الموقعتحقيقات وتقارير

في إطار حملة «التضامن» «امسكوا طرف الخيط».. كيف ناقشت السينما المصرية قضايا العنف ضد المرأة؟

كتبت- منار إبراهيم

يعد العنف تعبير صارم عن القوة التي تمارس لإجبار الفرد بعمل ما، وليس فقط العنف هو الظاهرة التي يستخدم فيها الضرب كوسيلة، بل يأخذ صور أخرى كالضغط الاجتماعي، العنف الأسري هو أى إساءة حسية أو معنوية أو جنسية أو جسدية تحدث في إطار الأسرة وبين أفرادها، العنف القائم على النوع الاجتماعي هو شكل من أشكال التمييز الذي يعوق بشكل خطير قدرة المرأة على التمتع بالحقوق والحريات على أساس المساواة مع الرجل.

ويعرف العنف أنه سلوك مشوب بالقسوة والعدوان والإكراه، وهو سلوك بعيد عن التحضر والمدنية، تحركه الدوافع العدوانية، ويضر بالأشخاص وممتلكاتهم بهدف قهرهم، وهذا ما ناقشته العديد من الأفلام السينمائية في صوره المختلفة نستعرض خلالها دور السينما في مناهضة العنف ضد المرأة خلال السطور القليلة القادمة …

حظيت المرأة بمساحة واسعة عبر طرح السينما المصرية لقضاياها الرئيسية ومشكلاتها على مدار تاريخها، خلال مزج الفن السينمائي وبالواقع وتناول السينما المصرية قضايا المرأة والبحث عن المشكلات التى عانتها النساء المصريات، ليصبح العديد من الأفلام التى تم إنتاجها بمثابة صرخة مجتمعية للمطالبة بحقوق المرأة وتمكينها اجتماعيًا ومهنيًا، إلى جانب الحد من ظاهرة العنف ضدها.

نرشح لك: منها الاستغلال الجنسي و زواج الأطفال .. «التضامن الاجتماعي» تطلق حملة «أمسكوا طرف الخيط» لمناهضة العنف ضد المرأة

وفي التقرير التالي يستعرض «الموقع» عدد من الأعمال السينمائية التي سلطت الضوء على قضايا العنف ضد المرأة.

«الزواج» عن الارتباط القسري

فأنتجت السينما المصرية أوائل أفلامها عن قضايا المرأة تحت اسم «الزواج»، فى ثلاثينيات القرن العشرين، وأدت بطولته فاطمة رشدي، مناقشًا قضايا العنف ضد المرأة بأشكاله المتعددة، ومنها الزواج القسرى، وهيمنة الرجل على البيت، وقدم الفيلم أزمة العنف الصادر عن الأب أو الزوج وحتى الأخ ضد المرأة، عبر السيطرة عليها، وضربها فى حالات معينة، وكيف أن ذلك الاعتداء يعتبر أمرًا طبيعيًا فى المجتمع، وناقش الفيلم بوضوح أزمة الزواج القسري، وإكراه الأسرة نجلتها على الزواج من شخص لا تريده.

«الثلاثية»

ناقشت أفلام الخمسينيات والستينيات قضايا العنف الأسري بشكل أوسع، و كانت أشهرها «ثلاثية» الأديب العالمي نجيب محفوظ «قصر الشوق وبين القصرين والسكرية»، والتى قدمت شخصية المرأة المقهورة المتمثلة فى «أمينة»، التى كانت تربى بناتها كذلك على الطاعة العمياء لوالدهن.

وقدمت الأفلام الثلاثة صورة المرأة الريفية البسيطة «أمينة» التى لا تعرف شيئًا خارج حدود منزلها، حتى إن المرة الوحيدة التى تتجرأ فيها وخرجت دون إذن زوجها، يلقى عليها يمين الطلاق بسببها.

«المراهقات»

سلط فيلم «المراهقات» الضوء على قضايا قهر المرأة، بطولة الفنانة ماجدة، التي جسدت شخصية «ندى» التى تتعرض للتسلّط من أمها وأخيها، ولم يكن يُساندها جدها بإعطائها مساحة من الحرية فى مواجهة قهر المجتمع، إلى جانب «صفية» التى جسدتها زيزي مصطفى، التى قادتها قصة حبها فى النهاية إلى الموت، وكذلك أمها المتزوجة من رجل سكير قاسٍ لا يتوانى عن ضربها، بل وإجبارها على الإجهاض المتكرر، ما سبب لها العديد من الأمراض.

نرشح لك: 34 % من سيدات مصر يتعرضن للعنف.. «التضامن» تدافع عن حقوقهن بحملتها «امسكوا طرف الخيط»

«أريد حلًا»

جاء فيلم «أريد حلًا» من بطولة الفنانة فاتن حمامة فى دور «درية»، واستطاع تغيير قوانين الأحوال الشخصية فى مصر لصالح المرأة.

فيلم «بيت الطاعة»

من بطولة ليلى علوى، الذى ناقش واحدة من القضايا المهمة فى الأحوال الشخصية، وهى فكرة نشوز الزوجة، وأحقية الزوج فى طلب زوجته لبيت الطاعة، الذى عادة ما يكون أقل من المستوى الذى اعتادت الزوجة العيش فيه.

«بريق عينيك»

وفي سياق متصل، ناقش فيلم «بريق عينيك»، من بطولة مديحة كامل، أحد مشكلات قانون الأحوال الشخصية من خلال طرح قضية الزوج المفقود لسنوات، والزوجة المعلقة دون زواج حقيقى أو طلاق، والتى ما إن وجدت حب حياتها حتى عاد زوجها من جديد، وطلبها فى بيت الطاعة بحكم قضائي، تضمن الفيلم العديد من الإشكاليات والقضايا، وهى هجر الزوج وبيت الطاعة والزواج الثانى أيضًا.

«زوجة رجل مهم»

جاء الفيلم من بطولة ميرفت أمين و أحمد زكى، حيث جسّدت ميرفت دور الزوجة المقهورة لضابط متعجرف مليء بالعقد النفسية.

«عفوًا أيها القانون»

ناقش الفيلم التفرقة بين الرجل والمرأة فى القانون فيما يتعلق بقضايا القتل لعلة الزنا، حيث لا يُعاقب الرجل بعقوبة أكثر من الحبس عدة أشهر مع إيقاف التنفيذ، فيما تُعاقب المرأة بعقوبة القتل العمد.

«أسرار البنات» و«دنيا» يواجهان شبح الختان

فى عام ٢٠٠١، عُرض فيلم «أسرار البنات»، الذى تناول ختان الإناث الذى يجرى بشكل عقابي للفتيات، قدّم الفيلم قصة مراهقين تورطا فى علاقة جنسية، ما أدى إلى حمل الفتاة، وإخفائها هذا السر إلى أن داهمتها آلام المخاض، وتنقلها أسرتها إلى المستشفى حيث يجري الطبيب عملية ختان الفتاة عقب توليدها، رغم مخالفة ذلك للقانون، ودون إعلام ورضا أسرتها، ليعكس ذلك بوضوح نظرة الكثيرين لختان الأنثى، وبينهم أطباء باعتباره ضامن الطهارة والعفة.

كذلك فى عام ٢٠٠٤، تناول فيلم «دنيا» ما يسببه الختان من برود جنسى للأنثى، عبر قصة فتاة تترك موطنها فى صعيد مصر وتنتقل إلى العاصمة لدراسة فن الرقص الذي تهواه وتبحث فيه عن حريتها، فى الوقت الذى تحاول فيها التغلب على الألم النفسى والجسدى الذى سببه لها الختان.

فيلم «٦٧٨»

يُعتبر فيلم «٦٧٨» نقطة تحول فى معالجة السينما قضية التحرش الجنسي، مقتبسة من واقعة تعرضت لها شابة تدعى نهى رشدى، حين تحرش بها جسديًا سائق عربة نصف نقل، فأصرت على الإمساك به وتحرير محضر تحرش له، واستمرت فى قضيتها، حتى قضت المحكمة على المتهم بالحبس ٣ سنوات.

«النهارده يوم جميل»

واحد من أحدث أفلام العنف ضد المرأة، يناقش الفيلم قصة مأخوذة من المجموعة القصصية «سوق العرسان» للكاتب علاء سليمان، وتدور أحداثه عن العلاقات المعقدة ما بين الرجل والمرأة، حيث يناقش العنف الزوجى بطريقة جريئة.

ومن هنا، استطاعت السينما عبر التاريخ أن تسجل تطور أشكال العنف ضد المرأة وتجسدها في أعمال أكثر نعومة وقدرة على المراوغة والتخفى مع مرور الزمن.

و للتصدي لهذه الأزمة، أطلقت وزارة التضامن الاجتماعي حملة 16 يوم لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات، وتأتي في إطار أنشطة برنامج “وعي للتنمية المجتمعية”، وتتم بالتعاون والتنسيق مع برنامج ” تكافؤ الفرص” الممول من الحكومة الألمانية وينفذ بالتعاون مع وكالة التنمية الألمانية، وكذلك مشروع تعزيز القدرات المؤسسية لوزارة التضامن الاجتماعي والذي ينفذ بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وبتمويل من الاتحاد الأوروبي.

وتستهدف الحملة قطاعات مختلفة، منها المواطنين الأكثر استخدامًا لمواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك الفئات الأولي بالرعاية من خلال تعريفهم بمنظومة الخدمات التي تقدمها الوزارة واستعراض قصص سيدات نجحن في التغلب على التحديات الاجتماعية والاقتصادية.

وتتضمن حملة “امسكوا طرف الخيط” عرض مجموعة من الرسائل والمعلومات الموثقة، حول اتجاهات وممارسات العنف في المجتمع المصري والدولي والتي قام بإصدارها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية.

وتقام الحملة هذا العام تحت شعار “امسكوا طرف الخيط..وشاركوا في القرار” لتؤكد على أنه بمقدور أى فتاة أو سيدة أن تواجه العنف بكافة أشكاله الاجتماعية والاقتصادية، إذا عرفت حقوقها وعرفت كيف يمكنها التغلب على العقبات التى تواجهها، ووقتها يمكنها أن تبدأ في الإمساك بالحل، وأن تساعد غيرها في النجاة من العنف، والمشاركة في اتخاذ القرارات التى تخصها، ومن ثم المشاركة في كل مناحي الحياة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى