أراء ومقالاتالموقع

عمر النجار يكتب لـ«الموقع»: هل يظلم عمرو أديب الشعب عندما يتحدث باسمه؟

لعلَّ أخطر ما يَحدث حاليًا في الإعلام المِصري وتحديدًا من الإعلاميين المَشاهير مثلَ، عمرو أديب، هُوَ الاستخفاف بِعقول المُواطنين وتحديدًا عندما دَعاهم لِتخفيض استهلاكهم من مُشتريات السلع الغذائية في حلْقةٍ سابقةٍ لهُ: «ليه تاكل البيض الأورجانيك.. كل البيض بالبسطرمة حلو.. وهيبقى نفس الطعم».

ولمْ يسلم الإعلامي الشهير، منْ تعليقات الجمهور الساخرة له الذين كتبوا في تدويناتٍ عبَّر صفحاتهم الشخصية مثل: «الكثير من المُواطنين يا أستاذ عمرو لا يَقدرون على شراء البيض العادي الذي يتراوح سعر الكرتونة من 55 إلى 60 جنيهًا.. والأخطر من هذا وذاك أنْ تُطالبهم أيضًا بتناول البيض بالبسطرمة.. وهو لا يَعرفُ أنَّ هذا المُنتج الغذائي أي البسطرمة سعرها مُرتفع لا يَقدرُ على شرائه كل يوم عامة الناس».

ويبدو أنَّ هذا الإعلامي يَعيشُ في عباءة رجال الأعمال القاطنين في أفخم الكمبوندات الشهيرة المُكتظة بِالفيلل في مَناطق الشيخ زايد والتجمع الخامس ولا يَحس ولا يَعيش في عالم المِصريين الذين يُعدون أنفاسِهم تحت أجهزة التكييف وفواتير الكهرباء..

تلك الطبقة من المِصريين التي تُحاول أنْ تُنقذُ نفسها من الغلاء قدر الإمكان منْ سعي رب المنزل إلى البحث عن وظيفة ثانية إذا سمَحت وتوفرت لهُ الظروف إنْ شاءت..

كانَ في الماضي منْ المتعارف عليه للجميع، أنَّ الإعلامي هُو الشخص الوحيد القادر على نقل نبض الشارع وما يَمرُ به من مَواجع وصعوبات اقتصادية وسياسية واجتماعية وليسَ كما نَراهم الآن يَعتلون مَنابر البرامج التليفزيونية دونَ بَحث أو إعداد أو رصد حقيقي لحياة ونبض الشارع المِصري من ناحية كيفَ يَعيشون ويُدبرون مَصاريف حياتهم اليومية من شراء السلع الغذائية وركوب المُواصلات ومصاريف أولادهم في المدارس والجامعات..

وهذا إنْ دلَّ على شئ فإنهُ يدلُ على أمرين اثنين لا ثالثَ لهما:

الأول: هو أنَّ هذا الإعلامي لا يَتحدث مع حارس العقار أو الفيلا التي يَقطن فيها، ولا يَكترثُ للاستماع إلى المواطنين أثناء ذهابه إلى عمله أو في طريق عودته إلى سكنهِ الفاخر.

والثاني: هو أنَّ الطبقة المُصاحبة له، التي يَتحدث معها بشكلٍ مُستمر هيَّ من فئة الأثرياء، وليست الطبقة التي تكد وتفكر يوميًا في كيفية شراء مُستلزماتهم اليومية من السلع الغذائية لأبنائها..

والأخطر على هذه الدولة المِصرية أنْ يَتحدث هؤلاء الإعلاميون المَشاهير باسمها، الذين يَتقاضون مُرتباتٍ خيالية ويَعيشون في كمبونداتٍ فارهة ويَمتلكون سياراتٍ بأغلى الأسعار ويَمتلكون شاليهات وفيلل في أغلى المُنتجعات السياحية ويرتدون ملابسَ من توكيلات عالمية ويَتناولون سلع غذائية مُعظمها مُستوردة من الخارج ويُعلَّمون أبنائهم في أغلى المدارس الأجنبية، ولديهم أكثر من عضوية في أكثر النوادي الفاخرة ولديهم أكثر من خادمة أجنبية داخل الفيلا تتقاضى راتبها بِالدولار..

بعد كل هذا البذخ..

يُطالبون الطبقات المِصرية الكادحة والفقيرة بأنْ يَتقشفوا، ولا يُطالبون أنفسهم وزملائهم أنْ يَقفوا بِجانب دولتهم، التي هيَّ في أمس الحاجة إليهم.

مِصرُ حفظها الله لمْ ولنْ تكون في يومٍ من الأيام بِمشيئة الرحمن مثلَ سريلانكا ولبنان الدولتين اللّتين أعلنتا إفلاسهما مُؤخرًا، وتَعيشان تحت وطأة الظلام الدامس وبدون كهرباء لمدة تزيد عنْ اثنتي عشرة ساعة يوميًا وتُعانيان من عجز في مخزون المَحروقات وشح في لبن الأطفال والأدوية.

بعض الإعلاميين المَشاهير لم نَراهم يَتحركوا من دافع أنفسهم حفاظًاً على هذه الدولة، في أنْ يُطالبوا أنفسهم وزملائهم الذين يَعيشون مَعهم في كمبوند واحد أنْ يقفوا بجانب دولتهم التي كلَّما نهضت من أزمة خارج إرادتها، دخلت في الأخرى، التي كان آخرها الأزمة «الروسية- الأوكرانية».

هل سمعنا أنَّ هؤلاء الإعلاميين المَشاهير قاموا ببناء مستشفيات أو مدارس تُقلل من العجز المَوجود لدى وزارتي التربية والتعليم والصحة.. أو حتى تنازلوا عن فيلا واحدة أو شاليه واحد يُقدرُ بالملايين لِصالح مِصر.. لا لمْ نسمع..

لكنَّنا نَسمع صراخهم على شاشات التليفزيون يوميًا بشأن مُطالبة المُواطنين البسطاء الذين لا يَملكون شقة وشاليه واحد في أحد المُنتجعات السياحية بدءًا من مارينا وصولاً إلى مراسي والجونة..

الشعب المِصري بِحاجة إلى إعلاميين حقيقيين من طبقتهم و«طينتهم» يَعيشون مَعهم في نفس المستوى ويَتناولون من نفس مأكلهم وملبسهم ومشربهم ومدارس أولادهم لا منْ إعلاميين مُستواهم المادي يَسعى ليُطاول المستوى المادي لِطبقة رجال الأعمال ورُبما أعلى، لأنَّ منْ منهم من يَمتلك توكيلات عالمية سواءً كانت بِاسمه أو باسم أولاده.

الخُلاصة من هذا المشهد، أنَّ الإعلاميين المَشاهير وزملائهم إذا لم يَقفوا بِجانب دولتهم التي أعطتهم الكثير فسيكونون هُم أنفسهم أوائل الخاسرين في بيع مُمتلكاتهم في المَصايف والمُنتجعات السياحية بِأبخس الأثمان لِلتخلص منها مِثلما حدثَ في دولة لبنان مُؤخرًا.

اقرأ ايضا للكاتب: 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى