أراء ومقالاتالموقع

عمر النجار يكتب لـ«الموقع» عن كريم الهواري .. تصالح بالشاي والياسمين.. وتجاوز حق المجتمع

حتى الآن نسمع عن انعقاد المجالس العرفية التي تهدفُ في المقام الأول إلى ضبط المَسار الأخلاقي وإرساء ثقافة التصالح والتسامح، التي نجحت بشكل كبير في الفصل بين مُشاجرات العنف لا سيما في الريف والصعيد والمناطق الشعبية بالمدن.

وهذه المجالس العرفية تُسهم في حل بعض المشكلات الخاصة بالعنف والتشاجر، بينما في أحيان أخرى يلجأ أصحاب الخصومات الخاصة بالقتل إلى ساحات المحاكم، وهذا ما حدث بالفعل مع ضحايا كريم الهواري ابن رجل الأعمال المعروف الذين لجأوا إلى القضاء.. لنتفاجأ بعد فترةٍ وجيزة بأن أسر الضحايا تنازلوا عن مسار إجراءات التقاضي بسبب التصالح بين الطرفين والد «كريم الهواري» وأسر الضحايا.

السر هنا يَكمن في أنَّ هذه القضية خضعت إلى مبدأ التصالح عن طريق «الدية» وهذا جائز في الشرع ولا حرج في ذلك، لأن التصالح تم بدفع مبلغ مالي لأسر الضحايا بسبب القتل الخطأ من والد كريم الهواري، كما أنه يجوز في الشرع أيضًا التصالح على «الدية» وأكثر منها في القتل العمد.

لذلك أنَّ ما حدث مع أسر الضحايا يُعد أمرًا جائزًا ولا خلاف عليه، لكن ما يُطالب به المُجتمع هو مُحاسبة ابن رجل الأعمال كريم الهواري، على السرعة الجنونية التي جاءت نتيجة تأثره بتعاطي المواد المخدرة..

وأنَّ هذا مطلب جائز والهدف منه هو تحذير الآخرين من الامتناع عن كل هذه الجرائم سواء قيادة سيارة بسرعة جنونية أو تعاطي مواد مخدرة، وتوعية كل من يُفكر في السرعة الجنونية بأنه إذا تم التصالح في حقوق الأفراد فإنه لا يُمكن أنْ يَتصالح مع حق المجتمع.

البعض يَتهاون بحق المجتمع الذي هُو في المقام الأول أولى من حق من تسببَّ له أذى من شخصٍ ما يقود سيارة بسرعة جنونية.. لأنَّ حق المُجتمع يُحذر كل من تُسول له نفسه وتحديدًا من أصحاب رؤوس الأموال بأن التحايل على القانون لصالحه من خلال دفع أموال لأسر الضحايا يتنافى مع حق المجتمع الأصيل حتى لا يتكرر نفس الخطأ مع أشخاصٍ آخرين.

جريمة كريم الهواري، في حق المجتمع لم تكن تكلفتها مادية فقط في دفع دية كبيرة لأسر الضحايا وإنما هيَّ مجموعة من الآثار السلبية المدمرة على النواحي الإنسانية والاجتماعية لكافة فئات المجتمع في تراكم الغضب لديهم بأنَّ هذا الشخص فلَّت من العقاب بسبب أمواله الطائلة.

حق المجتمع يَتمثل في الخسائر القادمة التي تأتي من الشخص الذي فلّت من العقاب بسبب أمواله واستغلالها في مكانها غير الصحيح، لذلك فإن الحل الأمثل في جريمة كريم الهواري هو مُحاكمته على سرعته الجنونية التي جاءت تحت تعاطي مواد مخدرة ثمَّ ترويع أمن المجتمع، وذلك لعدم تكرار مثل هذه الحوادث مرةً أخرى.

اقرأ ايضا للكاتب : 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى