الموقعتحقيقات وتقارير

فضيحة البارون.. بالصور جريمة مال عام فاضحة في القصر الشهير

المياه الجوفية هاجمت القصر وأغرقت 175 مليون؟ فاتورة الترميم.. والوزارة: كله تمام

كارثة.. بعض الآثار معلقة ومصلوبة على هياكل أخشاب وسندات منذ زلزال أكتوبر 1992 حتى الآن
من أين جاءت المياه الجوفية ومصر الجديدة مدينة صحراوية؟

مطالبات بشركة متخصصة فى أعمال الترميم تجمع الخبراء وملمة بالمواثيق الدولية للترميم

يجب محاسبة المقصرين بداية من الخفير حتى الوزير لمعرفة أسباب الاهمال

أستاذ حضارة إسلامية: عمليات ترميم الآثار مثل “التورتة” لشركات المقاولات يقسمونها فيما بينهم

أستاذ آثار: قطاع الآثار والتراث يحتاج سياسة ورؤية حقيقية ويجب فصله عن السياحة

“حنا”: يجب إسناد الآثار والتراث لهيئة علمية مستقلة ويكون هناك “كود ترميم” لمحاسبة المسئول عن الاهمال

“حمزة”: شركات المقاولات لا علاقة لها بالترميم وعمليات الترميم مشكلة خطيرة جدا تحتاج إلى مراجعة من 83 حتى الآن

تقرير- أسامة محمود

جريمة إهدار مال عام مكتملة الأركان تلك التي حدثت في قصر البارون وتسببت في حالة غضب واستياء بين المتابعين عبر منصات التواصل الاجتماعى والمهتمين بقطاع الآثار والسياحة والتراث، بعد أن تداولت مواقع السوشيال ميديا الأيام الماضية صورا توضح تآكل وبهتان ألوان قصر البارون التاريخى الذي يتجاوز عمره أكثر من 100 عام، تكشف تعرضه لتشققات في جدرانه بسبب المياه الجوفية ما يهدد بانهياره.خاصة واجهته الأمامية نتيجة رشح المياه أسفل حوائط أسوار المصاطب الخارجية المحيطة بمبنى القصر والذى تم له عمليات ترميم بتكلفة وصلت لـ 175 مليون جنيه، من أشهر قليلة.

وكان رئيس الجمهورية قد افتتح قصر البارون إمبان قبل سنتين ونصف، بعدما استغرق ترميمه نحو سنتين.

ويعود تاريخ القصر لبداية القرن العشرين حين تأسس حي مصر الجديدة على يد البارون إدوارد إمبان.

وكشفت الصور وجود نشع للمياه على جدران القصر الذي يقع في شرق القاهرة رغم ترميمه منذ أكثر من عامين، موضحة أن الجدران الخاصة بالقصر بها جزء من التآكل ويظهر منها الجزء الداخلي للخرسانة، ما يعجل بانهيار هذا الأثر والقصر التاريخي الهام، وأثارت الصور ذعرا شديدا بين رواد مواقع التواصل الذين أصيبوا بالصدمة بعد مشاهدتها وتداولها.

وما أثار الغضب والاستياء هو الإهمال وعدم المتابعة من قبل المسئولين سواء وزارة الآثار والسياحة للمناطق التراثية والآثار التاريخية، خاصة أنها لم تكن المرة الأولى التي يرمم فيها القصر نتيجة ظهور آثار رطوبة وأملاح عليه، إذ أعلنت وزارة السياحة والآثار في عام 2021 انطلاق أعمال صيانة أيضًا، إلا أنها ظهرت مرة أخرى، لتثور حالة من الجدل حول تكرار عمليات الترميم.

من ناحيتها ردت وزارة الآثار، تعقيبًا على صور متداولة تكشف آثار رطوبة في جدران القصر، مؤكدة أن حوائط قصر البارون سليمة وآمنة تمامًا، ولم تتوقف الزيارة له، مشيرة إلى أن ما يظهر أسفل الأسوار عبارة عن بعض الرطوبة والأملاح نتيجة قرب هذه الأسوار من حديقة القصر.

وأوضحت الوزارة فى بيان لها أنه أثناء مشروع ترميم القصر، تم تغيير نظام الري المستخدم بالحديقة واستبداله بنظام الري بالتنقيط، كما تم إبعاد المسطحات المزروعة بمسافات آمنة للمحافظة على القيمة الفنية للعناصر الموجودة بالأسوار حتى تمام جفاف التربة ومادة البناء.

وفى التقرير التالى يرصد “الموقع” أراء الخبراء فى مشكلة الاهمال التى تتم فى عمليات ترميم الآثار وكيف يتم معالجتها والتى أصبحت كارثة تهدد قطاع الآثار والتراث المصرى

بدوره يقول الدكتور محمد حمزة إسماعيل عميد كلية الآثار جامعة القاهرة السابق وأستاذ الآثار والحضارة الإسلامية، إن عمليات الترميم فى الآثار المصرية بكافة أنواعها مشكلة خطيرة جدا وهى مشكلة قديمة جديدة، مشيرًا إلى انه طالب بتشكيل لجنة من كبار المتخصصين والخبراء من غير العاملين بوزارة الآثار والمتعاونين معها لمراجعة كل أعمال الترميم التى تمت فى مصر وخاصة فى الآثار الإسلامية والقبطية من عام 1983 حتى الآن ، النقطة الثانية هى أن شركات المقاولات لا علاقة لها بالترميم لأن الترميم تقوم به شركات متخصصة ويتعاون معها خبراء ومتخصصين كلا فى تخصصه ،لافتا إلى أن مشكلة قصر البارون هى المياه الجوفية.

وطرح “حمزة” فى تصريحات لـ”الموقع ” عدة تساؤلات عن هذه الواقعة منها أين هى الدراسات الاستشارات التى تمت قبل بدء والشروع فى عمليات الصيانة الترميم لقصر البارون التاريخى وإنفاق أموال ضخمة على الترميم مايقرب من 175 مليون جنيه ؟ بعد أن المشكلة ظهرت بعد الافتتاح الرسمى بأسابيع قليلة،كما أنه تم تغيير أنظمة الرى داخل حديقة القصر، ومع ذلك لأحد يعرف من أين جاءت المياه الجوفية، على الرغم أن مصر الجديدة مدينة صحراوية وأنشئت فى الصحراء شرق القاهرة 1905 وكانت تسمى الصحراء فى هذه الفترة امتداد للعباسية التى كانت تعرف بـ”صحراء الحصوة” متسائلا: من أين جاءت المياه الجوفية؟ ، كما أن قصر البارون كان فى الطرف الجنوبى من مصر الجديدة عند إنشائه بمعنى أنه أبعد عن المساكن أو المناطق العمرانية.

وأوضح: أن الضغط الآن على شارع مايسمى الآن “العروبة” لا يوجد زخم عمرانى أو معمارى وكلها مجموعة عبارة عن “فيلات وقصور قديمة كانت قبل منذ 52وحل محلها بعض المؤسسات الرسمية والفندق الخاص بالبارون، ومسجد الثورة السلطان حسين كامل ،إدارة الشئون المعنوية ،قصر السلطانة ملك زوجة السلطان حسين كامل والتى أصبحت مدرسة مصر الجديدة للبنات حاليا، قائلا: أن الآثار هدفها من أجل زيادة الدخل القومى وتجذب استثمارات سياحية أم مكاتب حكومية إدارية للموظفين يتناولون فيها الطعام والشراب، أسوة بما حدث فى عصر وزير الثقافة الأسبق فاروق حسنى أخذوا صندوق التنمية الثقافية، واستبدلوها بمكاتب حكومية للموظفين، مشيرًا إلى انه لابد من رؤية وقيادات واعية متخصصة للاهتمام بقطاع الآثار والتراث ، مندهشا من تعيين وزير سياحة وآثار مرجعيته بنوك مصرفية ليس له علاقة بقطاع الآثار والسياحة .

وتابع أستاذ الحضارة الإسلامية، أنه يجب محاسبة كل القائمين على عمليات الترميم منذ 1983 وحتى الآن بعد مراجعة دقيقة من لجان متخصصة من الخبراء ومن غير المتعاونين مع وزارة الآثار والسياحة والمجلس الأعلى للآثار، لأن الاشخاص الموجودة حاليا والتى تقوم بعمليات الترميم لم تتغير وهو التى تظهر فى الصورة باستمرار ولا تتغير ،قائلا: شركات المقاولات مثل قطعة “التورتة” يقسمونها فيما بينهم وأين المتخصصين والخبراء؟

وتابع ، أن عمليات ترميم الآثار مثل العمليات الجراحية الطبية الدقيقة، إذا لم يتم تشخيص المرض بطريقة صحيحة ودقيقة سيؤدى إلى الوفاة ، موضحًا أنه المطلوب أن “يعطى العيش لخبازه” بمعنى لابد من الاستغناء عن سياسة الرجل الطوع والقيادات الفاشلة والشو الإعلامى وسياسة الوجوه المتكرره ، واستغلال مواقع التواصل الاجتماعى فى تلميع بعض القيادات والموظفين من خلال صور و زيارات فى جميع الوزارات ومنها وزارة السياحة والآثار والمجلس الأعلى للآثار استبدالها بالخبراء والمتخصصين فى ترميم الآثار.

نرشح لك : مدير عام منطقة سقارة لـ«الموقع»: اكتشاف اليوم تم على يد بعثة مصرية تحت إشراف دكتور زاهي حواس

وأكد عميد كلية الآثار بجامعة القاهرة السابق، أن قطاع الآثار يحتاج لهيئة علمية مستقلة ولابد أن يكون هناك شركة متخصصة فى أعمال الترميم تجمع كافة الخبراء وتعرف كافة المواثيق الدولية للترميم المعنية بالترميم مثل ” ميثاق فينسيا، البندقية ،ميثاق نارا، نيروبى، اليونيسكو” قائلا: الترميم مثل التخصص الإكلينكى أو الجراحة الدقيقة تحتاج لمتخصصين وخبراء فى التخصص والمجال، لافتا إلى أن هناك أسس علمية لأعمال الترميم، ويجب يكون هناك لجنة من الخبراء الأكفاء تشمل كافة التخصصات “الهندسة، الآثار، كليات الفنون التطبيقة، أقسام العمارة فى كليات الهندسة، متخصصين فى مجال الرى أجل مشكلة الرى فى حديقة قصر البارون، متخصصين فى الزلازل لأن الهزات الأرضية تؤثر على الآثار، كاشفا عن كارثة كبيرة موجودة أن هناك بعض الآثار معلقة أو مشدودة ومصلوبة على هياكل أخشاب وسندات منذ زلزال أكتوبر 1992 حتى الآن.

وأوضح أنه يجب اتباع إدارة التغيير وليس تغيير الإدارة ، والتخلص من مسألة تغير الأشخاص أو الوجوه والنظام كما هو ، ويجب ان يكون هناك نظام ثابت مثل الدول المتقدمة إذا تغير الشخص لم يتغير النظام او سياسة العمل ، لافتا إلى أن الطبقة الوسطى التى تشمل كافة التخصصات والخبراء فى كافة المجالات تكاد تآكلت ولا أحد يستعين بهم ، موضحًا أن المشكلة من وجهة نظره “وجود الوسيط” لأنه مصدر فى تعيين القيادات والإدارات

وفى سياق متصل عبرت الدكتورة مونيكا حنا عميد كلية الآثار والتراث الحضارى فى الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى، وعالمة الآثار المصرية عن استيائها من هذا الأمر بعد أن شاهدت الصور على الواقع خلال السير بجوار القصر ، مؤكدة أنه لابد من فتح تحقيق عاجل لمحاسبة المقصرين بداية من الخفير حتى الوزير لمعرفة أسباب هذا الاهمال بعد ترميم القصر بملايين الجنيهات.

وقالت “حنا” فى تصريحات لـ”الموقع ” إنه لابد من محاسبة المسئول عن هذا الاهمال ،مشيرة إلى انه إذا غابت المحاسبة والرقابة ستكرر هذا الاهمال مرات أخرى ،لافته إلا أنه يوجد غياب للضمير والذمة فى بعض الناس وبالتالى تظهر عندنا كوارث وحوادث، مطالبة بمحاسبة جميع المسئولين عن هذا الاهمال والكل يحاسب دون استثناء “الموجودين عند عملية الترميم” موضحة أن قطاع الآثار لابد أن يكون قطاعا مستقلا بعيدا عن الوزارة

وأكدت “حنا” أن قطاع الآثار والتراث يحتاج سياسة ورؤية حقيقية ويجب فصله عن السياحة، مشيرًا إلى أن تراث مصر كله حتى المناطق والآثار التى تخضع للتنسيق الحضارى يكون تحت مظلة واحدة وتكون هيئة علمية مستقلة وليست وزارة ، لأن الوزارة منذ خضوع الآثار تحت مظلتها وهى لم تكن بنفس الدرجة عندما كان مجلس أعلى للآثار.

 

وتابعت أن تراث مصر يحتاج لهيئة علمية مستقلة ،عن مشاركة الأكاديميين والخبر فى قطاع الآثار فى عمليات الترميم التى تتم فى الآثار، أكدت أن المشكلة ليست فى مشاركة الأكاديميين والخبراء ولكن الموضوع أنه لابد أن يكون هناك “كود ترميم” ويتم محاسبة الناس المسئولة عن الاهمال، لأنه من غير الكود والمحاسبة سنظل فى هذه المشكلة، موضحة أن يجب وضع كود ترميم من قبل الهيئة العلمية المستقلة لإدارة التراث المصرى التى يتم إسناد قطاع الآثار والتراث إليها ،ويكون هناك لجنة تضع كود لكل ترميم لأن كل شركة تأتى للترميم تقوم اعمال على حسب هواها”.

وأوضحت عالمة الآثار المصرية أن وزارة الآثار التى تستلم عمليات الترميم بناء على مناقصة وليس كود يحدد مسئولية كل طرف ويحدد مدارس الترميم التى يتم اتبعها والعقود الخاصة بالصيانة بعد الترميم مطالبة بوجود كود تسير عليها كل شركات الترميم ،من القطعة الآثرية حتى المبانى التاريخية وهذا الكود يضبط “المواد المستخدمة، العمليات الفنية،المواد العازلة، ويتم عمليات الترميم طبقا لكود موحد، مشيرة إلى أن موظف الوزارة عند استلام عملية الترميم ليس لديه قواعد سوى المناقصة التى تمت، مشيرة إلى أنه لابد من ضعه كود موحد للترميم يضعه أساتذة الترميم بالجامعات المصرية، وطرق عمليات الترميم والتعامل مع “الخشب، الحجارة،”.

يقع قصر البارون في منطقة مصر الجديدة وشيده المليونير البلجيكي البارون إدوارد إمبان الذي جاء إلى مصر من الهند في نهاية القرن التاسع عشر. حيث استلهم بناء القصر من معبد أنكور واتفي في كمبوديا ومعابد أوريسا الهندوسية. وصمم القصر المعماري الفرنسي ألكساندر مارسيل، وزخرفه جورج لويس كلود، واكتمل البناء عام 1911.

وتبلغ المساحة الإجمالية للموقع العام نحو 24 ألف متر مربع يتوسطها مبنى القصر الذي يتكون من ثلاثة طوابق وسطح القصر، وتحيط بالقصر حديقة واسعة،و يقع في الجانب الشرقي منها مبنى صغير كان يستخدم كمرآب للسيارات وأسطبل خيل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى