أراء ومقالاتالموقع

عمر النجار يكتب لـ«الموقع» لا تلوموا مستريح أسوان.. ولكن لوموا أنفسكم

«قتلهم طمعهم» هذا المثل أو الحكمة الدارجة في المُجتمعات تنطبقُ بالتفصيل على مُزارعي قرى مركز إدفو الذين تَسارعوا على بيع ماشيتهم بضعف ثمنها لـ شخصية «مُريبة» دخلت مؤخرًا إلى عالم النصب والشهير باسم، مصطفى البنك، وهو بدلاً من أنْ يَتلقى منهم أمولاً مُقابل توظيفها مثلما فعل سابقوه، إلا أنّهُ اختار فكرةً جديدة تُمكنه في الحصول على أموال المُتباكين على حالهم بعدما رأوه يتهرب من سداد أموالهم.

«مستريح أسوان»، كان لديه من الخبرة والحنكة الشديدة ما ساعده على الاستيلاء على أموال المواطنين من قرى مركز «إدفو» وهو كونه يَرفض الحصول على أموال نقدية لأنه يُريد فقط الحصول على الماشية حتى يَبيعها هو بنفسه، الأمر الذي طمأن المُزارعين لِيتسارعوا عليه طمعًا في الثراء الفاحش، وهم لا يَعلمون أنَّ هذا الشخص يُحضر لهم «كمينًا» شيطانيًا.

هذا الشخص الذي أطلق على نفسه اسم الشهرة «مصطفى البنك» تعلّم من سابقيه الدرس في مَسألة النصب وهوَ لم يُطالبهم بأموال ليُوظفها في تجارة أي شيء لأنه يَعلم علم اليقين أنَّ المُواطنين لن يُعطوه شيئًا، لذلك ابتكر شيئًا حديثُا في النصب وهيَّ استلام الماشية لكونه قادرٌ على توظيف هذه التجارة حسب أقواله لهم، وفي الوقت نفسه سوف يبيع لهم هذه الماشية بسعر أكثر من ثمنها الحقيقي.

هنا لا يجب أن نلومَّ شخصًا لديه من الفكر والدهاء استطاع أنْ يخدع الكثير من الأهالي في قريته لِلحصول على أموالهم في شكل تجارة «الماشية»، ولكن يجب أنْ نلومَّ المُزارع الذي قام بتمزيق ثيابه في مركز إدفو عندما علم أنَّ هذا الشخص نصاب حقيقي وتمَّ إلقاء القبض عليه..

لكونه وغيره من الذين أعطوه «ماشيتهم» لم يَتعلموا الدرسَ الحقيقي من عمليات النصب والاحتيال، التي تمَّ ضبطها في الكثير من المُحافظات، التي نسمع عنها يوميًا سواء في البرامج التليفزيونية أو نقرأ عنها في المواقع الإخبارية.

هذه قصة حقيقية ليست من وحي الخيال أو الشعوذة تُقدم لكتاب ومُخرجي السينما والدراما على «طبقٍ من فضة» وهم ليسوا في حاجة لأنْ يَقوموا بتأليف قصة درامية.. وذلك لأن المُجتمع المِصري عَودهم على الدراما الحقيقية الذين يُريدون كتابتها وإخراجها بشكل احترافي.

هؤلاء المُزارعون الذين تمَّ النصب عليهم في شكل جديد من أشكال النصب والاحتيال سيكونون أكثرَ الناسٍ مُشاهدة لهذا العمل الدرامي بل وسيُطالبون أقاربهم وأصدقائهم وجيرانهم بأن يُشاهدوا هذا العمل الدرامي الذي صنعوه بأيديهم، وليس من وحي وأفكار الكتاب والمُخرجين، الذينَ عادة ما يتفقُ معهم الجمهور والبعض الآخر لا يَتفق.

وفي اعتقادي أنَّ هذا العمل الدرامي سيُصنف من أعلى المُشاهدات الدرامية، لكونه حدثٌ حقيقي كتب بأيادي المُزارعين المِصريين، الذين لجأوا إلى كتابة أعمالهم السينمائية بأيديهم وقامَ بتمثيلها وإخراجها المُمثلون الحقيقيون الذين يُريدون مُشاهدتهم في التليفزيون والسينما..

وحتى يَكون هذا العمل ناجحًا أكثر وتكون نسب مُشاهداته أعلى، يجب أن من يُمثل دور مُستريح أسوان الشهير بـ مصطفى البنك، أنْ يكون ممثلاً حقيقيًا من الصف الأول يَستطيع أنْ يُؤدي دوره الذي أوهم هؤلاء المُزارعين بتوجيهات آل البيت وحبه وتدينه الشديد لآل البيت.. ونجمٌ آخر من الذي قام بتمزيق ثيابه وهو يبكي بكاءً شديدًا على من أوهمه على الذهاب بقدميه إلى مستريح أسوان.

مُصطفى البنك لم يَكن مُتعلمًا لعلوم الاقتصاد والبيزنس التي تتغنى بها الجامعات الخاصة من افتتاحٍ قسم جديد لعلوم الإدارة والبيزنس إلا أنهُ كان دارسًا حقيقيًا لعلوم ضعاف النفوس الذين يُريدون الثراء الفاحش في «غمضة عين».. ودارسًا أيضًا لسوق الاقتصاد المِصري بأنَّ البنوك تُعطي حاليًا فائدة 18% على الأموال وهيَّ من أعلى النسب..

وكونه إذا طالبهم بأموال نقدية حتى يتم توظيفها ويُعطي لهم نسبة أعلى من البنك فمن المؤكد أنه سيفشل فشلاَ ذريعًا، لذلك ذكائه الشديد مَكنه من أنْ يَدرسَ السوق الاقتصادي الذي يَعيشُ فيه، من أنَّ الدخول في تجارة الماشية ستجلب لهُ ما يُريد تحقيقه من نصبٍ واحتيال.

لذلك في نهاية القول، أنه يجب على كل شخص أنْ يكونَ طموحًا وليس طماعًا وأن يبنيَّ هذا الطموح بتخطيط واقعي ملموس مبني على قدراته وجهوده وكفاءته حتى لا يَقع فريسة سهلة لكل نصاب مُحترف.

اقرأ ايضا للكاتب

عمر النجار يكتب لـ«الموقع» من يستحق النقد أعمالك المحلية يا «هواري» .. أم إنجازات صلاح العالمية؟!

عمر النجار يكتب لـ«الموقع» عن كريم الهواري .. تصالح بالشاي والياسمين.. وتجاوز حق المجتمع

عمر النجار يكتب لـ«الموقع» عن «واقعة الأهرامات» .. تُشعل فتيل الزيادة السكانية غير المتعلمة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى