أراء ومقالاتالموقع

عمر النجار يكتب لـ«الموقع» ما بين ملياردير أوكرانيا و«ساويرس».. يكمن الفارق!

قرأنا في الصحافة العالمية خبرًا مفادهُ بـ تعهد رجل الأعمال الأوكراني، رينات أحمدوف، بإعادة بناء مدينة «ماريوبول» التي أصبحت مأساة عالمية بسبب الحرب الروسية- الأوكرانية، وذلك في الوقت الذي نرى فيه رجل الأعمال المصري، نجيب ساويرس، الذي يُصنف من أغنى 10 مليارديرات عرب، في إعلان لمُستشفى الناس، يدعو فيه المصريين بالتبرع، الذي جاء كلامه نصًا: «عايز كل واحد يساعد ويدعم ويشترك في التبرع لمستشفى الناس.. ونساعد المُستشفى اللي هتحقق التحدي دا بأنه ميبقاش فيه ولا طفل متوقف على قوائم الانتظار».

خُطوة رجل الأعمال الأوكراني، رينات أحمدوف، بإعادة بناء المدينة رُغم تمزق إمبراطوريته التجارية العاملة في مجال الحديد والصلب لأكثر من 8 سنوات بسبب القتال المُستمر في شرق أوكرانيا، في الوقت الذي لم يشتك فيه أيضًا من خسارته المتتالية ومغادرة الدولة بل تعهد ببناء المدينة بأكملها.

كلمات رينات أحمدوف، ستظلُ محفورة في التاريخ لدى جميع الأجيال القادمة في أوكرانيا بأنَّ هذا الرجل لم يَتهرب من المسئولية الاجتماعية أمام شعبه ولم يهرب إلى أي دولة أخرى في الاتحاد الأوروبي أو غيره لينقل فيها جميع أنشطته حتى يَظل مُحاطًا بالنعيم الذي فيه، إلا أنهُ فضلَّ التعهد ببناء المدينة والبقاء فيها، والذي قال في تصريحاته بشأن هذه المدينة: «ماريوبول مأساة عالمية ومثال عالمي للبطولة.. بالنسبة لي كانت ماريوبول وستظلُ مدينة أوكرانية».

ولم يقف عندَّ هذه التصريحات بل صرحَّ أيضًا: «بأنَّ الحرب ليست وقت الخلاف.. سنعيد بناء أوكرانيا بأكملها»، هذه التصريحات كنا نُريد أنْ نسمعها من رجال الأعمال المِصريين، الذين دائمًا ما يُصرحون بأنهم مُتضررين من بعض القوانين التي تضعها الحكومة المصرية أو من فرض ضرائب جديدة عليهم، أو من تحريك الدولار لجنيهين اثنين أو أكثر.

السؤال الذي يطرح نفسه.. هل آن لرجال الأعمال المصريين أنْ يتعلموا شيئاً من تصريحات رجل الأعمال الأوكراني الذي فضَّل البقاء لإعادة بناء مدينة بأكملها تضم مباني تعليمية وصحية واجتماعية ورياضية وفنية وغيرها من كل الأنشطة، لا أنْ يظهر المهندس ساويرس، في إعلان لمستشفى تُعالج مئات من الأطفال بين الحياة والموت لدعوة المصريين بالتبرع والتكاتف بسبب هذه المستشفى.

مع التسليم، بأنَّ المهندس، نجيب ساويرس، ورجال أعمال آخرين يُقدمون مُساهمات خيرية لا يُمكن إنكارها إلا أنها ليست بالقدر الكافي الذي يحتاجه المجتمع المصري في ظل ظروفه الحالية ولا يتناسب مع ما أعطته مصرَ من خيرٍ وفيرٍ لهم.
التاريخ لا ينسى دور رجال الأعمال الوطنيين الذين يُقدمون كل ما يَملكون لبناء بلدهم..

حتى تُصبح في مكانة مرموقة بين الدول، مثلما ما صرح به رجل الأعمال الأوكراني والذي قال فيها: «طموحي هو العودة إلى ماريوبول الأوكرانية وتنفيذ خططنا من عودة الإنتاج حتى يتمكن الفولاذ الذي تنتجه ماريوبول من المنافسة في الأسواق العالمية كما كان من قبل».

رجال الأعمال الوطنيين لا يُهددون حكوماتهم طوال الوقت بسحب أموالهم واستثماراتهم إذا وضعت الحكومات قوانين جديدة..
رجال الأعمال الوطنيين لا يَتضررون من حكوماتهم وقت الأزمات.. رجال الأعمال الوطنيين يَقفون دائمًا في المُقدمة عندَّ حدوث أي أزمة.. رجال الأعمال الوطنيين يقفون بجانب العاملين وقت أي أزمة مثل أزمة كورونا السابقة لا أن يُتسابقوا في تخفيض المرتبات وتسريح العمالة.

رجل الأعمال الأوكراني لم يَظهر ويُهلل في البرامج التليفزيونية أو على منصات وسائل التواصل الاجتماعي، عندَّما تقلّصت ثروته التجارية عام 2014، وتحديدًا عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم على البحر الأسود وأعلنت منطقتان في أوكرانيا الشرقية- دونيتسك ولوهانسك- استقلالها عن كييف.

بعض رجال الأعمال في العالم يُدركون أنَّ ثرواتهم مجرد أرقام شبه «خاوية»، إذا لم تُوضع في مكانها الصحيح، إذ كان أبرزهم بيل غيتس، الذي تبرع بمعظم ثروته تقدر بمليارات الدولارات للمؤسسات الخيرية، وأيضًا رجل الأعمال الأمريكي وارين بافيت، الذي تعهد بالتبرع بكل ثروته للمؤسسات الخيرية عند وفاته وغيرهم كُثر.

الرسالة هنا لرجال الأعمال المصريين وليس للمهندس نجيب ساويرس فقط..

ماذا ستُقدمون للمستشفيات المِصرية والمؤسسات التعليمية والخيرية والقرى الأكثر فقرًا؟

هل ستأخذون عبرةً ودرسًا من رجل الأعمال الأوكراني، الذي تعهد ببناء مدينة بأكملها؟

أم تظلّون على عهدكم برفع الأسعار وتخزين السلع وتسريح العمالة عندَّ حدوث أي أزمة أو عندَّ تحريك الدولار لجنيه أو اثنين؟.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى