الموقعتحقيقات وتقارير

“قلنا القيامة قامت”.. حكايات الرعب والخراب في بيوت أسوان.. “الموقع” يوثق المعاناة

فاطمة: بيتي غرق وأصبح بدون سقف ولا عفش ونفترش كراتين على الأرض ننام عليها

زينب: نعيش في مقر السيول ومن كثرتها تكون بحر يسبح به أطفال القرية

ياسمين: نموت من البرد يوميًا و أطالب المسئولين بسرعة النظر إلينا لنعيش حياة كريمة

عزيزة: ليلة مروعة قضيناها بره بيوتنا الثلج يتساقط على رؤوسنا ونشاهد أسقف وحوائط بيوتنا تنهار وجميع الأهالي أصيبوا بنزلة شديدة

صباح: كان كابوس استيقظنا منه على مشهد مرعب وجدنا وبيوتنا سقطت بأكملها على الأرض

أم ريماس: كنا هنموت من الرعب ولم نستطع الاتصال والاستغاثة بأحد

كتبت – منار إبراهيم 

ليلة مرعبة عاشها أهالي أسوان وصفوها بـ «أهوال يوم القيامة» إثر حدوث برق ورعد شديدين، وهطول أمطار رعدية غزيرة مصحوبة بصواعق وثلوج ورياح شديدة، ما تسبب في غرق الشوارع وانهيار العديد من المنازل، وانقطاع التيار الكهربائي عنها، بالإضافة إلى اقتلاع أعداد كبيرة من الأشجار وأعمدة الكهرباء، لتشهد أسوان على أثرها ليلة حالكة سادها الظلام يكشف «الموقع» تفاصيلها خلال السطور القليلة القادمة..

ففي البداية تحدثت فاطمة محمد، 64 عاما، أحد سكان نجع الشيخ هارون بأسوان، قائلة: أعيش في بيت سقفه من الخشب ومغطى بالطين أول ما اشتد المطر انهار سقف غرفة أبنتي وأغرقت المياه البيت من جميع النواحي، فشربت المراتب الطين ورميتها لأن قطنها فسد وأصبحت رائحتها كريهة، وأعيش الأن في منزل بلا سقف ولا عفش ونفترش كراتين على الأرض انام عليها أنا وأبنتي، وينام زوجي على كنبة متهالكة جوارنا.

وبعيون يغمرها الدمع تضيف “فاطمة” وضعنا أصبح أكثر سوءًا، فزوجي رجل مسن تجاوز السبعين من عمره ومصاب بثلاث جلطات في القلب ولديه أمراض مزمنة ووضعه الصحي لا يسمح بالجلوس عند أحد، أما أبنتي فهي طالبة بكلية تربية وتجلس تذاكر في عز البرد في غرفة بلا سقف، لا يرضي أحد أن تعيش أسرة بوضعنا الصحي وكبر عمرنا في منزل بهذا الوضع في هذا البرد القارس.

وعن معاناة هذه الليلة تروي لـ “الموقع“، كانت ليلة صعبة فشدة السيول والرياح دمرت أبواب البلكونات وكنت أجلس خلفها أنا وأبنتي لنغلق الباب فكانت تلقينا أرضًا، البيت كله غرق وكانت المياه واصله للركب، من غرق الحوائط كانت أبنتي تغلق النور مسكت الكهرباء بها، والعقارب تسللت إلينا من الجبال وكان الخطر يحيطنا من كل جهة.

واستطردت “فاطمة” أن السيول التي ضربت أسوان في هذا اليوم تشبه البلاد الأوربية، كانت تخلع الشجر والنخل وسببت هبوطا أرضيا في الشوارع وغرقت السيارات، أول مره يمر على أسوان مثل هذا الطقس السيئ خمس دقائق والبلد كلها حالها انقلب الناس تكهربت وماتت وناس ماتت من لدغ العقارب، عشنا يوم مرعب وكأنه يوم القيامة.

واختتمت حديثها قائلة: أطلب الرحمة من المسئولين والإنجاز في حل مشكلتنا، مر على سقوط الأمطار 10 أيام ونحن ننام على الأرض وبلا سقف في هذا الجو شديد البرودة، كل يوم يأتي أحد للمعاينة ولم يتخذ أحد أي خطوة وأخرها لجنة من المحافظة، التي أبلغتنا ان الغرفة المتبقية بسقف آيل للسقوط ونبهتنا بعدم النوم بها، وقالت لنا أنه سيتم تركيب سقف صاج لكنه أسوأ من الخشب؛ لأنه يجعل الجو شديد الحرارة صيفًا وشديد البرودة شتاءً، كما أنه لا يحمينا من المطر فجميع جيرانا ممن لديهم سقف صاج طار من شدة الرياح وسقط من هطول المطر.

ومن جانبها تقول زينب محمد، 35 عاما، أحد سكان عزبة المرشح بقرية كيما، “نحن نعيش في مقر السيول أمام منزلنا من كثرة السيول تكون بحر حتى الآن لم يجف، من شدة ارتفاعه كان الأطفال تسبح به، الكثير من البيوت تضررت ولتخفيف الوضع كان شباب القرية يشقون مجرى للمياه ومن شدتها كان يشبه الترعة وظلت المياه جاريه به ثلاثة أيام متواصلة.

وتضيف “زينب”: بعد مرور ثلاثة أيام من انتهاء المطر جاء لنا أحد من المديرية يعاين وضعنا، وبلغنا أنه سيتم بناء حجرة وصالة وسقف من الصاج، نحن عائلة مكونة من ثلاثة أسر كيف سنعيش جميعنا في حجرة وصالة؟!، كما أن السقف الصاج لن يغير من وضعنا شيء وسنظل معرضين لخطر المطر في أي وقت، لذا أطالب بالستر وصب سقف مسلح وأن ترزق أمي بحج بيت الله”.

وفي سياق متصل تروي ياسمين عبد الظاهر، 25 عاما، أحد سكان منطقة غرب أسوان، قائلة: بيتنا من الطين وسقفه صاج طار من شدة الرياح، والطين ساح من المطر، مما أدى إلى سقوط غرفتان من البيت والغرفتان المتبقيتان غرقتان في المياه التي تصل لمنتصف أرجلنا، وحتى الأن لا نستطيع دخولهم خوفًا من الكهرباء كما أنهم على وشك الانهيار”.

وتضيف “منذ انتهاء هذه الكارثة ونحن نعيش في البيت بلا سقف نموت من البرد يوميًا، العفش غرق والمراتب باظت ورمناهم، نحن وجميع الأهالي لأن تشبعت بالطين وأصبحت لا تصلح مرة أخرى، لذا أطالب المسئولين بسرعة النظر إلينا وتحسين وضعنا لنعيش حياة كريمة”.

والتقطت منها عزيزة موسى، 46 عاما، طرف الحديث قائلة: كانت ليلة مروعة قضيناها خارج بيوتنا خوفًا من سقوطها علينا، وسط صراخ الأطفال ورعبهم من هول المنظر ونحن نقف في الشارع الثلج كبير الحجم يتساقط على رؤوسنا وننظر إلى أسقف وحوائط بيوتنا وهي تنهار، جميع أهالي القرية مرضوا منذ هذا اليوم ويعانوا من نزلة شديدة يصحبها ارتفاع في درجة الحرارة وإسهال.

وتكمل “عزيزة”: حجر بيتي من الطين وشدة المطر جعلته ساح، مما أدى إلى غرقها بالمياه وظللنا يوم بأكمله نزيحها إلى خارج، وننتظر منذ 10 أيام وحتى الأن أن يجفوا، ننام على الأرض لغرق المراتب والبطاطين وجميع المستلزمات، كما أن تشققات البيت زادت وأصبح آيل للسقوط في أي لحظة، أما بيت حمايا اتهد نهائيًا ويجلسون عند أحد الأقارب حتى يتم وضع حل لهم”.

أما صباح أبو بكر، 44 عاما، أحد سكان نجع الفرس بغرب أسوان، فتقول “كنت أجلس أمام الباب استئناس بالحديث مع الجيران وفوجئنا ببرق ورعد وفي لحظات تساقط علينا مطر غزير وثلوج، ظللنا ساعات نعيش في أجواء مرعبة نستغيث بالله بكثرة الدعاء، هذا إلى جانب مساندة الجيران لبعضهم البعض فكان أصحاب البيوت المبنية من الطوب وهي قليلة العدد يستقبلون باقي الأهالي، وكانت بيوتهم مفتوحة لنا فأهالي أسوان لم تتخلى عن بعض ونسند بعضنا في الأزمات”.

وتضيف “كان كابوس استيقظنا منه على مشهد محزن وجدنا معالم بيوتنا الملونة الجميلة انعدمت وكأنها بيوت مهجورة منذ سنوات، وهناك بيوت سقطت بأكملها على الأرض، أما بيتي سقط منه غرفتان وباقي البيت على وشك الانهيار، لذا اتمنى أن كل منّ أصابه ضرر تقف الدولة بجانبه وتبني لهم بيوت تسترهم من هذا الجو شديد البرودة، منذ 10 أيام ونحن على هذا الحال وكل يوم يأتي إلينا أحد يعاين الوضع ويمشي ولم يتخذ أحد منهم أي خطوة تنقذنا حتى الأن.”

ووسط صراخ أطفال وجدنا سيدة تستغيث بالجيران للقضاء على عقرب كبير الحجم يهاجم أطفالها، تدعى أم ريماس، 34 عاما، والتي تروي معناتها لنا قائلة: أعيش في بيت قديم أنهار سقفه وغرق من شدة المطر، وأصبح يشبه حمام السباحة ظللنا يوم بأكمله برفقة الجيران نعبئ المياه بالجرادل ونلقيها بالخارج، عفش البيت كله باظ والفرش غرق، وأذهب كل يوم بأطفالي للنوم عند أخي خوفًا من العقارب التي لدغتها بموته وخاصة هذه العقارب السامة كبيرة الحجم والمتسللة لنا من الجبل.

وفي النهاية قالت لنا: عشنا يوم يشبه يوم القيامة وسط أجواء مرعبة برق ورعد ومطر وثلج، الكهرباء قطعت عن القرية وهواتفنا فصلت شحن ولم نستطع الاتصال والاستغاثة بأحد، لذا أطالب المسئولين بنظرة رحمة وإغاثتنا و بناء بيتي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى