الموقعتحقيقات وتقارير

“كارثة”.. رسائل الدكتوراه والماجستير «تيك اواي».. “الموقع” يفتح ملف بيع الشهادات العلمية بالمكتبات الخاصة

 

محرر “الموقع” يخوض مغامرة للحصول على رسالة ماجستير “جاهزة” حسب الطلب

9 آلاف جنيه للماجستير و 13 ألف للدكتوراه.. والطلبة العرب “صيد ثمين”

أبو طالب»: فساد كبير يعصف بقيمة الدرجة العلمية ولابد من مقاومتها

المتحدث الرسمي لجامعة الأزهر: جريمة علمية تهدم العقول وتدمر المجتمع

أستاذ مناهج تطالب بعدم إعطاء الباحث درجة كاملة على الرسالة

كتب- أسامة غانم

شهد المجتمع الجامعي في الآونة الأخيرة، ظاهرة غريبة والتي تعد كارثة تهدد مجال البحث العلمي وتضرب المجتمع الأكاديمي في مقتل، وهي استعانة بعض الباحثين أو الدراسيين من طلاب الدراسات العليا، بمكتبات خاصة لإعداد رسالة الماجستير أو الدكتوراه مقابل مبالغ مالية كبيرة دون أن يبذل الباحث أي مجهود أو تعب أو البحث عن المعلومة لإعداد الرسالة، الأمر الذي جعل الرسائل العلمية كالوجبات السريعة “تيك أواى” أو تحضر “ديلفرى” تقدم للباحث خلال وقت قصير مقابل مبالغ مادية كبيرة.

ورصد “الموقع” آراء عدد من أصحاب المكتبات الخاصة ببيع المحاضرات والمراجعات وكتابة الرسائل العلمية في منطقة بين السرايات بجوار جامعة القاهرة، والتي يكون عملها في الأساس بيع الملازم، والأوراق والأقلام ،أو المحاضرات، ولكن خلف هذه الواجهة تقوم بعض المكتبات المنتشرة بعمليات ما يطلق عليه “البيزنس السريع” لبيع رسائل الماجستير والدكتوراه لباحثين مصرين وأجانب مقابل آلاف الجنيهات و تقمص محرر الموقع دور الباحث الذي يريد إعداد رسالة علمية بإحدى الكليات النظرية.

وقال “ح، م،” أحد العاملين بإحدى المكتبات: يوجد فريق كامل يعمل على كتابة الرسائل العلمية وإعدادها مقابل مبالغ مالية سواء “الماجستير أو الدكتوراه” وكل رسالة لها سعر يعنى رسالة الماجستير بسعر والدكتوراه بسعر، بالإضافة إلى اللغة حيث تكون اللغة العربية بسعر والإنجليزية بسعر أيضا، وتبدأ أسعار رسالة الماجستير من 7 آلاف إلى 9 آلاف ، والدكتوراه من 13 إلى ألف ويتم دفع على الأقل ثلث المبلغ، “عربون” أو ما يطلق عليه الاتفاق المبدئي ” والسعر قابل للزيادة حسب نوع الرسالة بالنسبة للجهد والوقت.

ويضف أحد العاملين بمكتبة أخرى رفض ذكر اسمه، أن معظم الطلاب الذين يأتون لإعداد وكتابة الرسائل العلمية من العرب ودول الخليج والتي زادت أعدادهم بعد الثورة يدرسون في الجامعات المصرية، مشيرًا إلى أن هؤلاء الطلاب لا يشغلهم المال، وأخر ما يتحدثون عنه النقود، ولكن الهدف الحصول على الرسالة والدرجة العلمية، وتستغرق مدة إعداد الرسالة من 4 إلى 9 أشهر وتكون جاهزة من كل شيء” ترقيم، تنصيص، للمناقشة في اللجنة على حد قوله.
واستطلع “الموقع” آراء عدد من أساتذة الجامعات المصرية في كيفية معالجة هذه الظاهرة وتأثيرها على المجتمع .

فساد كبير
بدوره قال الدكتور حسن أبو طالب مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن هذه الظاهرة تعد حالة فساد كبيرة بالنسبة للجامعات المصرية، تعصف بقيمة الدرجة العلمية وهى الدكتوراه، وتطيح بأرقى مستوى تعليمي يصل إليه الإنسان، مشيرًا إلى أن على الأجهزة المعنية مكافحة هذه الظاهرة التي تضر المجتمع بصفة عامة والمجتمع الأكاديمي والجامعي بصفة خاصة.

وأضاف “أبو طالب ” في تصريحات لـ”الموقع “أن هذا الأمر والذي انتشر في السنوات الأخيرة، نتيجة لاستسهال بعض الباحثين والدارسين غير الشرفاء بالنسبة لمهنة هي أرقى المهن “السلك الجامعي” للحصول على الدرجات العلمية سواء “الماجستير أو الدكتوراه”، لافتا إلى أنه لابد من مقاومة هذه الظاهرة بكل الطرق وعلى الأجهزة الرقابية محاربة هذه السلبيات التي تدمر المجتمع.

وتابع “أبو طالب” أن هذه المكتبات غير شرعية والتي تقوم بهذا الفساد، والغش في الرسائل العلمية، بمثابة آفة تنخر في جسد المجتمع، والتي تسعي للربح السريع وجمع الأموال من هؤلاء الباحثين أو الدراسيين، مؤكدًا أن الباحث أو الدارس “الغشاش، غير آمين” وأن هذه الفئة من الباحثين يتحمل الباحث المسئولية الأكبر لأنه هو من يذهب إلى هذه المكتبات للحصول على لقب “الدكتوراه” بشكل أسهل دون تعب وشقاء مقابل بعض الأموال أو النقود.

وأوضح أن الباحث أو الدارس في الدراسات العليا لكي يحصل على درجة الماجستير أو الدكتوراه، يقوم بعمل بحث علمي حقيقي لعدد من السنوات قد تستغرق 3 إلى 5 سنوات حتى يحصل على الدرجة العلمية ، من خلال أبحاث، وجمع معلومات، ومحاضرات، ومذاكرة، وبحث، ومراجعة مع الأساتذة ولن يحصل على الرسالة إلا بعد تعب واجتهاد على حد قوله.

وطالب مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الجهات المعنية وخاصة الأمنية بملاحقة هذه المكتبات والمراكز غير معتمدة وتطهير المجتمع منها حتى يبعد هذه السلبيات أو الآفات عن المجتمع الأكاديمي والتي تشوه صورة الجامعات وقطاع الدراسات العليا.

جريمة علمية

من ناحيته قال الدكتور أحمد زارع، المتحدث الرسمي لجامعة الأزهر ووكيل كلية الإعلام سابقا، إن انتشار مثل هذه الظاهرة تعد جريمة علمية بكل المقاييس، وتؤدى إلى خلل ينعكس آثره السلبي على الباحث نفسه، متسائلا ماذا تعلمت، وكيف يواجه ضميره، وطلابه إذا تتدرج في التدريس داخل الجامعة؟، بالإضافة إلى تعرض العملية التعليمة إلى الخطر، مشيرًا إلى أنه إذا ثبت هذا الأمر داخل الجامعات يحاكم الباحث أو الدارس على الفور بأشد العقوبات من قبل الجامعات والتي لا تتهاون في مثل هذه التجاوزات.

وأضاف “زارع” في تصريحات لـ”الموقع” أن هذا الفعل الذي يقوم به بعض الباحثين غير مخلصين يعد جريمة مخالفة للقانون وضد القيم العلمية مثلها كتجارة المخدرات وترويجها والتي تهدم العقول المصرية وتدمر المجتمع، لافتا إلى أن هذه الظاهرة تخلق مسخ مشوه للباحثين والدارسين داخل المجتمع المصري منزوع الفكر والكفاءة والفهم ، مطالبًا الجهات الأمنية بتشديد الإجراءات على هذه المراكز الوهمية، ومعاقبة ومحاربة هذه المكتبات التي تقدم محتوي فارغ لهؤلاء الباحثين .

وأكد المتحدث الرسمي لجامعة الأزهر، أن العديد من الجامعات والأساتذة يصفون جامعة الأزهر بالتشدد في مناقشة رسائل الماجستير والدكتوراه ، وهذا الأمر نفخر به كجامعة الأزهر، موضحًا أنه على الباحث أو طالب الدراسات العليا وهى أرقى الدرجات العلمية، الذي يريد الحصول على رسالة ماجستير أو دكتوراه أن “يتصبغ بصبغة العلم ” ويجتهد ويبحث عن المعلومة، ويحلل ويراجع مع الأساتذة، والزملاء ويطلع على الأبحاث في المكتبات العلمية المعتمدة داخل الجامعات والمراكز البحثية والعلمية.

وتابع “زارع” أن هذه الظاهرة نتيجة لانعدام الأخلاق عند بعض الباحثين أو الدراسيين الذين يريدون الحصول على لقب “دكتور” بشكل سريع مقابل بعض الأموال ، لافتا إلى أنه لابد أن يعامل هؤلاء معاملة تجار الممنوعات والمخدرات، لأنهم بأفعالهم هذه يخربون العقول ويهدمون المجتمع ويشوهون البحث العلمي والدراسات العليا، موضحًا أن هذا الأمر بمثابة قضية أمن قومي لابد من مكافحته لحماية الأمن القومي المصري.

تقييم الرسالة
وفى سياق متصل طالبت الدكتورة محبات أبو عميرة أستاذ المناهج والعلوم التربوية بجامعة عين شمس، الأساتذة الذين يشرفون على رسائل الماجستير والدكتوراه بعدم إعطاء أو منح الباحث الدرجة الكاملة على الرسالة، ويكون على سبيل المثال يحصل على 25% منها، وبالتالي يكون هناك إلزام للباحث أو الدراس البحث عن المعلومة، وعمل أبحاث، واطلاع بنفسه على المصادر والأبحاث، لكى يحصل علي باقي الدرجة عند مناقشة الرسالة في النهاية.
وأضافت “أبو عميرة” في تصريحات لـ”الموقع” أن النظام الجديد الخاص بالدراسات العليا أصبح يعتمد على “الساعات المعتمدة”، وبالتالي يجب على الباحث حضور ساعات معينة خلال فترة إعداد الرسالة ،مشيرة إلى أن ظاهرة استعانة بعض الباحثين بالمكتبات الخاصة لإعداد الرسالة سواء “ماجستير او دكتوراه” تعد مخالفة لقانون تنظيم الجامعات، والمجلس الأعلى للجامعات، مطالبة الجهات المعنية بمكافحة هذه المكتبات أو المراكز غير شرعية لحماية المجتمع الجامعي منها.
وأكدت “أبو عميرة” أن هناك دور كبير يقع على الأستاذ أو المشرف على الرسالة، وذلك عند اختبار الباحث وسؤاله عن عناصر ومضمون الرسالة، أو بعض الفقرات فيها ومدى تأكده من أن الباحث أو صاحب الرسالة هو من قام بإعداد وكتابة الرسالة أو شخص أخر غيره، موضحة أن هذه الأمور إن حدثت تكون في الكليات النظرية أو العلوم الاجتماعية فقط، وليس الكليات العلمية

نرشح لك

بروتوكول تعاون بين الأبحاث العلمية والدلتا التكنولوجية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى