الموقعتحقيقات وتقارير

«فقد شيكًا بـ 30 جنيها» بسبب حفلة لكوكب الشرق.. من هو سعيد الطحان صاحب جملة «عظمة على عظمة ياست»

كتبت- سارة رضا

نردد دائما جملة شهيرة فى شوارعنا المصرية عندما يكون هناك مقطع أغنية أو صوت مطربة جميل بكلمة “عظمة على عظمة يا ست”، غالبًا ما نسمعها خلال أغنيات كوكب الشرق أم كلثوم، وأحياناً يقولها بعضنا إعجابا بواحد من الأصوات الطربية الجديدة، كأن يقول “عَظَمة على عَظَمة ” ،ولا يعرف الكثير من صاحب هذه الجملة، فمن هو صاحب هذه الكلمات وقصة عشق وولع أدت فى النهاية إلى إفلاسه؟ إنه الحاج سعيد الطحان، وفى التقرير التالى يكشف “الموقع “حقيقة هذه الجملة.

فى البداية اقترنت عبارة “عظمة على عظمة يا ست” برجل يدعي سعيد الطحان أحد أعيان مدينة طنطا، فقد كان الطحان تاجرًا مشهورًا ومعروفاً بامتلاكه عدداً كبيراً من المزارع والمطاحن والمصانع، ورغم انشغاله الشديد بعمله إلا أنه لم يكن يفوِّت حفلات أمّ كلثوم، بل وكان يسافر خلفها أينما ذهبت ،وقيل أنه سافر خصيصاً إلى باريس بغية حضور إحدى حفلاتها، وكذلك تبعها إلى بنغازي في ليبيا وغيرها من الدول وللسبب نفسه.

عُرف عن سعيد الطحان هوَسه الشديد بأمّ كلثوم. هذا الهوَس أودى به في النهاية إلى حافّة الإفلاس والمرض.
سعيد الطحان ظل مشهوراً ولقبه المصريون ألقاب عدَّة منها “مجنون سوما” و” مهووس بكوكب الشرق” و”متيم بها وكان الطحان اعتاد حضور حفلات أمّ كلثوم منذ أن كانت ما تزال صغيرة وكان هو شاباً في العام 1935، كما اعتاد على اصطحاب عائلته لحضور حفل أول خميس من كل شهر.

وكان الطحان يحرص على الجلوس في الصفوف الأولى ليكون قبالة أمّ كلثوم مباشرة، مُشيداً بأدائها ومُطلقاً عبارته الشهيرة “عَظَمة على عَظَمة يا ست” كلما أطربته أمّ كلثوم التي اعتادت حضوره، وكذلك الجمهور الذي صار يبحث عنه في كل حفل لأمّ كلثوم ويسألون عن غيابه.

كانت أم كلثوم تستجيب لنداء “الطحان” كلما طلب منها تكرار “الكوبليه” مُستخدِماً عبارته الشهيرة الأخرى “تاني والنبي يا ست أنا جايلك من طنطا”.

ويقال أيضا أن عبارة “عَظَمة على عَظَمة” تُنسَب في الأصل إلى الموسيقار محمد عبد الوهاب، أحد قامات الموسيقى العربية، الذي جمعته بأمّ كلثوم أغنية “أنت عُمري” حيث اعتبرت أول تعاون فني بينهما، و كان عبد الوهاب يترقَّب “أنت عُمري” فى حالة من القلق، وذلك بسبب إصراره على إدخال الجيتار الكهربائي لأولِ مرة على الفرقة، بالإضافة لتخصيصه جُملاً موسيقية مُنفردة يلعبها كل عازِف على حدة.

أحد هؤلاء هو عباس فؤاد عازِف الكونترباص، ولم يكن قد سبق له العزف” صولو” أي منفرداً. ما جعل الأمر يحمل بعض المُخاطرة وينتظر بترقّبٍ وقلقٍ كبيرين، غير أن فؤاد لم يلبث أن أثبت نفسه في البروفات، حيث عزف ببراعةٍ وعبقريةٍ، ما جعل عبد الوهاب يهتف” دي حاجة عَظَمة” إلى أن تحوّل اسم عباس إلى” عباس عَظَمة” واشتهر به في ما بعد.

في العام 1964 تم أداء أغنية” أنت عُمري” لأول مرة ليلة 6 فبراير على مسرح حديقة سور الأزبكية، وسط ترقّب الجمهور والفرقة ووسائل الإعلام. كانت الفرقة الموسيقية تعزف المُقدّمة الموسيقية للأغنية، حين جاء دور عباس فؤاد وجملته المُنفردة، حيث قام بعزفها بطريقةٍ أبهرت الموسيقيين والحضور، ما جعل عبد الوهاب يصرخ “عَظَمة على عَظَمة يا عَظَمة” قاصِداً عباس فؤاد.

إلا أن أحد الجمهور التقطت أذنه هذه العبارة، وصار يردّدها مشيراً بها إلى أمّ كلثوم كلما أطربته، بعدما أضاف عليها بالطبع بصمته الشخصية، وأخذ يكرّرها في جميع حفلاتها حتى اشتهر بها.

هذا هو سعيد الطحان الذي أصبح يردّد هذه العبارة وهو في حال حب وذوبان حقيقي وانسجام تام، وكان يقول بأنه يشعر أنه يجلس في الصالة بمفرده، وأن أمّ كلثوم تغنّي له وحده.

بقي سعيد الطحان على هذه الحال، حتى أدى به هذا الهوس إلى الإفلاس، ويحكي أنه أوقف سيارته ذات مرة عندما سمع صوت أمّ كلثوم يشدو من راديو أحد المقاهي، وما لبث أن تتبّع هذا الصوت مُستمتعا بسحره، جعله بفقد شيكاً بما يقرب 30 جنيهًا، وهو مبلغ يعادل ثروة في ذلك الوقت.

أسفر تردّد الطحان الدائم على حفلات أمّ كلثوم اللحاق بها خارج مصر إلى الإفلاس، الذي أضحى عائقاً أمام تمكّنه من حضور بقية حفلاتها. لاحظت أمّ كلثوم غيابه وراحت تسأل عنه، حتى تناهت إليها أخبار ما ألمّ بسعيد الطحان من سوء الحال والمرض بسبب الإفلاس.

لكن كوكب الشرق لم تقبل ما حلّ بالطحان، فقامت بزيارته في منزله وأعادت إليه أرضاً كان قد باعها ليتمكّن من حضور حفلاتها، بالإضافة إلى أنها أهدت إليه مُسجّلًا ليتمكَّن من الاستماع إليها من دون أن يتكبّد عناء الحضور. كما قيل أيضاً بأنها أهدته شرف الحضور إلى حفلاتها مجانًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى