أراء ومقالاتالموقع

عمر النجار يكتب لـ«الموقع»: مداخلة شريف عامر مع الزعيم.. خارج القواعد الإعلامية

لا يَزال السؤال المِحوري في مُداخلة الفنان عادل إمام، مع الإعلامي شَريف عامر، يُراوح مكانه: حديث الفنان أثناء المداخلة الهاتفية عن ماذا.. هل هو عن صحته أم عن الاحتفال بعيد ميلاده أم عن اعتزاله للفن أم عن خطته حول تراثه الفني أم ماذا.. كل هذه الأسئلة كانت تَدور في ذهن الجمهور إلا أنها لم تأتِ على بال المذيع.

وحتى هذه اللحظة تعليقات الجمهور على السوشيال ميديا لا تَعرف ما مِحور وأهمية هذه المداخلة، لأنَّ الإعلامي شريف، وجهَ لهُ سؤالا جاء نصهُ كالآتي: «إنت تعرف قيمتك عندنا ولا لأ».. لِيرد عليهِ الزعيم عادل إمام، بكل بساطة: «لأ مَعرفش.. قولي إنتَ بقا يا شريف»..

سؤال الإعلامي، حوَّل المداخلة الهاتفية إلى تعزيز ثقافة تقديم الرأي على الخبر.. ليُجيب على هذا السؤال شَريف عامر، نفسه الذي كان قد طرح السؤال على الزعيم.. وبدأ شريف يَسترسل ويقول له يا فنان: «إنت علّمت بنتين من بناتي اللغة العربية.. أنا كنت بَاخد إجازات للذهاب إلى فيلم من أفلام حضرتك.. أقول فضلك إيه ولا إيه في اللي بيتكلموا عربي».

ما فعله المذيع، أنهُ قدَّم آرائه وتفاصيل فضل عادل إمام، في حياته وحياة أولاده في تعلّم اللغة العربية.. أي بمعنى أدق أنه حوَّل الوسيلة الإعلامية التي يَمتلكها من كونها صانعة الخبر والمَعرفة إلى تَقديم آرائه حولَ تقييمه للزعيم.

الأسئلة التي لا تُعد من جانب المذيع بشكلٍ احترافي تشدّ بوصلة السؤال بالاتجاه الخطأ.. وهذا ما نجح فيه الزعيم عادل إمام، الذي جعل الإعلامي شريف عامر، هو من يُجيب على السؤال الذي طَرحه.
ثمّة أزمة مِهنية تلوح في الأفق في ضوء مَا قام به المذيع عندما قام بالإجابة على السؤال الذي طرحهُ هو شخصيًا على الضيف، وكأن الجمهور يُريد سَماع المذيع وليس الضيف.

يَتغنى بعض مُقدمي برامج التوك شو بأنهم قادرون على توصيل الرسالة وصناعة الخبر وكونهم رقم واحد في نسب المُشاهدة إلا أنَّ أسئلتهم كانت كاشفة ولا تزال كاشفة في خلطهم بين الرأي والخبر وعدم قُدرتهم على صناعة أسئلة الخبر التي تتضمن: «من وماذا ومتى وأين وكيف ولماذا».

يُفترض أنْ يكون في المداخلة الهاتفية التي أدراها شريف، سؤال جوهري بشأن الاطمئنان على صحته وعن ما يَنوي إليه بشأن تراثه الفني وهل لديه خُطة بشأن تراثه الفني ورأيه حول الفن بشكل عام.. كلها أسئلة كانت يَجب أنْ تُوجه إليه وكانت من الممكن أنْ تغير مَسار الحلقة إلى مَسار خبري وثقافي وفني يَتجه نحو المعرفة لا يَتجه نحو الرأي في تقييم المذيع للزعيم.

وقد يَكون أسوأ ما تُواجهه برامج التوك شو كونها تتقدم من خلال بعض إعلامييها بتقديم رأيها قبلَ الضيف.. وهذا ما حدث في نص المُداخلة الهاتفية عندما ضحكَ شريف قبل أن يَتحدث الزعيم، ليرد عليه الأخير، قائلاً له: «إنتَ بتضحك ليه.. إنت بتضحك ليه.. هُوا إحنا لسّه قولنا حاجة».

من أسوأ ما تُواجهه بعض برامج «التوك شو» التي تَطلُ علينا في المساء هو وجود إفلاس في الأسئلة الجوهرية والمحورية التي تُوجه للضيف وقيام بعض المذيعين بترويج ثقافة الأحكام الجاهزة والمُعلبة قبلَ تَحدث الضيف، وكأنَّ المذيع يُريد أنْ يأخذ الضيف إلى هذا الاتجاه.

تُشبه المداخلة الهاتفية بين شريف عامر والزعيم شاشات التلفزيون التابعة بشكل مباشر للأحزاب والأندية في بعض الدول التي تُقدم الرأي على الخبر.

ما أستطيع قوله، أنَّ الخبر فقدَ قدسيته في بعض برامج التوك شو منذ أعوامٍ طويلة، حتى أصبحت هذه البرامج مَنصات لإطلاق آرائهم وأفكارهم.. ليأتي الخبر لاحقًا أو بمعنى أدق في نهاية حلْقاتهم.

اقرأ ايضا للكاتب

عمر النجار يكتب لـ«الموقع»: جابر القرموطي بين الإعلام المصطنع وآفة الترند

عمر النجار يكتب لـ«الموقع»: طلبات الإحاطة المقدمة من البرلمانيين ما بين «الشو الإعلامي» والحبس في الأدراج

عمر النجار يكتب لـ«الموقع»: البروفايل الأكاديمي لمحافظ الغربية لا يكفي لحل المشكلات المتفاقمة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى