع الأضعف هو الصيدليات، لأن شركات التوزيع والإنتاج تتلاعب بالربح الخاص بالصيدليات، كما تتغول على حقوق الصيادلة مما يزيد الأعباء المالية على الصيدليات.

وأكد في تصريحات تليفزيونية له على أن شراء المواطنين التطبيقات الإلكترونية أزمة جديدة، لأن معظم تلك التطبيقات تبيع أدوية مغشوشة، مؤكدا أنه هناك بعض الأدوية يكون تأثيرها الصحي على المواطن مميته، خاصة مرضى الضغط والسكر.

خبير دوائي: المواد الخام عذر واهي لرفع أسعار الأدوية

بحسب المتخصصون في قطاع الأدوية فإن الطلب الكبير على الأدوية، ثم النقص المتوقع في المواد الخام واكتناز المخزونات وارتفاع تكاليف الشحن، شكَّلت أسباباً رئيسية لارتفاع أسعار الأدوية 200% خلال العام الحالي الماضي، كما أن أسعار الخامات في تغير دائم، وهو ما يشكل ضغطاً على القطاع الصحي والمستشفيات خاصةً، حيث ارتفعت فاتورة علاج مرضى الإقامة كثيراً الفترة الأخيرة.

لكن بحسب القوائم المالية لعدد من شركات الأدوية المُدرجة بالبورصة المصرية، فقد ثبتت تحقيق الشركات لأرباح هائلة، وثباتاً تقريباً في المصروفات، ما يشير إلى أن أسعار الأدوية التي تنتجها هذه الشركات للمستهلك أكثر بكثير من التكلفة الفعلية للإنتاج.

اعترض الخبير الدوائي والقانوني، الدكتور هاني سامح على أن السبب في ارتفاع أسعار الأدوية هو ارتفاع أسعار المواد الخام، معتبرا ذلك خدعة واهية تستلمها شركات الأدوية لتقنن رفع الأسعار.

وأضاف في تصريحات خاصة لـ”الموقع” أن المواد الخام تكلفة الكيلو منها يترواح ما بين 20 إلى خمسون دولار، ويتم استخدم جرام واحد في قرص الدواء على الحد الأقصى، لذا فكل ما يشاع حول أنها سبب ارتفاع الأسعار غير صحيح.

وتابع الخبير الدوائي أن القوانين نظمت التسعير الجبري للمستحضرات الصيدلانية بتحديد أقل سعر عالمي للمستحضر الأصلي كأساس للتسعير، وهو مايوجب التسعير وفق سعر دولة الهند كمثال، وللمستحضرات المثيلة للشركات المحلية والخاصة بما يقل بنسبة 35% عن أقل سعر عالمي، وبتحديد هامش ربح لا يجاوز 25% للمصنع بعد استبعاد التكاليف، و7% للموزع، و25% للصيدلية لباقي المستحضرات ومنها المكملات الغذائية المسجلة على شكل صيدلي.

وأكد على أن تلك الخامات يتم استيرادها من للصين والهندي والشرق الآسيوي، ولا تكلف الشركات مبالغ باهظة، فقد نجد مستحضر تابع لشركة أجنبية يتجاوز سعره الـ200 جنيه، بينما هو ذاته لشركة محلية يبلغ خمسة جنيهات، بنفس الخامة وطرق التصنيع والمكونات وبنفس الكفاءة والخضوع للتحاليل والرقابة الدوائية للجودة.

وطالب وزارة الصحة وهيئة الدواء المصرية وإدارة سلامة الغذاء بالتصدي للأعيب الشركات الدوائية، وذلك بإعادة تسعير المستحضرات بما يحمي حق المريض في العلاج، وبما يضمن تنفيذ القانون في تحديد هامش الربح المناسب للشركات بدون تغول، ولمنع تحول تلك الشركات الى مافيا للدواء لا هم لها إلا الربح من دماء المرضى.

بند الدعاية

تواجه صناعة الدواء اتهامات عديدة، بسبب ارتفاع الأسعار بشكل اعتبره المواطنون نوعا من أنواع المغالاة، لما يتسبب فيه من أزمات تلاحق المرضى لعدم قدرتهم على شراء الأدوية واستكمال علاجهم.

ويرجع أصحاب الشركات ارتفاع الأسعار إلى ارتفاع أسعار المواد الخام، وكذا ارتفاع أسعار كافة مدخلات صناعة الدواء في كل أنحاء العالم.

الحق في الدواء: الدعايا سبب ارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه

قال الدكتور محمد عز العرب، أستاذ الكبد والمستشار الطبي للمركز المصري للحق في الدواء، إنه هناك أسباب كثيرة لارتفاع أسعار الأدوية منها سعة تكلفة التشغيل، بالنسبة للمصانع (أسعار الطاقة – أجور التشغيل) وهذه تكلفة إضافية على أسعار الأدوية.

وأشار المستشار الطبي للمركز المصري للحق في الدواء، إلى أن عذر المواد الخام الذي تتخذه الشركات هو عذر واهي، لأن أسعار المادة الخام تخضع لنظام الشراء الموحد، أي يتم الحصول على المادة الخامسة بأقل سعر، كما أنه هناك كثير المواد الخام، سعرها العالمي، أقل من السابق.

وأضاف أن المواد الخام أصلح لها أسعار موحدة حيث يوجد استرشاد من الدول المرجعية، “كان عندنا 36 دولة مرجعية في أوروبا.. كنا بنسترشد بأقل سعر هناك، ونجيبه عندنا، بالإضافة لدولة الهند”.

وأشار إلى أن النقص الحاد في منتجات الأدوية تسبب في ارتفاع الأسعار، مؤكدا رفض منظمات المجتمع المدني أي أي زيادة في أسعار الدواء “نحن مع وضع سياسة تسعيرية للدواء، وعدم ترك الأمر يتحكم فيه جهة واحدة فقط”.
‏ ‏
‏ ‏وتابع “هناك جهتين في الدولة “هيئة الشراء الموحد، وهيئة الدواء المصرية للتكنولوجيا الطبية هم من يتحكمون في أسعار الدواء”، لذلك نريد تدخل حاسم من الدولة المصرية، للحد من ارتفاع أسعار الدواء، وهذا الموضوع سيتم حله بـ”نظام التأمين الصحي الشامل” في كل المحافظات.
‏ ‏
‏وأردف أنه لابد من وضع قواعد صارمة على أسعار الدواء، فهناك هناك بند “الدعاية” في بعض الأدوية يتعدى الـ 50%، ولابد من الإقلال بهذا البند، ولابد من دعم الدولة في سياسية صناعة الدواء.

واختتم حديثه قائلا “لابد من مساهمة الدولة في تقليل سعر الدواء، ومشكلة الدواء المصري أنه لا يوجد له “دعاية” بشكل كبير.. ولابد من دعم الدولة للدواء المصري في السوق الخارجي”.

الشركات تستغيث

قال علي عوف رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية، إن ارتفاع أسعار الأدوية ظاهرة موجودة قبل انتشار كورونا، فكل شركة من حقها أن تتقدم لهيئة الدواء بطلب بسبب المشاكل التي تواجهها في هامش الربح.

وأضاف رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية في تصريحات خاصة لـ”الموقع” أنه من المفروض توافر الأدوية وأن تستمر الصناعة لذا نجد حوالي 100 نوع من الأدوية ترتفع أسعارها بسبب مصاريف الشحن والكهرباء والعمالة.

وتابع “عوف” لذا تتقدم الشركات لهيئة الدواء بطلب لتحريك الأسعار، وبدورها تدرس الهيئة الطلب من خلال لجنة التسعير لدراسة لتحديد ما إذا كان يحتاج الدواء لأن يتحرك أم لا، ولو هناك دواء لا يحتاج يرفض الدواء.

وأكد في تصريحاته على أن الدعايا بالفعل بند من بنود التسعير الخاصة بالدواء، مثل أي منتج سلعي في العالم، تستخدم لكي يعرف الجمهور المستهدف الدواء، فبدونه لا يعرف الأطباء والمواطنين الدواء، لذا يتم تخصيص الأموال لتلك المهمة لزيادة توزيعه.

وأشار رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية إلى أن أسعار الأدوية يتم تحديدها عن طريق “التسعيرة الجبرية” من قبل هيئة الدواء، لذا فإنها تحدد بعد دراسة وخطوات طويلة.

وقد حاولنا التواصل مع هيئة الدواء المصرية للوقوف على أسباب إدراج الدعايا ضمن تسعيرة المنتج الدوائي، والسماح بوضع هامش ربح مبالغ فيه إضافة إلى بنود التسعيرة، لكن لم يرد أي من المسؤولين على اتصالاتنا أو رسائلنا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى